بعد نجاح المهمة التجريبية للقمر الاصطناعي «ليزا باثفايندر»، تعمل أوروبا على تصميم التلسكوب الفضائي «اليزا» الذي سيعمل على رصد موجات الجاذبية الأعمق في الكون. وقال فابيو فافاتا المدير العلمي لوكالة الفضاء الأوروبية: «نحن نستعد للقفزة الكبرى في الماراتون»، في إشارة الى بدء انطلاق أعمال تشييد هذا التلسكوب الأوروبي الذي يثير حماسة كبيرة في أوساط الفضاء. وأوردت وكالة الفضاء الأوروبية في بيان أن «الموافقة على التقنيات الأساسية لهذا المشروع، تفتح الباب أمام أن يصبح لدينا مرصد فلكي قادر على التقاط موجات الجاذبية». وموجات الجاذبية هي موجات تنبأ عالم الفيزياء الشهير اينشتاين بوجودها نظرياً قبل مئة عام، قائلاً أن جاذبية المادة تؤدي الى تشوه في ما سماه «الزمكان» أي الكون بأبعاده الأربعة، الطول والعرض والعمق والزمان. وشبه آينشتاين هذا التشوه بذلك الذي تسببه قطعة حجرية تلقى في الماء، فتولد تموجات فيها، وأثبت ان وجود الأجرام يؤدي الى تموجات يمكن التقاطها. وقد التقطت هذه الموجات فعلياً لأول مرة في شهر شباط (فبراير) الماضي، بفضل مرصد «ليغو» على سطح الأرض. أما في حال وجود المرصد في الفضاء، كما سيكون الحال في «اليزا»، فإن الأبحاث ستصبح أكثر تقدماً في هذا المجال. ويتيح التلسكوب «اليزا» البحث عن الموجات في الأعماق السحيقة للفضاء، ودراسة انصهار الثقوب السوداء الهائلة الكثافة، وظواهر حصلت بعد وقت قصير على الانفجار الكبير «بيغ بانغ» الذي أدى الى نشوء الكون. وقال فابيو فافاتا المدير العلمي للوكالة الأوروبية «بفضل ليزا باثفايندر، صرنا نعرف الآن انه يمكننا مراقبة موجات الجاذبية من الفضاء». وأضاف «لقد فتحت نافذة جديدة على الكون». ويعد رصد موجات الجاذبية، الذي تحقق قبل أشهر، تقدماً علمياً كبيراً، وهو جاء تأييداً لما توقعه ألبرت اينشتانين، وعزز من صحة نظريته المعروفة باسم نظرية النسبية العامة. وتوصل علماء الفيزياء الى تحديد أن هذه الموجات تشكلت في الجزء الأخير من الثانية التي سبقت انصهار ثقبين أسودين. لكن رصد موجات الجاذبية في شكل جيد يقتضي عدم التعرض سوى للجاذبية، وفق ما يشرح انطوان بوتيتو المسؤول عن مهمة «ليزا باثفايندر». وعلى ذلك، ينبغي أن تكون عناصر المرصد خارج تأثير قوى أخرى، منها مثلاً الرياح الشمسية. ويقول الباحث «لم نكن نعرف ما إن كان ممكناً إرسال جسم الى الفضاء لا يكون خاضعاً سوى للجاذبية، ولهذا أرسلنا ليزا باثفايندر». ويضيف «أظهر لنا هذا القمر الاصطناعي (الذي أطلق في كانون الأول) أن الأمر ممكن التحقيق، وأفضل مما كنا نتوقع». وقال مارتن هويستون الباحث في معهد ماكس بلانك في ألمانيا «لقد تجاوز أداء القمر الاصطناعي المستوى المطلوب بأكثر من مئة مرة». ووفق وكالة الفضاء الأوروبية، فإن القمر «ليزا باثفايندر تجاوز أهدافه العلمية». وسيكون المرصد عبارة عن ثلاثة أقمار متطورة على شكل مثلث يفصل بين الواحد والآخر منها مسافة مليون كيلومتر.