تتجه الأنظار مساء غد (الأربعاء) إلى ملعب «بارك أولمبيك ليونيه» في ليون الذي يحتضن المباراة الأولى في الدور نصف النهائي من كأس أوروبا 2016 المقامة في فرنسا حتى الأحد المقبل، وتجمع المنتخب البرتغالي الذي اعتاد التواجد في هذه المرحلة المتقدمة ونظيره الويلزي الذي فرض نفسه نجم النهائيات. ويأمل المنتخب البرتغالي مواصلة زحفه بكل ما للكلمة من معنى لأن وصوله إلى دور الأربعة للمرة الرابعة في النسخ الخمس الأخيرة والخامسة من أصل سبع مشاركات لم يكن «سلساً» على الإطلاق على رغم أن طريقه لم تكن شائكة كثيراً. ووصل كريستيانو رونالدو ورفاقه إلى هذه المرحلة من البطولة بعد أن تخطوا الدور الأول بثلاثة تعادلات ثم اصطدموا بكرواتيا في الدور الثاني واحتاجوا إلى هدف من ريكاردو كواريزما في الدقيقة (117) من الوقت الإضافي لكي يخرجوا فائزين في مباراة كان المنافس الطرف الأفضل فيها. وحجز «برازيليو أوروبا» مقعدهم في دور الأربعة عبر ركلات الترجيح بتخطيهم بولندا (5-3) بعد تعادل الطرفين (1-1) في الوقتين الأصلي والإضافي في لقاء كانت الأفضلية فيه لروبرت ليفاندوفسكي ورفاقه قبل أن يدخل الشاب ريناتو سانشيز على الخط وينقذ فريق المدرب فرناندو سانتوس. وغالباً ما يقال إن الفرق التي «تزحف» في البطولات الكبرى تواصل طريقها حتى الفوز باللقب، لكن المنتخب الويلزي سيحاول جاهداً الوقوف في وجه البرتغال وحرمانها من الوصول إلى النهائي للمرة الثانية في تاريخها بعد العام 2004 حين خسرت أمام اليونان (صفر-1) على أرضها. *ويلز ترفع لواء بريطانيا ويرفع المنتخب الويلزي المتواضع لواء بريطانيا التي دخلت إلى هذه النهائيات بأربعة ممثلين لها على رأسهم بالطبع إنكلترا إضافة إلى جمهورية إرلندا وإرلندا الشمالية وويلز، ولكن فريق المدرب كريس كولمان بقي وحيداً في المعركة بعد ما فرض نفسه نجم البطولة بامتياز وفي المشاركة الأولى له على الإطلاق. واستحق منتخب «ذي دراغونز» تواجده في دور الأربعة في المشاركة الكبرى الأولى له منذ مونديال 1958 حين وصل إلى الدور ربع النهائي في اختباره الكبير الأول والأخير، إذ تصدر مجموعته الثانية أمام العملاق الإنكليزي بالذات ثم تخطى جاره الإرلندي الشمالي (1-صفر) في الدور الثاني، قبل أن يحقق المفاجأة الكبرى بإقصائه بلجيكا من الدور ربع النهائي بالفوز عليها (3-1). وتتجه الأنظار في مباراة ليون إلى المواجهة بين كريستيانو رونالدو وزميله في ريال مدريد الإسباني غاريث بايل الذي ارتقى إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه ولعب دوراً أساسياً في وصول ويلز إلى هذه المرحلة، في حين لم يقدم «سي آر 7» المستوى المأمول منه، بل لعب كواريزما وريناتو سانشيز دور المنقذين، فيما اكتفى أفضل لاعب في العالم ثلاث مرات بالثنائية التي سجلها في الجولة الأخيرة من الدور الأول ضد المجر (3-3). «في بعض لحظات المباراة، على الجميع أن يتولى مسؤولية القائد»، هذا ما قاله مدرب البرتغال فرناندو سانتوس بعد الفوز على بولندا في الدور ربع النهائي بركلات الترجيح. ومن المؤكد أن سانتوس نفسه لعب دوراً هاماً في وصول بلاده إلى هذه المرحلة بعد ما زرع روح الوحدة في الفريق وهو الذي درب المنتخب اليوناني، المثال الذي يحتذى به عندما يتحدث المرء عن «الزحف» لأنه توج بلقب 2004 حين كان بقيادة المدرب الألماني أوتو ريهاغل بعد أن أنهى الدور الأول بفوز ضئيل