ينطلق اليوم اللقاء التمهيدي للقمة الثقافية العربية بدعوة من مؤسسة الفكر العربي التي يرأسها الأمير خالد الفيصل، صاحب فكرة الندوة والمبادر الى عقدها بالتعاون مع الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى ومؤسسات اخرى. ويلقي الأمير الفيصل في حفلة الافتتاح في فندق لورويال كلمة يعرّف فيها بالقمة وأهدافها. «الحياة» التقت الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور سليمان عبدالمنعم مستوضحة اياه أبعاد هذا اللقاء والمنهجية المعتمدة فيه، اضافة الى أمور ثقافية أخرى. يقول عبدالمنعم ردّاً على سؤال حول تعدد الانتماءات الثقافية العربية في اللقاء «إننا واعون بأن هذا اللقاء التحضيري ينجح بقدر نجاحه في استيعاب كل التيارات الفكرية والانتماءات الثقافية في العالم العربي. وهذا جزء من منهج عملنا في «مؤسسة الفكر العربي» سواء في مؤتمر «فكر» السنوي أم في التقرير العربي للتنمية الثقافية أم في غير ذلك من الأنشطة. إننا نحرص على تمثيل كل التيارات والانتماءات، وأستحضر هنا التعبير البليغ لرئيس المؤسسة الأمير خالد الفيصل أننا نهيئ الزمان والمكان لكل أصحاب الرؤى والأفكار في العالم العربي لكي يقدموا ما لديهم لأجل النهوض بقضايا الأمة. وهذا اللقاء التحضيري للقمة الثقافية العربية يجمع بالفعل كل أطياف الثقافة العربية من مفكرين وأدباء وشعراء ومسرحيين وإعلاميين وأكاديميين، كما أنه يضم ممثلين لمؤسسات ثقافية رسمية مثل رؤساء المجالس الوطنية للثقافة في بعض البلدان العربية، وممثلين لجمعيات أهلية معنية بالقضايا الثقافية، وأعضاء من مجامع لغوية عربية. ورئيس اتحاد الكتاب والأدباء العرب ورئيس اتحاد الناشرين العرب وأمين عام الهيئة العربية للمسرح، وبصفة عامة كان حرصنا كبيراً على أن يكون المشاركون في هذا اللقاء معبرين عن تيار الفكر الثقافي العربي، والفاعلين في حركة العمل الثقافي لنجمع بذلك بين شقي النظير والحركة في الحياة الثقافية العربية. لن نستطع للأسف لأسباب لوجيستية أن ندعو كل المفكرين والمبدعين العرب وهم كثر بطبيعة الحال. كنا نتمنى ذلك لكن عدد المشاركين الذي وصل إلى 120 مشاركاً يبدو معقولاً على أية حال. وقد يكون هناك اختلاف وتناقض بين الاتجاهات الثقافية المشاركة وهذا أمر واقع لا يزعجنا في شيء، بل ربما كان منطقياً وصحياً أن يتسع هذا اللقاء التحضيري ليشمل كل التيارات الفكرية في العالم العربي. فمن التناقضات تولد الحقائق الجديدة أحياناً. وعلى أية حال فمؤسسة الفكر العربي هي مؤسسة مستقلة غير منحازة لتيار ما أو توجه معين». ونسأل الدكتور سليمان إن كانت ثمة مشاركة لبعض المثقفين العرب الذين اختاروا النهج اليساري فيجيب: «لو راجعت قائمة المشاركين ستجد بالتأكيد أسماء مثقفين ينتمون لكل التيارات السياسية في العالم العربي بما فيها اليسار، لكن نحن لم نوجه الدعوة بناء على هذه الانتماءات أو التصنيفات السياسية. الدعوة وجهت بتنسيق مع الإخوة في الجامعة العربية والمنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة «ألكسو» إلى عدد كبير من المفكرين والمثقفين العرب تجاوز المئة وعشرين.. منهم من اعتذر لارتباط مسبق خاص به مثل الدكتور جابر عصفور والدكتور جابر الأنصاري أو لظروف صحية مثل الأستاذ سيد ياسين الذي أرسل لنا على رغم تغيبه ورقة عمل لعرضها على اللقاء، لكن سيحضر من مصر مثلاً الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، وجميل مطر، ومن الجزائر واسيني الأعرج وإنعام بيوض إذا أردت أن تعتبرهم ممثلين لتيار ما». أجندة ثقافية وعن هدف هذه القمة التي تبدو أول مؤتمر عربي ثقافي شامل يقول: «هذا لقاء تحضيري على طريق إعداد أجندة تُعرض على القمة الثقافية العربية التي من المتوقع ان تعقد في النصف الثاني من العام المقبل 2011. وانطلقت فكرة هذه القمة من بيروت حين دعا المشاركون في مؤتمر حركة التأليف والنشر... كتاب يصدر أمة تتقدم الذي نظمته مؤسسة الفكر العربي في تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي إلى عقد قمة ثقافية عربية تناقش ما أثير في المؤتمر من قضايا إضافة إلى التحديات الثقافية الأخرى التي يواجهها العالم العربي. وقد فوض المؤتمرون الأمير خالد الفيصل رئيس المؤسسة في توجيه رسالة إلى السيد أمين عام الجامعة العربية بطلب