تتسارع الاتصالات داخل كل من قوى 14 آذار والمعارضة من أجل استكمال تأليف اللوائح الانتخابية في نهاية هذا الأسبوع خصوصاً في دائرة زحلة باعتبارها واحدة من «أمهات المعارك» الى جانب مثيلاتها في بعبدا - المتن الجنوبي والمتن الشمالي في ترجيح لمن ستكون الغلبة في البرلمان الجديد، على رغم أن كل التقديرات الأولية للنتائج تتوقع عدم حصول أي من الفريقين على غالبية ساحقة أو أقلية مسحوقة ما يعطي للكتلة النيابية الوسطية دوراً في ضبط ايقاع قواعد اللعبة في السلطة التشريعية. وعلمت «الحياة» أن الاتصالات بين القيادات الرئيسة في 14 آذار قطعت شوطاً على طريق التحضيرات الجارية لاعلان اللائحة بعد غد الأحد المقبل في زحلة بشخص رئيسها النائب نقولا فتوش. وبحسب المعلومات، فإن اللائحة ستضم اضافة الى فتوش المرشح الكاثوليكي الثاني طوني أبو خاطر والماروني الوزير ايلي ماروني والسني النائب عاصم عراجي والأرثوذكسي جوزف صعب المعلوف والشيعي عقاب صقر، الا اذا طرأت تطورات في اللحظة الأخيرة قبل ولادة اللائحة وأدت الى إعادة خلط الأوراق، على رغم أن النائب السابق محسن دلول أعلن فشل المفاوضات مع النائب سعد الحريري، والأرمني ناريك ابراهميان مع أن اسمه خاضع للتغيير وسيحسم أمره في الساعات المقبلة. سكاف ودلول وفي المقابل، يتريث رئيس «الكتلة الشعبية» الوزير ايلي سكاف في الاعلان عن لائحته مع أن أسماء معظم مرشحيها أصبحت معروفة باستثناء المرشح السني. ويعود تريث سكاف الى عوامل عدة أبرزها أنه ينتظر أن يبادر خصومه الى الاعلان عن لائحتهم ليكون في وسعه اختيار المرشح السني على رغم أن هناك من ينصحه بصرف النظر عن ضم سني الى لائحته بذريعة أنه يتجنب بذلك استفزاز الشارع السني الذي يدين بغالبيته المطلقة بالولاء لرئيس كتلة «المستقبل» النيابية سعد الحريري اضافة الى خفض درجة الاستنفار في هذا الشارع بما يؤدي الى تراجع نسبة الاقبال ولو بعدد متواضع. لكن من يواكب سكاف عن كثب يستبعد أن يكون الأخير في وارد اتخاذ قرار بعدم ضم المرشح السني الى لائحته وإنما يتوخى الحذر ليختار بهدوء واحداً من المرشحين سواء من عائلة عراجي أم الميس بعد أن يضمن أنه قادر على حمايته من جهة وعدم السماح للفريق الآخر وخصوصاً النائب الحريري من سحبه أثناء الإعداد لاعلان اللائحة وبالتالي قطع الطريق على من يراهن على خرق صفوفه. والى أن يحدد سكاف الموعد النهائي لاعلان لائحته، لم تحسم الماكينة الانتخابية الداعمة للمعارضة أمرها في شأن الخيارين المطروحين عليها: الأول احتمال مشاركة رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون في رعاية ولادتها جنباً الى جنب مع سكاف، والثاني استبعاد حضوره خوفاً من ردود الفعل لا سيما لدى القاعدة الانتخابية الزحلية التي تتعامل مع سكاف على أنه زعيمها الأوحد وأن لا مصلحة باستحضار عون الى زحلة والتعاطي معه كحليف من دون النظر اليه كقائد للمعارضة في عاصمة البقاع. لذلك قرر سكاف مبدئياً التعاون مع المرشح الكاثوليكي الثاني الأمين العام السابق لوزارة الخارجية السفير فؤاد الترك مع استبعاد احتمال تغييره انطلاقاً من التزامه المبدئي بترشيحه على لائحته، اضافة الى مرشح «التيار الوطني الحر» النائب الحالي عن الموارنة سليم عون والنائب الشيعي حسن يعقوب، والآخر الأرثوذكسي كميل معلوف والأرمني جورج قصارجي. إلا أن اكتمال النصاب في شأن المرشحين على لائحتي الأكثرية والمعارضة لا يعني أن المنافسة ستقتصر عليهما، وإنما ستكون هناك لائحة ثالثة غير مكتملة بدأ التحضير لاعلانها ربما في مطلع الأسبوع المقبل. وفي هذا السياق علمت «الحياة» أن دلول الذي لم يتبلغ من النائب الحريري موقفه النهائي من التعاون معه على رغم مرور أكثر من 48 ساعة على اللقاء الذي جمعهما في قريطم، بدأ يتحضر بالتعاون مع عدد من المرشحين لتأليف لائحة ثالثة غير مكتملة. ويسعى دلول بحسب أوساط مقربة منه، للتعاون مع مرشحين يدورون في فلك قوى 14 آذار باعتبار أن تحالفهم معه سيؤدي الى التأثير سلباً على لائحة الأكثرية لأن الاقتراع لهم سيحجب الأصوات عن اللائحة المنافسة للائحة سكاف. كما أن هذه اللائحة في حال تيسرت ولادتها بالسرعة القصوى ستعتمد الخطاب السياسي الذي يقدمها للرأي العام على أنها أقرب الى 14 آذار من المعارضة. وهذا ما يفسر حصر