السلطات الفرنسية وهيئات كرة القدم مصممة على إبداء الحزم لحماية المباريات الجارية في اطار دورة «يورو 2016» بعد أعمال العنف التي وقعت في نهاية الأسبوع الماضي خلال المباراة بين فريقي انكلترا وروسيا، والتي شوّهت صورة الدورة. وقد استُجوب 116 شخصاً في إطار التحقيقات، طُرد ثلاثة منهم واعتبر خمسة آخرون خطرين على الأمن ومنعوا من دخول فرنسا. وتحرّك الإتحاد الأوروبي لكرة القدم ملوّحاً بطرد إنكلترا وروسيا من البطولة، واتخاذ عقوبات رادعة تنسحب على استحقاقات مقبلة. وأمس، أعلن مدعي عام مرسيليا بريس روبان، قبيل بدء محاكمة 10 متورطين (6 بريطانيين و3 فرنسيين وأسترالي) متهمين باللجوء إلى العنف المنطوي على حمل سلاح (حكم على بريطانيين منهم بالسجن أسابيع عدة)، أن مجموعة من الروس تدرّبوا على الإشتباكات وشاركوا في أسوأ موجة من أعمال العنف الجماهيري. وكان جرح 35 شخصاً غالبيتهم من الإنكليز، خلال ثلاثة أيام من الاشتباكات. وقال روبان: «هناك 150 مشجعاً روسياً هم من المشاغبين، أُعدوا للقيام بأعمال بالغة السرعة والعنف». وبرر عدم اعتقال أي منهم إلى «حملهم صواعق جعلت من الصعب إلقاء القبض عليهم، وتراجَع حالياً تسجيلات كاميرا المراقبة المنصوبة في المكان»، جازماً بأن النيابة العامة ستكون صارمة جداً بحق المذنبين وستطلب حبسهم، ومنع الفرنسيين من دخول الملاعب، وحظر التراب الوطني على الأجانب المتورّطين، معرباً عن ثقته في «استعداد بريطانياوروسيا للتعاون» في التحقيق، لافتاً إلى أن ما حصل «نوع من حرب عصابات يصعب مراقبتها». وكشف روبان أن المجموعات المثيرة للشغب أحبطت مراقبة الشرطة بتفاديها الوصول إلى مرسيليا عبر الطائرات، وزاد: «روسيان فقط طلب منهما المحافظ الإقليمي مغادرة الأراضي الفرنسية لارتكابهما جرائم أقل خطورة». وأوضح أن المواجهات والانتهاكات في مرفأ مرسيليا القديم توّرط فيها روس وإنكليز وفرنسيون، لكن الجرحى ال35 بريطانيون، أحدهم جروحه خطيرة وحالته حرجة بسبب تلقيه ضربات بقصيب حديد على رأسه. وفي انكلترا، وجهت انتقادات إلى عمل الشرطة الفرنسية. وقال جوف بيرسون خبير المشجعين المتطرفين في جامعة مانشستر، الذي كان في مرسيليا السبت الماضي: «لم يتمكنوا من التحكّم بالحشد الإنكليزي وبحركة المتطرفين الروس». وأضاف: «كان يجب احتواء هذه المجموعة (الروس) أو حماية المشجعين الإنكليز». وتوضح مصادر في اللجنة المنظمة للبطولة أن ال «هوليغانز» الروس يتصرّفون بعدوانية ويعتبرون أن دخولهم في مواجهات دامية نوع من الرياضة. وقال أحدهم: «جئنا لنبرهن أن الإنكليز ليسوا سوى أطفال أمامنا». ونقل عن مشجع إنكليزي قوله: «كانوا أشبه بفرق موت يرتدي أفرادها الأسود (...) إنهم مقاتلو شوارع حقيقيون متوحشون، لصوص عضلات أجسادهم بارزة، ممتلئون بالكراهية». وشرع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في إجراء تأديبي ضد الإتحاد الروسي بسبب فلتان مشجعيه في ستاد «فيلودروم» بمرسيليا عند إطلاق صافرة النهاية للمباراة ضد إنكلترا (السبت)، وينتظر أن يصدر الحكم اليوم، ويمكن أن تحسم نقاط لروسيا في تصفيات كأس أوروبا 2020، وتطاول العقوبات أندية البلدين في المسابقات القارية. وناشد قائد إنكلترا واين روني والمدرّب روي هودجسون أنصار منتخبهما أن يحسنوا التصرّف وأن يكونوا عقلانيين خلال وجودهم في فرنسا. ومن سلسلة الإجراءات الرادعة التي ستتخذها السلطات الفرنسية، حظر وزير الداخلية برنار كازنوف بيع المشروبات الكحولية واستهلاكها ونقلها «عشية المباريات وأيامها في الأماكن المخصصة للمشجعين في نقاط حساسة عدة». كما يتوقّع أن يمنع تنقل أنصار خطرين أو تجوّلهم في أيام المباريات. واستند كازنوف في قراره إلى تقرير أعدّه أنطوان بوتونيه مدير الوكالة الوطنية لمكافحة ال «هوليغانز»، عزا فيه زيادة أعمال الشغب والعنف إلى الإفراط في احتساء الكحول. وكانت الأندية الإنكليزية حُرمت خمس سنوات من المشاركة في المسابقات القارية، إثر مأساة ملعب هيسل في بروكسيل (29 أيار/مايو 1985) التي أسفرت عن سقوط 39 قتيلاً خلال مباراة ليفريول ويوفنتوس في نهائي بطولة الأندية الأوروبية. علماً أن العقوبة كانت 3 سنوات ومددت سنتين في ضوء «إرتكابات» الجمهور الإنكيزي خلال كأس أوروبا في ألمانيا عام 1988.