عقد مثل هذه القمة الثقافية على غرار القمة الاقتصادية العربية التي عقدت في الكويت العام الماضي. وقد استجاب السيد أمين عام الجامعة العربية إلى مبادرة سمو رئيس المؤسسة مؤكداً أهميتها ووجه الدعوة لعقد لقاء تشاوري في مصر والجامعة بالقاهرة حضره الأمير خالد الفيصل وعدد من المفكرين والمثقفين العرب. وتم الاتفاق على أن يعهد الى «مؤسسة الفكر العربي» والألكسو بعقد لقاءات تحضيرية للقمة تحت مظلة الجامعة العربية. ثم توجت هذه اللقاءات والمشاورات بإعلان سرت إثر القمة العربية الأخيرة في ليبيا حيث تضمن البند 14 من الإعلان التوجيه لعقد قمة ثقافية عربية. والهدف من القمة في ما أتصور ينطوي على شقين: شق يمثل الرؤية الرسمية للقمة وما يجب أن تصدره من قرارات أو توصيات، وهذه مهمة الجامعة العربية ووزارات الثقافة بطبيعة الحال. أما الشق الثاني فهو يمثل رؤية المجتمع الأهلي والمثقفين والمبدعين العرب. وهذه هي المهمة التي تسعى مؤسسة الفكر العربي بالتنسيق مع المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة «ألكسو» وغيرها من المؤسسات للتصدي لها من خلال عقد مثل هذا اللقاء التحضيري الذي يشارك فيه المجتمع الأهلي الثقافي ورموز الفكر والإبداع في العالم العربي. تحديات وتوصيات أما الهدف من اللقاء فهو بلورة رؤية وصياغة مجموعة توصيات محددة حول أهم التحديات والتطلعات الثقافية التي يمكن حال التوافق عليها طرحها ضمن أجندة القمة الثقافية. مثل قضايا أزمة اللغة العربية، وضعف المحتوى الرقمي العربي على شبكة الإنترنت، واقتراح إقامة سوق ثقافية عربية، ودعم الإبداع وحماية الملكية الفكرية، والترجمة، وحماية التراث، وحوار الثقافات، ورعاية ثقافة الطفل والشباب. هذه هي عناوين القضايا المقترحة، أما كيف ستكون أساليب معالجتها أو تقديمها في صورة مبادرات ومشروعات فهذا أمر متروك لرؤى وتصورات المشاركين في اللقاء. بمعنى أننا نطرح القضايا - وقد تم ذلك بالمناسبة - من خلال استطلاع رأي نحو 250 مفكراً ومثقفاً عربياً ونترك كيفية معالجتها لهذه النخبة المشاركة من شتى حقول المعرفة والثقافة والإبداع». ونسأل الدكتور عبدالمنعم: هل ستنظمون هذا اللقاء على غرار المؤتمرات العادية أم هناك منهجية عمل أخرى تناسب الهدف من اللقاء؟ فيجيب: «نحن نؤمن في الواقع بمنهج التركيز على الأولويات ونسعى إلى تعميق النقاش حول قضايا محددة بعيداً من المعالجات العامة والفضفاضة ولهذا فقد حرصنا في تنظيم هذا اللقاء على أمرين: أولاً: أعددنا ملفاً متكاملاً للمشاركين يتضمن قسماً خاصاً باستطلاع الرأي الذي اجريناه بالتنسيق مع الإلكسو وأجاب عليه ما يقرب من 250 مثقفاً عربياً وقام فريق عمل من داخل مؤسسة الفكر العربي بتحليل نتائج هذا الاستطلاع وإعداد عدة أوراق عمل موجزة حول القضايا التي يشملها استطلاع الرأي. كما جهزنا للمشاركين ملفاً إعلامياً يتضمن مسحاً لكل ما كتب في الصحف العربية حول مبادرة القمة الثقافية سواء بالتأييد أو الاعتراض أو التحفظ، وأعددنا دراسة بأسباب التأييد والاعتراض أو التحفظ. ثم أعددنا أيضاً ملفاً توثيقياً بكل التوصيات التي صدرت عن القمم العربية في مجالات الثقافة والمعرفة. وبعض مشروعات التطوير الثقافي التي قامت بها بعض المؤسسات العربية. وهنا أود الإشارة إلى أننا اكتشفنا أن الجامعة العربية قد سبق لها أن تصدت للكثير من القضايا الثقافية الكبرى بتوصيات ومبادرات. وهذا أمر لا يخلو من دلالة إذ معناه أننا في العالم العربي نعيد اختراع العجلة وندور حول القضايا ذاتها من دون محاولة اختراقها أو وضعها على قضبان الحركة. ثانياً: اتبعنا منهجية تشكيل لجان عمل فرعية منبثقة عن اللقاء. بحيث يكون على كل لجنة عمل قوامها نحو عشرين مشاركاً أن تناقش إحدى القضايا الثقافية التي شملها استطلاع الرأي. فهناك لجنة للغة العربية، ولجنة للإبداع والملكية الفكرية، ولجنة المحتوى الرقمي العربي... وهكذا سيبدأ اللقاء بجلسة عامة افتتاحية يتحدث فيها رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل ووزير الثقافة اللبناني وممثل الأمين العام للجامعة العربية ومدير عام الألكسو. وستبدأ اللجان الفرعية في العمل من صباح اليوم التالي. وفي نهاية الجلسات الفرعية سوف تقترح كل لجنة مجموعة توصيات تعرض في نهاية اللقاء على الجلسة الختامية.