أكد أستاذ علم السكان والتنمية المساعد في جامعة صنعاء عبدالملك احمد الضرعي، أن الفساد المالي والإداري يعتبر من الأسباب الرئيسة لانعدام الثقة بين الحكومة والمانحين الدوليين وإعاقة تدفق المساعدات الدولية. وأوضح أن المؤتمرات التي عقدها المجتمع الدولي والخاصة بالأمن والتنمية في اليمن، مثل مؤتمرات لندن والرياض وبرلين وأبو ظبي بين عامي 2006 و2010، عززت الاهتمام الدولي باليمن إلا أنها لم تحقق الحد الأدنى من مطالب الحكومة اليمنية المتصلة بتمويل مشاريع الخطة الخمسية الرابعة (2011 - 2015) والتي قدرت تكلفتها 44 ب بليون دولار. وذكر الضرعي في محاضرة بعنوان «الأمن والتنمية في الجمهورية اليمنية بين رهانات الفشل وإمكانات الحل»، ألقاها في المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجية المستقبل في صنعاء، أن الحكومة اليمنية لم تستلم من المبلغ الذي وعدت به الدول المانحة عام 2006 والبالغ 5,7 بليون دولار، سوى 10 في المئة نتيجة ما سماه «عدم الثقة» مع المانحين. وأشار الى أن التحديات الأمنية التي شهدها اليمن خلال العقدين الماضيين، أثرت مباشرة في مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية من خلال التكلفة الاقتصادية والبشرية الباهظة لتوتر الأوضاع الأمنية، والتي كان أولها حرب صيف 1994 التي كلفت الاقتصاد نحو 12 بليون دولار، فضلاً عن حرب صعدة ضد المتمردين الحوثيين والتي تقدر تكلفتها ب 1,5 بليون دولار . وأوضح الباحث اليمني أن هذه الأحداث أدت إلى تفاقم وضع الأمن الغذائي لحوالى 2,7 مليون شخص من سكان اليمن مطلع العام الحالي بحسب تقديرات الأممالمتحدة، والتي أشارت أيضاً إلى أن اليمن سيحتاج نحو 105 ملايين دولار خلال عامي 2010 - 2011 لتغطية العجز الغذائي لثلاثة ملايين شخص، منهم ربع مليون من مهجري حرب صعدة. ولفت الى أن اليمن يعاني من مشكلات أخرى كلفت اقتصاده خسائر كبيرة، مثل تبعات المشكلة الصُّومالية التي كلفت الاقتصاد اليمني 700 مليون دولار موزعة على الخسائر المباشرة والصيادين والتأمين وتجهيزات الأمن الساحلي، اضافة الى أعباء حماية المياه الإقليمية من أعمال القرصنة واستضافة 700 ألف لاجئ. وأكد ضرورة اتخاذ الإجراءات البيئية التي تعزز استدامة الموارد الطبيعية واستغلال ثروات البيئة البحرية المتنوعة في مواردها الاقتصادية، وكذلك ما يمتلكه اليمن من كميات كبيرة من الثروات المعدنية ومصادر الطاقة وتنوع تضاريسي ومناخي، وموارد سياحية، يمكن من خلال الاستغلال الأمثل لها معالجة بعض المشكلات الناجمة عن التحديات البيئية الراهنة. واعتبر الضرعي أن الفساد يشكل حرباً صامتة لا تقل خطراً عن الحروب التقليدية، مشدداً على تعزيز الإجراءات المناهضة له من خلال مواجهة الفاسدين في الجهاز الإداري للدولة عبر تفعيل تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وقدرات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. ولفت إلى أن الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها اليمن تشكل أبرز المشكلات المهددة لأمن الفرد، ما يستدعي اجراء حزمة من الإصلاحات المالية والإدارية، تتمثل في خفض معدلات البطالة من خلال تجريم التعدد الوظيفي أو الوظائف الوهمية، والحد من الإنفاق الحكومي في المجالات غير الاستثمارية والإنتاجية.