المقبل على الحياة هو رجل يحمل كيس «فصفص» ومجموعة صحف ومجلات وكوباً من الشاي، وهو يزمع مراجعة إدارة حكومية من ذوات «السروات»، وبالمناسبة: لماذا يقال الدوائر الحكومية؟ ولم نسمع عن شيء اسمه الدوائر التجارية، الصناعية، او «القطاع خاصية»، هل لدوران الانسان بينها، او بداخلها علاقة بالمسمى؟ هل الاخت الشقيقة للسياسات العربية المدعوة الدوران في حلقة مفرغة لها علاقة بالأمر؟ هل نحتاج الى تدخل نحوي؟ ام هل ننسى الموضوع؟ نعود لصاحبنا التحفة النادرة في هذا الزمن، فهو عادة يرد على اي اجراء ورقي في زمن الانترنت بمقولة: «ما يخالف»، وعلى كلمة «راجعنا بكرة» بقوله: باكر قريب، وعند اكتشاف فقدان معاملته يبتسم هامسا «أمر الله من سعة». المدبر ليس عكسه تماماً، لكنه النوع المفضل للقطاع الصحي الخاص، فهو يرهق اعصابه، ويرتفع لديه ضغط الدم، ونسبة السكري، وهو غالباً يهرم بسرعة، وتنعكس نفسيته المعكرة في اروقة بعض الجهات على نفسه ومنزله، وربما عمله الذي يخدم فيه الناس من موقع آخر. صديقي المقبل على الحياة رجل لا يقول: «لا» لزوجته اللا ممدودة جداً «لاااااااااا» كناية عن تعاطفه واحساسه بمشكلة ان درجة لون الفستان اختلفت في المنزل عنها في المحل لاختلاف الاضاءة، وعلى رغم تحذيره لها، الا انه يظل ذلك الحكيم الذي لا يستهلك وقته وصحته في ما يعرف يقيناً انه لن يتغير. أما صديقكم المدبر فهو من يرد في الحالة نفسها بقوله: «احسن تستاهلين» فهو وان سلم في لحظتها فقد نسي او تناسى ان احكم الحاكمين الذي يصف مكره في كتابه الكريم بأنه «خير الماكرين، قال فيهن: (إن كيدهن عظيم). المقبل على الحياة انسان يحاول تصديق تصاريح الجهات الصحية والتعليمية، وينتظر بهدوء تنفيذ الصرف الصحي في مدينة جدة، ويرى ان حل المساهمات المتعثرة مسألة وقت، وهو لا يجد غضاضة في ان يتولى المسؤول الحكومي رئاسة مجلس ادارة شركة مساهمة تتنافس مع اخرى او اخريات، رؤساء مجالس ادارتها ليسوا مسؤولين حكوميين، بينما المدبر يظل يكتب للصحف، وفي المنتديات، ويرسل الرسائل للقنوات الفضائية، ويذهب الى المحكمة «عمال على بطال». الاول يتكيف مع اساليب القيادة والمرور، والثاني يتذمر باستمرار، ويطالب بأن يكون النظام صارماً بحيث يصبح مواطنوه يقودون سياراتهم مثلما يفعلون في دول مجاورة، وأخيراً... فإن المقبل يتهيأ جسمانياً ونفسياً ان يكون في يوم الجمعة سائقاً حمالاً صامتاً دافعاً للمال منساقاً الى مطاعم تنتظر ساعتين حتى تجد طاولة «مخشوشة» تأكل عليها لمدة 20 دقيقة، والمدبر من يعتقد ان هذا إجازة و«تبطح».