شيّع المئات من أنصار حركة «حماس» جثمان أحد قادة «كتائب القسام»، الذراع العسكرية للحركة، عيسى البطران الى مثواه الأخير، في وقت هددت «كتائب القسام» بالثأر له. واسشتهد البطران وأصيب ثمانية مواطنين آخرين على الأقل، من بينهم عدد من الأطفال، في أعقاب سلسلة غارات شنتها طائرات حربية اسرائيلية على أهداف مدنية في قطاع غزة فجر أمس. وقال المدير العام للإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة في غزة الدكتور معاوية حسنين إن الطواقم الطبية عثرت على جثمان البطران الذي استشهد في غارة استهدفت موقعاً لقوات الأمن الوطني في مخيم البريج للاجئين وسط القطاع. وأضاف أن ثمانية مواطنين، من بينهم أطفال، أصيبوا بجروح متفاوتة في غارة اخرى استهدفت مقراً أمنياً تابعاً لجهاز الأمن والحماية في وزارة الداخلية في الحكومة المقالة في مهبط الطيران في مقر أنصار الأمني غرب مدينة غزة، بعد دقائق من انتهاء وجبة تدريبية لعشرات العناصر الأمنية. ونجا البطران في السابق من محاولات عدة لاغتياله، ففي احدى الغارات على منزله خلال الحرب الأخيرة على غزة، استشهدت زوجته منال (35 سنة) وخمسة من أطفاله هم إسلام (14 سنة)، والتوأمان إحسان وإيمان (11 سنة)، وبلال (8 سنوات)، وعز الدين (5 سنوات). وكانت طائرات حربية اسرائيلية أطلقت صواريخ عدة على أهداف مدنية متنوعة في قطاع غزة، استهدف أولها نفقاً شرق معبر رفح، والثاني قطعة أرض خالية قرب مطحنة الإيمان في مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع من دون وقوع إصابات، اضافة الى غارتي البريج وأنصار. وجاء القصف بعد ساعات على سقوط صاروخ «غراد» في مدينة المجدل عسقلان (اشكلون) أطلقه صباح أمس مسلحون مجهولون من القطاع. كما جاءت الغارات بعد ساعات على توجيه مندوبة إسرائيل الدائمة لدى الأممالمتحدة غفريئيلا شاليف رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون احتجاجاً على سقوط الصاروخ من نوع «غراد». وقالت شاليف في رسالتها إن إسرائيل تعتبر هذه الهجمات الصاروخية «استفزازات خطيرة تشكل تحذيراً من تهريب الأسلحة إلى غزة، وتهديداً لسلام وأمن مواطني دولة إسرائيل». وأضافت أن «إسرائيل تحتفظ بحقها في الدفاع عن مواطنيها، وتواصل اتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان أمنهم». الكتائب تتوعد بالثأر وتوعدت «كتائب القسام» بالثأر لاستشهاد البطران، وقالت على موقعها الإلكتروني: «هذه الحماقة لن تمر مرور الكرام، ونعاهد الشهداء أن نثأر لدمائهم الطاهرة، وأن نبقى على طريق ذات الشوكة حتى يتحقق لنا النصر المؤزر بإذن الله». في الوقت نفسه، رأت حركة «حماس» في التصعيد الإسرائيلي نتيجة طبيعية لقرار لجنة المتابعة العربية بقبول المفاوضات المباشرة مع اسرائيل أثناء اجتماعها في مقر الجامعة العربية في القاهرة الخميس الماضي. واعتبر الناطق باسم «حماس» سامي أبو زهري أن «التصعيد الذي نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي نتيجة طبيعية للقرار العربي بقبول المفاوضات»، مضيفاً ان «هذا التصعيد مقصود لجهة التوقيت، فهو رد فعل من ناحية مرتبط بالقرار العربي، ويهدف إلى تشويش حال الهدوء والاستقرار على ساحة قطاع غزة، وخلق حال من الارتباك». وشكك في ادعاء اسرائيل بإطلاق صاروخ «غراد» من قطاع غزة، مشدداً على أن «التصعيد الإسرائيلي لن يفلح في تحقيق أهدافه في كسر إرادة الشعب الفلسطيني». وقال إن «شعبنا يواجه هذه الجرائم وهذا التصعيد بحال من الصمود والمواجهة، وعلى الوزراء العرب الذين أعطوا قرار التفاوض مع الاحتلال، أن يتحملوا المسؤولية عن هذا التصعيد الذي يجرى بغطاء من القرار العربي». وطالب المجتمع الدولي بأن «يتحمل مسؤولياته أيضاً إزاء هذا العدوان الذي أدى إلى سقوط شهيد وعدد من الإصابات في صفوف المواطنين». واعتبر القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» خالد البطش أن التصعيد الإسرائيلي «تفسير صهيوني حقيقي للتفويض العربي باستئناف المفاوضات المباشرة مع الاحتلال». وقال في حديث لإذاعة «صوت القدس» في غزة أمس إن «العدوان الصهيوني لم يتوقف وإنما يأخذ أشكالاً مختلفة، تارة في وتيرة مرتفعة وتارة في وتيرة منخفضة، فما حصل اليوم يفسر الفهم الحقيقي ل (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتانياهو و(وزير خارجيته أفيغدور) ليبرمان للقرار العربي الأخير القاضي باستئناف المفاوضات المباشرة». وأضاف أن «لجنة المتابعة العربية أعطت الاحتلال كامل الصلاحية لاستمرار العدوان على الشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن الاحتلال لا يفهم العودة إلى المفاوضات المباشرة إلا بالعودة إلى عمليات القتل، واستمرار ضرب الأهداف المدنية وغير المدنية الفلسطينية». وحذر من أن الأيام القادمة «ستشهد مزيداً من التصعيد الصهيوني، سواء كان جواً أو من خلال الاجتياحات البرية في مناطق قطاع غزة، أو بتنفيذ المزيد من مخططات التهويد ضد الأراضي الفلسطينية في القدسالمحتلة والنقب وغيرها من الأراضي المحتلة».