على رغم أكيد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان أن إيران فشلت في التدخل لتشكيل الحكومة العراقية، وان عدم تشكيلها مسألة داخلية بين العراقيين أنفسهم ( راجع ص 3)، إلا أن هناك مؤشرات إلى بوادر نجاح طهران في تقريب مواقف الأطراف الشيعية، عززت صدقيتها أنباء، عن قرب إعلان انتهاء التقارب بين ائتلافي رئيس الوزراء نوري المالكي وإياد علاوي . وفي مقابل اقرار الأطراف الشيعية العراقية التي تدعمها ايران بعدم السماح بخروج منصب رئيس الحكومة من «التحالف الوطني» الهش، فإن الولاياتالمتحدة تترك مهمة موازنة هذا التوجه لتركيا ودول عربية تواصل دعم «القائمة العراقية». وأشارت مصادر مطلعة على توجهات علاوي إلى أنه يعترف ضمناً بصعوبة اختياره لتشكيل الحكومة، على رغم إصراره على اعتبار ذلك حقاً دستورياً أكدته نتائج الانتخابات الأخيرة. ولفتت إلى أن «العراقية» لن تقدم تنازلات من أجل الحصول على منصبي رئاسي البرلمان والجمهورية، ويمكن أن تتنازل عن كلا المنصبين مقابل حصولها على«الثلث المعطل» داخل مجلس الوزراء، وعلى دور مركزي في المنظومة الأمنية. يذكر أن «الثلث المعطل» مصطلح برز خلال أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية حين طالبت المعارضة بحق الفيتو على القرارات. ومن أصل 35 وزارة في الحكومة العراقية الجديدة، تسعى قائمة علاوي إلى الحصول على 15 حقيبة مع تغيير في النظام الداخلي لمجلس الوزراء يمكنهم من نقض أي قرار. وتشير المصادر إلى أن آليات اتخاذ القرار الأمني داخل مجلس الوزراء قد تقترن بشروط، بينها أن يكون الوزراء الأمنيون بين المصوتين على القرار. لكن كل تلك الأنباء عن «الثلث المعطل» ل«القائمة العراقية» في الحكومة الجديدة لن يقدر لها رؤية النور من دون اتفاق نهائي يضطر خلاله «التحالف الوطني» إلى تقديم تنازلات في آليات اتخاذ القرار في مقابل منصب رئيس الوزراء. وينص الدستور العراقي على أن السلطة التنفيذية تتكون من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، وعلى أن الحكومة متضامنة مسؤولة أمام البرلمان. وفي المقابل يعتبر رئيس مجلس الوزراء المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، والقائد العام للقوات المسلحة يدير المجلس ويرأس اجتماعاته وله الحق باقالة الوزراء، بموافقة البرلمان. وتؤكد بعض الأنباء أن نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن سيعود إلى العراق خلال الأيام المقبلة، لمواجهة التأثير الايراني في مفاوضات تشكيل الحكومة. وكانت أنباء أفادت أن زيارته الاخيرة لبغداد كرست تقارب علاوي والمالكي كاستراتيجية أميركية هدفها تقويض النفوذ الايراني في من جهة، وتكريس الحرب على الارهاب من جهة أخرى. وشدد فيلتمان على أن واشنطن «لا تسمي أسماء (لرئاسة الحكومة) وليس لديها فيتو». وأشار الى أن ايران: «فشلت في فرض نفسها على عملية تشكيل الحكومة». وقال إن تأخير تشكيلها سببه «الحسابات العراقية وليس التدخل الايراني.» واعتبرت أطراف في «الائتلاف الوطني» الذي يتكون من «تيار الصدر» و«المجلس الاسلامي الاعلى»، لقاءات علاوي - المالكي وسيلة ضغط يستخدمها الأخير لإجبار حلفائه على القبول به لولاية جديدة. لكن مصادر أخرى أكدت أن المالكي أبدى جدية كافية في المضي في التهديد بخيار اقتسام السلطة مع علاوي الذي يؤكد بدوره أن طهران تضع خطاً أحمر على توليه رئاسة الحكومة. وكانت وفود تمثل المالكي والحكيم وتيار الصدر توجهت خلال الأيام الأخيرة إلى قم وطهران، في تحرك يذكر باليوم الأول لاعلان نتائج الانتخابات عندما غادر الزعماء الشيعة والأكراد الى طهران، ما أثار حفيظة الاطراف العراقية الأخرى. واضافة الى البصمة الأميركية على معظم القرارات العراقية التي اتخذت منذ عام 2003، فإن البصمة الايرانية لم تكن غائبة، لكن طهران كرست منذ ذلك الحين نفوذها . وعلى رغم أن دعماً معنوياً كبيراً ستحوزه القيادة الايرانية في حال نجحت في فرض رؤيتها على لتشكيل الحكومة، في نطاق صراعها الدولي مع الولاياتالمتحدة، لا يرجح أن ترضخ الأخيرة بسهولة لطبخة ايرانية كاملة وستسعى الى عرقلتها في صراع ارادات يعيق تشكيل الحكومة، أو ستحاول على الاقل تقاسم النفوذ داخل الادارة العراقية.