خاض إيكر كاسياس أفضل وأنجح مشاركة مونديالية له من بين مشاركاته الثلاث في نهائيات كأس العالم، إذ ظهر في قمة نضجه وتألقه وهو يحمل شارة القيادة مدافعاً عن عرين إسبانيا في عرس القارة السمراء، لينهي دورة جنوب افريقيا بمعانقة اللقب العالمي والظفر بجائزة القفاز الذهبي. وعلى رغم أن كل المؤشرات كانت تصب في اتجاه بداية مثالية أمام سويسرا في المباراة الافتتاحية التي بسط فيها أبناء أيبيريا سيطرة مطلقة، إلا أن الإسبان سقطوا بشكل مفاجئ في كمين الداهية أوتمار هيتسفيلد وخرجوا من لقائهم بخفي حنين بعد هزيمة لم يكن يتوقعها حتى أشد المتشائمين. وسرعان ما تعالت بعدها أصوات التشكيك والانتقاد محملة المسؤولية لحارس المرمى الذي اتُهم بفقدان التركيز في اللحظات الحاسمة. لكن إيكر لم يكلف نفسه عناء الرد عبر عدسات الكاميرا والميكرفون، مفضلاً تلقين درس في الاحترام والصبر لكل من سولت له نفسه التطاول عليه والتشكيك في سمعته، إذ أكد جدارته بالدفاع عن عرين «لاروخا» من خلال أدائه فوق أرضية الملعب والذي تصاعد من حسن إلى أحسن مع مرور المباريات إلى أن بلغ درجة الامتياز والتفوق في مسك ختام أول مونديال تستضيفه القارة السمراء، إذ لم تتجاوز الكرة خط مرماه إلا في مناسبة وحيدة منذ هزيمة البداية عندما تلقت الشباك الإسبانية هدفاً تشيلياً مباغتاً من كرة مرتدة ارتطمت بأحد المدافعين وتحول اتجاهها إلى داخل المرمى. وشارك كاسياس قائد المنتخب الإسباني وحارسه الأمين، بشكل حاسم في قيادة أبطال أوروبا لبلوغ نهائي أم البطولات، ومن ثم التربع على العرش العالمي لأول مرة في تاريخ البلاد، إذ لعب قائد ريال مدريد دوراً محورياً في تأهل منتخب بلاده إلى المربع الذهبي على حساب باراغواي عندما نجح في صد ركلة جزاء من تنفيذ أوسكار كاردوزو قبل أن يبعد كرتين خطرتين في حالتي انفراد خلال آخر أنفاس اللقاء. ثم عاد للتألق في الدفاع عن عرينه خلال موقعة نصف النهائي أمام العملاق الألماني، إذ كان بالمرصاد لقذيفتي تروشوفسكي وكروس. كان ابن ال 29 حاسماً في إنجاح مسيرة «لاروخا» خلال سعيها لبلوغ اللقب الموعود بفضل انتصارات تاريخية، وإن كانت خمسة منها بفارق هدف يتيم. وفي ثالث ظهور له بأم البطولات، أظهر إيكر قمة نضجه الكروي في الأوقات العسيرة إذ عرف كيف يحافظ على برودة أعصابه وهدوء زملائه فوق أرضية الملعب. وكان القائد نموذجاً للاحترافية ورباطة الجأش وقوة الشخصية خصوصاً عندما أنقذ مرماه من هدفين شبه محققين بعدما وجد نفسه وجهاً لوجه مع آريين روبين في موقعة النهائي الكبير. ولم يُخفِ إيكر سعادته العارمة بهذه الجائزة القيمة التي تُضاف إلى تربع منتخب بلاده على العرش المونديالي، حيث قال عقب المباراة وهو يحمل بين يديه لقب كأس العالم، إن الفوز بالقفاز الذهبي يُعتبر «شرفاً عظيماً ومصدر سعادة وسرور. إن مثل هذه الجوائز هو ما يحلم اللاعبون بتحقيقه. والآن يجب الاحتفال بهذا اللقب بعدما تحقق بجهد جهيد». كاسياس تحدث أيضاً عن مسيرته في نهائيات 2010 بتواضع قل نظيره، وهو الذي خاض أربع مباريات متتالية دون أن تتلقى شباكه أي هدف على الإطلاق إذ علق قائلاً: «نحن موجودون هنا لهذا الغرض بالذات، هذا هو العمل الذي يجب أن يضطلع به الحراس، أي تفادي الأهداف كلما أمكن ذلك. إن الأمر يتعلق بعمل جماعي إلى جانب باقي أعضاء خط الدفاع بطبيعة الحال. وبالتالي فإن هذه الجائزة ملك للجميع. أنا سعيد للغاية، فقد كانت ليلة رائعة حقاً». ولم يُخف القائد مشاعره الفياضة في ختام حديثه لموقع «الفيفا» الالكتروني، إذ أجهش بالبكاء قبل وأثناء وبعد معانقة كأس العالم إذ رصدت الكاميرات وهو يذرف دموع الفرحة مباشرة عقب هدف الخلاص الذي سجله أندريس إنييستا: «إنه حلم يراود أي لاعب منذ نعومة أظافره، إذ شاهدنا منتخبات: البرازيل، فرنسا، وإيطاليا وهي ترفع اللقب عالياً. إنه مشهد يتكرر في ألعاب الفيديو وفي برامج التلفزيون وفي كل مكان، لكنك لا تتخيل أبداً كيف سيكون الأمر عندما يحين وقتك. ما زلت لا أصدق ما حصل».