على البرتغال بالذات (2-1) ثم تعادل مع إسبانيا (1-1) وخسر أمام روسيا (1-2) قبل أن يتخطى فرنسا في الدور ربع النهائي بهدف وحيد وتشيخيا في نصف النهائي بهدف في الشوط الإضافي الأول ثم البرتغال مجدداً في النهائي بهدف إنغيلوس خاريستياس. واعترف حارس البرتغال السابق فيتور بايا بأن «الانتقادات وجهت للمنتخب البرتغالي لأنه لم يقدم كرة جميلة وهذا صحيح لأنه لم يلعب بالأسلوب المغري الذي كان يقدمه في الفترة الأخيرة لكنه (الأسلوب) كان فعالاً ويجب أن نشعر بالفخر لأننا نرى الآن فريقاً» موحداً لا يعتمد على نجومية لاعب مثل رونالدو. وواصل في صحيفة «ريكورد» الرياضية البرتغالية: «بإمكاننا حتى أن نرى بأن رونالدو أصبح يعتمد على الآخرين وليس العكس». *الجمالية أو الفوز باللقب؟ ويأمل المنتخب البرتغالي من دون شك أن يرتقي جميع اللاعبين إلى مستوى التحدي الذي ينتظرهم الأربعاء بغض النظر عن هوية اللاعب الذي سيقود بلاده إلى المباراة النهائية إن كان رونالدو أو ريناتو سانشيز أو كواريزما الذي شكر مدربه سانتوس على الثقة التي منحه إياها، قائلاً: «يستحق احترامي إلى الأبد. إنه من المدربين القلائل الذين منحنوني الثقة التي احتاجها». وحدد سانتوس أولوياته بوضوح من دون الاكتراث بالانتقادات، قائلاً: «هل أأريد أن نلعب بطريقة جميلة؟ نعم. لكن بين اللعب بطريقة جميلة والعودة إلى وطننا أو اللعب بطريقة بشعة والبقاء هنا، فأنا أفضل أن نلعب بطريقة بشعة». وستكون المواجهة بين البرتغال وويلز الأولى على صعيد البطولات، لكنهما تواجها ودياً في ثلاث مناسبات وأولها يعود إلى العام 1949 حين فازت الأولى (3-2) ثم خسرت بعدها بعامين (1-2) قبل أن تعود وتفوز (3-صفر) في المواجهة الأخيرة بينهما في حزيران (يونيو) 2000. ومن المؤكد أن المواجهة الرابعة بين الطرفين ستكون الأهم على الإطلاق وسيكون الفوز فيها في متناول الفريقين لأن تاريخ البرتغال لن يشفع لها كثيراً أمام منتخب ويلزي منظم ومندفع وطامح بأن يصبح أول منتخب بريطاني يصل إلى نهائي بطولة كبرى منذ 50 عاماً وتحديداً منذ فوز إنكلترا بلقبها الأول والأخير وكان في كأس العالم 1966 على أرضها. «نحن نعرف ما قدموه في هذه البطولة. لقد شاهدنا جميع مبارياتهم على التلفزيون»، هذا ما قاله بايل عن المنتخب البرتغال، مضيفاً «إنهم فريق خطير ووجوده في نصف النهائي لم يأت من فراغ». وواصل بايل الذي سجل ثلاثة أهداف في الدور الأول وكان سبباً في هدف تأهل بلاده إلى ربع النهائي، لأنه كان خلف الكرة التي حولها غاريث ماكاولي بالخطأ في مرمى إرلندا الشمالية: «حتى وإن لم يحققوا الانتصارات، فهم حققوا النتائج التي يجتاجونها. سنقوم بدراسة الخصم كالعادة ونأمل أن نقدم أداء رائعاً آخر وصناعة التاريخ». وتخوض ويلز اللقاء بغياب لاعبين مؤثرين بشخص آرون رامسي وبن ديفيس بسبب الإيقاف، وقد يلجأ المدرب كريس كولمان إلى جوني وليامز لسد فراغ الأول في خط الوسط، لكن عليه إعادة ترتيب خط الخلفي بسبب غياب الثاني من خلال نقل كريس غانتر من مركز الظهير-الجناح الأيمن إلى قلب الدفاع، تاركاً المجال أمام جاز ريتشاردز ليخوض مباراته الأولى أساسياً في هذه البطولة. أما من الناحية البرتغالية، فسيغيب لاعب الوسط المحوري وليام كارفاليو بسبب الإيقاف ومن المرجح أن يعوضه دانيلو، كما أن مشاركة جواو موتينيو وأندري غوميز في الوسط مؤكدة بعد تعافيهما من الإصابة.