الاتصالات بالمرشحين الماروني بول شربل والكاثوليكي ماجدة بريدي رزق والأرثوذكسي موسى فريجي، مع استبعاد ضم أي مرشح سني الى اللائحة لعدم استفزاز الشارع السني، إضافة الى صرف النظر عن تبني أي مرشح كاثوليكي آخر لتجنب اثارة حفيظة الشارع الكاثوليكي في زحلة. وتصب المشاورات التي بدأت لتأليف اللائحة باتجاه استبعاد التعاون مع مرشح أرمني، فيما يستمر النائب السابق خليل الهراوي في ترشحه منفرداً عن المقعد الماروني إلا إذا نجحت القيادات الرئيسة في الأكثرية في اقناعه بالعزوف عن خوض المعركة وهي بدأت اتصالاتها التي شملت أيضاً المرشح الماروني بول شربل. الأشرفية أما في بيروت الأولى (الأشرفية) وبالنسبة الى حل عقدة المرشح الأرمني الكاثوليكي بين «القوات اللبنانية» والجمعيات والأحزاب الأرمنية المنتمية الى 14 آذار، والذي لا يزال يؤخر اعلان اللائحة في هذه الدائرة، علمت «الحياة» أن الاتصالات بين القيادات الرئيسة في الأكثرية لم تنقطع من أجل ايجاد حل لهذه العقدة، على قاعدة أن الاختلاف ممنوع بين «القوات» و «تيار المستقبل» وحلفائهما في الساحة الأرمنية. وفيما رجحت مصادر مواكبة للاتصالات احتمال التوصل الى انفراج في الساعات المقبلة يمكن أن يحمل مفاجأة من شأنها أن تنهي السجال الذي أخذ يتطور بين المرشح لهذا المقعد النائب سيرج طور سركيسيان ومنافسه مرشح «القوات» ريتشارد قيومجيان، قالت مصادر أخرى إن لا شيء نهائياً حتى الساعة، مؤكدة أن هذا لا يعني أن الاختلاف سيقود الى استحضار تجربة جزين الى بيروت الأولى وإنما هذه المرة بين الأطراف الرئيسة في الأكثرية. ونفت المصادر نفسها أن يكون قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع في وارد أن يقتبس من عون تجربته مع حليفيه في جزين رئيس المجلس النيابي نبيه بري و «حزب الله» اللذين خاضا معه مفاوضات ماراثونية لم يفلحا من خلالها في اقناعه بالتحالف مع النائب سمير عازار. ولفتت الى أن جعجع «لا يتوخى الاستقواء على حلفائه أسوة بما فعله عون أو أن تكون لديه نية للدخول في مواجهة معهم حتى لو اضطره الأمر الى خوض الانتخابات في بيروت الأولى منفرداً بواسطة مرشحه قيومجيان». كسروان وبالنسبة الى مصير الاتصالات الجارية بين الأكثرية والمستقلين لتأليف اللائحة المنافسة للائحة العماد عون في كسروان، أكدت معلومات موثوقة ل «الحياة» أن ما يعيق تأليفها يكمن في حسم الخيارات المطروحة، سواء بالنسبة الى ترك المقعد الخامس فيها شاغراً، أم اختيار عميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس ادة لهذا المقعد، أم أحد الأخوين من آل أبو شرف جوزف أو مارون أو النائب السابق كميل زيادة من «حركة التجدد الديموقراطي» بعد عزوف رئيسها الوزير نسيب لحود عن الترشح واستبعاد النائب مصباح الأحدب عن لائحة الائتلاف في طرابلس المدعومة من النائب الحريري ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي. والى أن يتوصل أصحاب القرار في كسروان الى حسم العقدة المتعلقة بالمرشح الماروني الخامس، فإن نواة اللائحة تضم حتى الآن منصور غانم ألبون وفارس بويز وفريد هيكل الخازن والكتائبي سجعان قزي. وبخصوص بيروت الثالثة، تستعد المعارضة للاعلان عن لائحتها بعد غد الأحد، وهي ستنافس لائحة «المستقبل» بزعامة النائب الحريري. وعلمت «الحياة» أن الاتصالات ناشطة لاقناع الوزير السابق بشارة مرهج بالانسحاب لمصلحة المرشح النائب السابق نجاح واكيم بعد أن توصلت في السابق الى اقناع المرشح الشيعي النائب السابق ناصر قنديل بالانسحاب لمصلحة المرشح رفيق نصرالله. يذكر أن لائحة المعارضة في بيروت الثالثة تعتمد بشكل أساسي على الناخب الشيعي أكان منتمياً الى «حزب الله» أم حركة «أمل» وعلى أصوات المسيحيين للحصول على أعلى نسبة من أصواتهم في مواجهة لائحة الحريري التي تحظى بتأييد واسع في الشارع السني. وتركز المعارضة على حصد الغالبية من أصوات الشيعة والمسيحيين بغية تمرير رسالة بأن لائحتها هي الأقوى بخلاف لائحة «المستقبل» ذات النفوذ الأقوى ومن دون منافسة في الشارع السني. وبكلام آخر تراهن المعارضة على تنظيم حملة انتخابية تتطلع من خلالها الى تسجيل رقم انتخابي من شأنه أن يؤسس للانتخابات المستقبلية، على رغم أنها تدرك أن المنافسة لن تكون متقاربة وأن الفوز مضمون للائحة «المستقبل».