27.6% زيادة في استهلاك الغاز الطبيعي في المملكة    جائزة التميز لخالد التخصصي للعيون ومركز الأبحاث    6886 شخصا يعانون من الصداع ومكة تسيطر ب39%    هدنة غزة في المربع الأول    هجوم على روضة يفتح ملف استهداف المدنيين في السودان    التماسيح تثير الرعب في قرية مصرية    التعادل يحسم مواجهة مصر والإمارات في كأس العرب    أغاني فيروز تغرم مقهى    جلسات سوق البحر الأحمر تناقش مستقبل صناعة السينما    أمير الرياض يتوج متعب بن عبدالله بكأسي ولي العهد للإنتاج والمستورد    إيمري يقلل من احتمالية الفوز بالدوري الإنجليزي رغم تألق فيلا    اليوم العالمي للإعاقة مسؤولية وطنية وشراكة إنسانية    عبدالله البسّام.. جيرةُ بيتٍ ورفقةُ عمر    الرئيس الموريتاني يزور المسجد النبوي    «نور الرياض» يختتم نسخته الخامسة بحضور ملايين الزوار و12 جائزة عالمية    مجمع الملك سلمان يحتفي بالعربية عالمياً عبر الأمم المتحدة    تكلفة العلاج السلوكي المعرفي    فريق أنامل العطاء يطلق مبادرة "تطوّعك يبني مستقبلك" في احتفال رسمي باليوم العالمي للتطوع    أسود الرافدين ثالث المتأهلين    جمعية أرفى تُقيم فعالية "قوتك وقايتك" بمناسبة اليوم العالمي للإعاقة    الفيفا يكشف عن توقيت وملاعب مباريات السعودية في كأس العالم 2026    أمير الشرقية يعزي عضو مجلس الشورى سعد العتيبي في وفاة والده    الأخضر يبدأ تحضيراته لمواجهة المغرب في كأس العرب    ماسك ينتقد الاتحاد الأوروبي بعد فرضه غرامة على منصة إكس    الخريجي يشارك في منتدى الدوحة 2025    ضبط (4) يمنيين في عسير لتهريبهم (20) كجم "قات"    أمير حائل ونائبه يقدّمان واجب العزاء لأسرتي المعجل والفوزان    التأهيل.. معركة الوعي لا تحتمل التأجيل    أهالي حلة علي بن موسى والجارة يحتفون بالعماري بعد 35 عامًا من خدمة الوطن    "نبرة حيّة".. حملة إعلامية طلابية تبرز لهجات عسير إلى العالم بثلاث لغات    3 مدن سعودية جديدة تنضم إلى شبكة اليونسكو للتعلّم    بلدية أبو عريش تهيّئ حدائقها لاستقبال الزوّار في الأجواء الشتوية    انطلاق مهرجان المونودراما وسط رؤية طموحة لتميز المسرح السعودي    "اليماحي" يرحّب بالتأييد الأممي الساحق لحقوق الشعب الفلسطيني وتجديد ولاية "الأونروا" لثلاث سنوات جديدة    كتاب سعودي يحصد اعتراف عربي في مجال الصحافة الاقتصادية    رئيس البرلمان المقدوني يستقبل إمام المسجد الحرام الدكتور المعيقلي    أكثر من (39) ألف مهمة تطوعية و(19) ألف متطوع في الحرمين الشريفين خلال عام 2025    سالم الدوسري: كأس العرب هدفنا الحالي    المؤتمر السعودي الدولي للتقييم ينطلق غدًا متضمنًا (4) جلسات حوارية    مؤسسة سقاية الأهلية توقع اتفاقية مع مجلس الجمعيات الأهلية ضمن منتدى القطاع غير الربحي الدولي 2025    مدير هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بنجران يلتقي مدير التعليم بالمنطقة    فضيلة المستشار الشرعي بجازان يلقي كلمة توجيهية لمنسوبي الدفاع الجوي بجازان    أمير القصيم يكرم بندر الحمر    نجل بولسونارو: والدي دعم ترشحي لرئاسة البرازيل في 2026    البيت الأبيض: أوروبا معرضة لخطر «المحو الحضاري»    أمير منطقة جازان يؤدى واجب العزاء والمواساة لإبراهيم بن صالح هملان أحد أفراد الحماية (الأمن) في وفاة شقيقته    مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون يفوز جائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتطوير القطاع الصحي    اعلان مواعيد زيارة الروضة الشريفة في المسجد النبوي    التوصل لإنتاج دواء جديد لعلاج مرض باركنسون "الشلل الرعاش"    تهامة قحطان تحافظ على موروثها الشعبي    أمير منطقة تبوك يكرم المواطن فواز العنزي تقديرًا لموقفه الإنساني في تبرعه بكليته لابنة صديقه    أمير تبوك يواسي في وفاة محافظ الوجه سابقاً عبدالعزيز الطرباق    ولي العهد يشيد بنجاح القمة ونتائجها الإيجابية.. وقادة دول التعاون: المساس بدولة خليجية تهديد للأمن الجماعي    مقتل آلاف الأطفال يشعل الغضب الدولي.. العفو الدولية تتهم الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب    فرع الموارد البشرية بالمدينة المنورة يُقيم ملتقى صُنّاع الإرادة    برعاية خادم الحرمين..التخصصات الصحية تحتفي ب 12,591 خريجا من برامج البورد السعودي والأكاديمية الصحية 2025م    صيني يعيش بولاعة في معدته 35 عاماً    القيادة تعزي رئيس سريلانكا في ضحايا إعصار ديتواه الذي ضرب بلاده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«تاريخ العرب في جزيرة العرب» حتى صدر الإسلام
