اعترف البيت الأبيض ومجلس الاحتياط الفيديرالي (المصرف المركزي)، ومحللون اقتصاديون المستقلون خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، على ازدياد مؤشرات تباطؤ وتيرة انتعاش الاقتصاد الأميركي بصورة دراماتيكية، ما من شأنه أن يهدد المكاسب الضخمة والقياسية التي حققتها مبيعات النفط الخام السعودي والخليجي عموماً في السوق الأميركية في الشهور القليلة الماضية. وتعرضت صادرت النفط الخام السعودية إلى أميركا لصدمات قاسية بفعل الركود الاقتصادي فانخفضت إلى 750 ألف برميل يومياً في آب (أغسطس) الماضي في مقابل 1.5 مليون برميل في 2008. لكن انتعاش الاقتصاد الأميركي الذي بدأ في الفصل الثالث من 2009 قفز بها فوق حاجز المليون برميل بحلول آذار (مارس) الماضي ثم إلى مليون وربع المليون برميل في نيسان (أبريل) وحافظت على مستواها الأخير في أيار (مايو). وفيما أرجعت وزارة الطاقة الأميركية سبب صدمات الصادرات السعودية جزئياً إلى انخفاض استهلاك الوقود في السوق الأميركية بما يزيد على 800 ألف برميل يومياً السنة الماضية، ربطت التحول التدريجي لكن المفاجئ في مبيعات الخام السعودية، بتباطؤ معدل انخفاض الطلب الأميركي على الوقود إلى 20 ألف برميل يومياً خلال الفصل الأول من السنة الحالية، ومن ثم ارتفاع الاستهلاك المحلي بنحو نصف مليون برميل يومياً في الفصل الثاني. ولم يتأخر البيت الأبيض عن التذكير بالجهود التي بذلها لمكافحة الركود، فأكدت رئيسة مجلس الاستشاريين الاقتصاديين كريستينا رومر أمام اللجنة الاقتصادية المشتركة في الكونغرس الأربعاء الماضي أن برنامج الإنفاق الحكومي الذي وقعه الرئيس باراك أوباما في شباط (فبراير) 2009 «أحدث تحولاً دراماتيكياً في مسار الاقتصاد الأميركي، مساهماً بزيادة معدل نمو الناتج المحلي الحقيقي بما بين 2.7 و3.2 نقطة مئوية في الفصل الثاني من السنة الحالية». ولفتت رومر إلى أن برنامج الإنقاذ الاقتصادي الذي بلغ حجم تمويله 787 بليون دولار خصص 320 بليوناً للإنفاق على مشاريع استثمارية يتوقع أن تكون ساهمت في تأمين أو إنقاذ 600 ألف فرصة عمل في الفصل الأول من السنة وما يزيد على 800 ألف وظيفة في الفصل الثاني، مشيرة إلى أن عدد فرص العمل المعنية سيرتفع إلى نحو ثلاثة ملايين وظيفة نهاية 2012. ومن بين المشاريع الاستثمارية التي بلغ عددها 14 ألفاً حظيت الطاقة النظيفة بالنصيب الأكبر في التمويل وطموحات التشغيل بعدما بلغت حصتها 95 بليون دولار، ويؤمل أن تساهم في تأمين أو إنقاذ 800 وظيفة، وتوزعت مخصصات الاستثمار وفرص العمل المحتملة بتفاوت كبير على مشاريع رأس المال البشري والبنية التحتية للمواصلات والخدمات الصحية والأبنية والحفاظ على البيئة. لكن رومر اعترفت ب»ضخامة هوامش الخطأ» في توقعات مجلس الاستشاريين الاقتصاديين للبيت الأبيض، مشددة على أن الاقتصاد الأميركي يحتاج إلى مزيد من الدعم لضمان تحقق الآمال المعقودة على برنامج الإنقاذ الاقتصادي. وأعلن أعضاء لجنة السياسة النقدية عن مخاوف مماثلة مؤكدين، بحسب محضر اجتماعهم الأخير الذي نشره مجلس الاحتياط الأربعاء، «حاجة اللجنة إلى النظر في تأمين مزيد من إجراءات الحفز في حال ازدادت آفاق الاقتصاد الأميركي سوءاً». ولم يتردد صندوق النقد الدولي في الإفصاح عما وصفه الأسبوع الماضي توقعات «أكثر تشاؤماً من الإدارة الأميركية» في شأن وتائر النمو ومستويات البطالة في الولاياتالمتحدة في السنوات الست المقبلة. ونتيجةً لتوقع نموٍ بمعدل 3.3 في المئة هذه السنة ثم ينخفض إلى 2.9 و2.6 في المئة طول الفترة الباقية، استبعد احتمال تحقيق مكاسب كبيرة وسريعة على صعيد البطالة التي ينخفض مؤشرها إلى 6.3 في المئة في 2015 في مقابل 9.7 في المئة في 2010. إلا أن مؤشرات عن ثقة المستهلك (الإنفاق الاستهلاكي) ونمو الوظائف ومستويات الثقة لدى المديرين التنفيذيين صدرت قبل يومين دفعت كبير الاقتصاديين في مؤسسة البحوث الاقتصادية العالمية «كونفرنس بورد» ومحللين واقتصاديين، إلى إعادة النظر، وخفض توقعاتهم لإنفاق الاقتصاد الأميركي بصورة دراماتيكية.