عشية انعقاد اجتماع لجنة الإدارة والعدل النيابية المقرر اليوم للبحث في اقتراح القانون المقدم من رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط وعدد من النواب الأعضاء في اللقاء في شأن الحقوق الإنسانية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، توصل النواب في «قوى 14 آذار» المنتمون الى «تيار المستقبل» برئاسة رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري وحزب «القوات اللبنانية» بزعامة سمير جعجع وزملاؤهم من المستقلين من إنجاز اقتراح قانون مماثل يسعى رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة الى تسويقه لدى رئيس حزب «الكتائب» الرئيس أمين الجميل الذي يلتقيه اليوم في محاولة قد تكون الأخيرة لإزالة تحفظاته عنه. كذلك يلتقي السنيورة لاحقاً كلا من وزير العمل بطرس حرب ورئيس حزب «الوطنيين الأحرار» دوري شمعون في الاطار نفسه. وتأتي خطوة النواب الأعضاء في قوى 14 آذار لتلاقي نواب اللقاء الديموقراطي في منتصف الطريق علهم ينجحون في التأسيس لأول محاولة لبنانية جدية لملامسة الحقوق الإنسانية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين منذ لجوئهم الى لبنان بعد نكبة العام 1948. وتكمن أهمية الخطوة التي أقدم عليها جنبلاط ومن ثم نواب 14 آذار في توصلهم الى صياغة نهائية لاقتراح القانون الرامي الى منح الفلسطينيين حقوقهم الإنسانية والاجتماعية (نص الاقتراح ص 7) في ان الطرفين نجحا في تخطي الحواجز المذهبية والطائفية التي حالت في السابق دون إدراج هذه الحقوق على جدول أعمال المؤسسات الدستورية في لبنان وتحديداً المجلس النيابي لتفادي الانقسام العامودي بين المسلمين والمسيحيين. ويجسد الاقتراح شراكة مسيحية - إسلامية في الدفاع عنه. كما ان أهمية الخطوة تكمن في خلق المناخ السياسي المواتي للبحث في الحقوق الإنسانية والاجتماعية للفلسطينيين على خلفية تثبيت هويتهم الفلسطينية كلاجئين يقيمون بصورة موقتة في لبنان وينتظرون من المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لإلزامها تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 194 الذي ينص على حق عودتهم الى ديارهم وبالتالي رفض توطينهم في لبنان الذي هو موضع إجماع بين اللبنانيين على رغم ان البعض يحاول استحضاره من حين الى آخر من باب المزايدة السياسية والانتخابية. لذلك فإن هناك فرصة قائمة لدمج اقتراحي القانون في اقتراح واحد يمكن ان يسهل مناقشته في لجنة الإدارة والعدل خصوصاً أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان أدرج اقتراح اللقاء الديموقراطي على جدول أعمال الجلسة التشريعية الأخيرة للبرلمان لكنه أوقف النقاش في شأنه نظراً لتصاعد حدة النقاش بين النواب، ما أنذر بعودة مشهد الانقسام على أساس مذهبي وطائفي الى القاعة الرئيسة للجلسات. لكن بري الذي قرر تجميد البحث فيه الى حين خلق المناخ المناسب لمعاودة مناقشته، لن يتخلى عن إعادة طرحه وربما في الجلسة التشريعية المقررة الخميس الجاري في حال توصلت لجنة الإدارة والعدل الى اتفاق على قواسم مشتركة تضغط باتجاه سحب كل التحفظات خصوصاً من حزب الكتائب الذي يتواصل السنيورة مع رئيسه لغياب نوابه عن اجتماعات 14 آذار التي خصصت لوضع اقتراح القانون، وأيضاً من «التيار الوطني الحر» الذي كان أبلغ عضو كتلة «المستقبل» النائب نهاد المشنوق في زيارته للعماد ميشال عون عدم معارضته منح حق العمل للاجئين الفلسطينيين. يضاف الى ذلك تواصل بري المستمر مع «حزب الله» الذي يشجع على السير في اقتراح القانون لكنه يراعي في الوقت ذاته موقف حليفه العماد عون، بخلاف موقف جنبلاط المؤيد للحقوق الإنسانية والاجتماعية بحسب ما نقل عنه المشنوق مع تريثه في البحث في حق تملك الفلسطينيين الى حين الانتهاء من إعادة النظر في قانون التملك من خلال اقتراح قانون تقدم به تكتل «التغيير والإصلاح» يدرس الآن في لجنة الإدارة والعدل. ويلحظ اقتراح القانون الذي وضعه النواب في 14 آذار والمؤلف من 6 بنود استفادة اللاجئين الفلسطينيين من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتعويضات العائلية انطلاقاً من أن إقرار مثل هذه التقديمات لا يرتب على خزينة الدولة اللبنانية أو الصناديق المعنية بها أي أعباء مالية إضافية. إضافة الى أنه يجيز للفلسطينيين من حاملي الأوراق الثبوتية الصادرة عن المديرية السياسية لشؤون اللاجئين في وزارة الداخلية والبلديات الحق في تلقي علومهم في الجامعة اللبنانية من دون أن يأخذ ذلك من درب اللبنانيين باعتبار ان نظام الجامعة ينص على استقبال عشرة في المئة من غير اللبنانيين في كلياتها وبالتالي يمكن ان تعطى الأفضلية للفلسطينيين في هذا المجال. كما ان اقتراح القانون يرفض المقايضة بين الحقوق الإنسانية للاجئين وبين جمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات الذي أجمع عليه مؤتمر الحوار الأول برعاية بري في آذار (مارس) 2006 وهو موضع بحث مع القيادة السورية لما لها من دور فاعل يساعد على تطبيقه. واعتبرت مصادر من قوى 14 آذار ان لمنح الحقوق الإنسانية للفلسطينيين دوراً استيعابياً في محاصرة بؤر التوتر في المخيمات من ناحية وفي الالتفاف على بعض المجموعات الفلسطينية المتشددة التي أخذت تشكل خطراً على الاستقرار العام في لبنان، مشيرة الى أهمية إقرارها في تنفيس أجواء الاحتقان السائدة في المخيمات وتعزيز العلاقة مع جوارها خصوصاً في جنوب لبنان.