نشر في الحياة يوم 03 - 07 - 2010

نادراً ما حظي تاريخ العرب وتفاصيل حياتهم في الجزيرة العربية قبل الإسلام بالاهتمام والدراسة الكافيين، من طرف غالبية المؤرخين والدارسين العرب والأجانب. وأسباب ذلك عديدة، والمجال ليس مناسباً هنا لذكرها. وبعكس ذلك، يحاول روبرت هيلند في كتابه «تاريخ العرب في جزيرة العرب» (الصادر حديثاً عن دار قدمس في دمشق، ترجمة عدنان حسن) الإحاطة بتاريخ العرب في جزيرتهم قبل الإسلام، حيث يتناول تاريخهم في موطنهم الأصلي، ويتعامل مع مختلف مناحي الحياة التي عاشوها على مستوى المجتمع والاقتصاد والدين والفن والعمارة والمصنوعات اليدوية واللغة والأدب والعروبة والتعرّب، وذلك على طول الفترة الممتدة من العصر البرونزي إلى صدر الإسلام، أي بدءاً من حوالى 3200 قبل الميلاد وصولاً إلى 630 ميلادي.
ويعتمد المؤلف في كتابه على ما يقارب عشر سنوات من العمل والترحال في البلدان العربية، خصوصاً في سورية والسعودية واليمن وبلدان الخليج العربي، إلى جانب اعتماده على المراجع الأولية، الأساسية، من نقوش وآثار وكتابات الإغريق والرومان والإخباريين العرب، وبلغاتها الأصلية، حيث يرجع إلى النصوص التي خلفها سكان جزيرة العرب على شكل نقوش موجودة بعشرات الآلاف في كل أنحائها. ومع أن معظمها مختصر، ولا يعالج سوى مجال محدود من الموضوعات، إلا أن المؤلف يعتبرها ثمينة، كونها تمثل شهادات البشر أنفسهم.
ويوسّع المؤلف مفهوم جزيرة العرب، ليشمل شبه جزيرة العرب، بما في ذلك امتدادها الشمالي، أي الصحراء السورية. وتصل مساحة هذه الكتلة من اليابسة إلى نحو مليون ونصف مليون ميل مربع، أي أكبر من الهند وأوروبا بقليل. ويقسمها، وفقاً لمنهجية دراسته، إلى ثلاث مناطق ثقافية أساسية، هي منطقة شرق جزيرة العرب، وتضم الكويت الحالية والبحرين وقطر والساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية، والإمارات، وعمان، ومنطقة جنوب جزيرة العرب، وتضم اليمن الحديث تقريباً، ومنطقة شمال جزيرة العرب ووسطها، وتشمل السعودية، عدا الساحل الشرقي، وصحراء سيناء والنقب، وأجزاء من الأردن الحالي وسورية والعراق.
وباعتبار أن هذه المناطق الثلاث أخذت تتفاعل مع بعضها أكثر فأكثر مع تقدم الزمن، فإن البحث يرتكز إلى تبيان المظاهر المتعلقة بالمجتمع والثقافة والحياة فيها، وتفسير وجود تشابهات بين مختلف شعوب أو أقوام جزيرة العرب، وتفسير وجود الاختلافات كذلك، مع التركيز أكثر على تاريخ العرب، بوصفهم الشعب الأكثر نجاحاً في جزيرة العرب في ذلك العصر، وعلى استيعابهم مختلفَ الجماعات الأخرى في المنطقة.
ويعتبر المؤلف أن سكان جزيرة العرب كانوا يعيشون في محيط الإمبراطوريات العظمى، وكانوا ذوي أهمية كبيرة بالنسبة إليها، نظراً إلى أن موطنهم يحتل موقعاً مركزياً بين الهند وأفريقيا وبلاد بين النهرين والعالم المتوسطي، الأمر الذي يعني أن البشر والسلع العابرين من منطقة إلى أخرى، كانوا مجبرين غالباً على إجراء الصفقات معهم، أي مع سكان جزيرة العرب. وعليه يبحث في اقتصاد الجزيرة، وفي شكل خاص الزراعة، وإدارة المياه، والرعي، والصيد، والتجارة، وخصوصاً ما يتعلق بالنباتات العطرية مثل اللبان والبخور، وتجارة العبور والتعدين، حيث أظهرت الحفريات الكثيرة ان شرق جزيرة العرب، كان يتميز بازدهار اقتصادي في الفترة الممتدة من 2500 ق.م إلى 1750 ق م، وكان الدولمنيون يمارسون، في هذا التاريخ المبكر، دور وكلاء الاستيراد والتصدير في التجارة الدولية.
