سجّلت مداخيل العائلات الأميركية عامي 2014 و2015 الارتفاع الأكبر منذ العام 1999، واستعادت ثلثي قيمتها مقارنة بالفترة التي سبقت الركود الكبير بين عامين 2007 و2009، وفقاً لدراسة أجرتها «جامعة كاليفورنيا بيركلي». وأشارت الدراسة إلى أن «معدل دخل 99 في المئة من الأميركيين ارتفع 3.9 في المئة عام 2014، و4.7 في المئة عام 2015، ولكن الولاياتالمتحدة ما زالت تعاني من اتساع الهوة في المداخيل بين الأثرياء وبقية السكان، إذ جنى 1 في المئة من السكان المصنفين في خانة الأعلى دخلاً 7.7 في المئة بين 2014 و2015، كما حصل الواحد في المئة الأكثر ثراء على 52 في المئة من إجمالي مدخول الشعب الأميركي بين عامي 2009 و2015». واعتمدت الدراسة على بيانات مصلحة إدارة الضرائب، وحسابات قامت بها الجامعة، إذ أن بيانات الضرائب تصدر بعد سنتين على موعدها. وأظهرت بيانات الضرائب أن ال10 في المئة الأكثر ثراء جنوا نسبة قياسية من إجمالي المداخيل الأميركية بلغت 50.6 في المئة عام 2012، إلا أن حصتهم انخفضت إلى 48.6 في المئة عام 2013، بعدما أقرّ الكونغرس زيادات على ضريبة الدخل للعائلات التي تجني أكثر من ربع مليون دولار سنوياً. ولكن تصاعدية الضريبة التي فرضتها الحكومة عام 2013، لم تخفف من الفجوة بين ما يجنيه 10 في المئة من الأميركيين الأكثر ثراء، مقارنة ب90 في المئة من السكان المتبقين، فمداخيل الأثرياء عادت وارتفعت مع حلول عام 2014 لتصل إلى 50 في المئة من إجمالي المدخول القومي، و50.5 في المئة العام الماضي. وعزا خبراء ظاهرة انخفاض مداخيل الأثرياء عام 2013 إلى تلاعبهم ببياناتهم الضريبية، وإدراج مداخيلهم لعام 2013 تحت عام 2012، وهو أمر ممكن بحسب النظام الأميركي، للتهرب من النسبة الضريبية التي ارتفعت ذلك العام. ولكن نسبة ما يجنيه أغنياء الولاياتالمتحدة من المدخول العام عادت إلى طبيعتها مع حلول عام 2014، ما يعني أن الزيادة الضريبية التي فرضها الكونغرس على الأثرياء لم تؤثر في الفجوة الكبيرة بين ال10 في المئة الأكثر ثراء، وال90 في المئة من السكان، على صعيد المداخيل. وقدمت الدراسة جداول مثيرة للاهتمام أظهرت معدلات مداخيل الفئات الأميركية المختلفة، وظهر في إحدى الجداول أن معدل مدخول الأميركيين بين عام 1993، أي مع بداية حكم الرئيس السابق بيل كلينتون، وعام 2015، بلغت 25.7 في المئة، كما أن نسبة الزيادة في مداخيل الواحد في المئة الأكثر ثراء بلغت 94.5 في المئة، فيما ارتفعت مداخيل 99 في المئة من الأميركيين 14.3 في المئة خلال الفترة ذاتها. ويظهر ذلك أن الأميركيين عاشوا بحبوحة خلال عهد كلينتون، تراجعت في عهد بوش، وتراجعت أكثر في عهد أوباما. ويُرجح أن ترتفع بسبب الأداء الاقتصادي الجيد هذا العام وعلى مدى العامين الماضيين، لكن حتى من دون احتساب العام الحالي، من الواضح أن مدخول غالبية الأميركيين ارتفع بنسبة أكبر في عهد أوباما مقارنة بعهد بوش، على رغم أن الاقتصاد في زمن بوش كان أكثر نشاطاً، ما يشي بأن لسياسات الحكومة الفيديرالية تأثير في سُبل توزيع المداخيل بين الأميركيين، وفي الحد من الهوة بين مداخيل الأغنياء والفقراء، وهي فجوة تعاني منها أميركا واقتصادات العالم كله، بما فيها أوروبا والاقتصادات النامية في شرق آسيا وجنوبها، وتصدى لها عدد من خبراء الاقتصاد، في طليعتهم الفرنسي توماس بيكيتي. ويبدو أن علاج هذه المشكلة ممكن، ولكن يحتاج إلى رصيد سياسي شعبي لتجاوز النفوذ الذي يشتريه أصحاب رؤوس الأموال حتى يزدادوا ثراء.