ويبحث المؤلف بالتفصيل مختلف جوانب الحياة الاجتماعية، لدى ما يسميه الأقوام العربية قبل الإسلام، ومن ذلك على سبيل المثال: القانون والتشريع والزواج ودور النساء، مع عرض ما توافر من معلومات قديمة وحديثة عن الشرك والتوحيد والسحر والطب والعرافة والأمكنة والأوقات المقدسة لعرب الجاهلية. أما في الجانب الإبداعي أو الفني لدى عرب الجزيرة، فيجرى التركيز فيه على النقوش في الصخور، والمصنوعات اليدوية كأدوات العبادة، والأسلحة والحرب، والعمارة التي كانت تظهر في المستقرات، والقصور والمعابد. إلى جانب تناول اللغة لدى عرب الجزيرة، وعرض اللغات التي استخدموها، وما تركوه خلفهم من نقوش، سجلوا عليها مختلف تفاصيل الحياة، وساعدت الباحثين على فهم تعقيدات المجتمعات التي عاشوا في تلك العهود. يضاف إلى ذلك ما قدمه الأدب، شعراً ونثراً، بما في ذلك الحكايات الأسطورية والملاحم والحكمة. وقد تمكن المؤلف من الغوص عميقاً في كثير من الأشعار القديمة، واستفاد كثيراً منها لفهم تفاصيل كثيرة من حياة العرب في ذلك التاريخ والمنطقة من العالم.
ويرى المؤلف أن النصوص التوراتية والآشورية، من الفترة الممتدة من القرن التاسع إلى القرن الخامس قبل الميلاد، هي الأفضل إلماماً بالقبائل العربية في الصحراء السورية بين تدمر ودومة، وتدرك أنه ثمة قبائل عربية خارج هذه الأصقاع . وبما أن العرب يظهرون في نقش واحد قديم جداً من جنوب جزيرة العرب، من المرجح أنه يعود إلى القرن السابع أو السادس قبل الميلاد، فإنه يمكن الافتراض أنهم كانوا يصلون في طوافهم إلى حدود تلك البلاد. لذلك فقد كان الموطن العربي شمال جزيرة العرب ووسطها، وكان يمتد من أطراف الهلال الخصيب جنوباً إلى حدود اليمن، ومن جبال غرب جزيرة العرب شرقاً إلى دهناء في الربع الخالي.
غير أن ما كان يجمع العرب ويميزهم عن الشعوب الأخرى هو لغتهم. فقد كان معظمهم يتكلم واحدة من عدد من اللهجات العربية الشمالية، كما يشهد على ذلك نحو أربعين ألف نقش جداري، عثر عليها في أنحاء مواطنهم كافة. وتلك اللهجات شديدة الارتباط، إلى درجة أنها كانت إلى حد كبير مفهومة على نحو متبادل، مسهلة بذلك التفاعل بين القبائل المختلفة. إلى جانب هذا، كان ثمة أيضاً كثير من العادات والمؤسسات الاجتماعية والدينية التي تشترك بها مختلف القبائل العربية، لكن أياً منها لم تكن عامة، ولم تشكل عامل توحيد كما كانت اللغة تفعله. فقد كان الكثير من القبائل، على سبيل المثال، رعاة حيوان، لكن عدداً لا بأس به منهم كان يماري الزراعة، خصوصاً في مدن الواحات في شمال غرب جزيرة العرب ومرتفعات نجد. كما كان الإله رضا شعبياً جداً في الشمال لكنه مهمل في الجنوب، في حين كان يغوث معبوداً في الجنوب، لكنه يحظى بقليل من التقدير في الشمال، بينما شعر العرب في الشمال بقوة إمبراطوريات العالمين المتوسطي والرافديني، فإن أولئك الذين في الجنوب تأثروا بأنظمة الحكم في اليمن. ومع ذلك، تبقى أصول الهوية العربية غير واضحة تماماً للمؤلف، لكنه يرى بأنها تعززت وتطورت، بواسطة الهجرة والتفاعل، ثم سلكت وجهة جديدة مع اندفاعة الإسلام، حيث نزل القرآن باللغة العربية، والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) كان عربياً، فنشأت الصلة بين العروبة والإسلام، التي زادت قوة مع دخول الأعاجم والأجانب إلى الإسلام.
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.