تجاوزت مشكلة الأطفال السوريين موضوع تأثّرهم بالحرب ووقوعهم ضحايا وشهداء ومصابين. وصلت المشكلة إلى فقدان الأطفال التعليم وإبتعادهم عن مقاعد الدراسة، بعد تدمير مدارسهم في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. وتتصاعد المشكلة مع نقض إمكانات التعليم في بلدان اللجوء التي لم تعد قادرة على استيعاب عدد أكبر من الطلاب اللاجئين بعدما تجاوزت أعداد الأطفال إلى حد يتجاوز امكاناتها بأضعاف مضاعفة! ودقّت منظمة ال «يونيسيف» أخيراً ناقوس الخطر في تقرير أصدرته حمل عنوان «الحصار- الأثر المدمّر للأطفال»، إذ أشار إلى عدم قدرة حوالى 3 ملايين طفل في سوريّة والدول المجاورة، على الذهاب إلى المدارس بانتظام. وأوضح أن هذا الرقم يشكل قرابة نصف سكان سوريّة ممن هم في مرحلة الدراسة. وفي أيلول (سبتمبر) الماضي، كشفت «يونيسيف» أن حوالى مليوني طفل سوري تتراوح أعمارهم بين 6 و15 سنة، باتوا خارج المدارس، بمعنى أن عدد الأطفال الذين لم يعودوا طلاّباً زاد مليوناً خلال خمسة أشهر. مستقبل غامض في هذا الصدد، أوضح عبدالرحمن الحاج، مستشار التربية في الحكومة السورية الموقتة التابعة ل «الائتلاف الوطني السوري» المُعارِض، أن هناك حوالى 5 ملايين طالب تتراوح أعمارهم بين ال6 وال15 سنةً، لا يتلقون تعليماً مناسباً. وأشار إلى أن هذه الأعداد تشمل 3.2 إلى 3.5 مليون طفل لا يتلقون تعليماً على الإطلاق، فيما يحصل الباقون على تعليم في ظروف صعبة للغاية. وأشار الحاج إلى أن 5 ملايين طالب يتواجدون في المناطق المحررة وكذلك في دول الجوار، ما يعني أن أعدادهم تشمل اللاجئين ومن في حكمهم. وأوضح أن 20 في المئة ممن يتلقون تعليماً يقصدون مدارس ميدانية في الداخل السوري. لا تتعدى هذه المدارس كونها غرفاً متواضعة في منزل ما أو أحد ملاجئ الأبنية، بحسب وصف الحاج، الذي تناول أيضاً وضع الطلاب في مدارس تركيا، مشيراً إلى أن المدارس السورية الموجودة في المخيمات تشرف عليها حكومة أنقرة وتلقى منها الدعم الكامل. في المقابل، يتلقّى قسم من المدارس خارج المخيمات في المدن التُركيّة دعماً من الحكومة. ووفق الحاج، «في أحيان كثيرة تقدّم البلديات التُركيّة مبانٍ مجانيّة لهذه المدارس، وتمنحهم أحياناً المدارس التُركيّة العادية للدراسة في الفترة المسائية». وتحدّث الحاج عن دعم الحكومة السورية الموقتة التابعة ل «الائتلاف الوطني السوري» للمدارس، مشيراً إلى أنها بدأت خطة لدعمها وتنظيم عملها. وقدّمت مساعدات ماليّة، خصوصاً للمدارس التي أوشكت على الإنهيار، أو المتعثرة حالياً. كما تقدّم الحكومة الموقتة الكتب للمدارس، وتتواصل مع الحكومة التُركيّة لتقديم التسهيلات اللازمة. وأشار إلى وجود خطة لدى الحكومة الموقّتة تتضمن توسيع الدعم تدريجاً وصولاً إلى تقديم الرواتب كاملة للأساتذة، بعد إنجاز توحيد الوثائق التربوية وتنظيمها. الإعتراف بالشهادات وأوضح المستشار الحاج أن دعم التعليم من قِبَل الحكومة السوريّة الموقّتة يشمل تقديم شهادات مدرسية، إضافة إلى عملها على تنظيم إمتحان الشهادة الثانوية لهذا العام، وتحقيق اعتراف تركيا وفرنسا بها، فضلاً عن دول أخرى. وقال: «حققنا تقدّماً في هذا الإطار. هناك مسألة اعتراف ليبيا وتركيا سابقاً بالشهادة الثانوية التي تصدرها الحكومة الموقتة. نحن لم نطلب من الحكومة الليبية الاعتراف لأنها تتعامل مع الشهادة في شكل طبيعي، بل تعتمد ما تصدره الحكومة الموقتة عموماً. في المقابل، كانت تركيا تعتمد شهاداتنا، ثم حصلت مشكلات من قبل الطلاب السوريين ما اضطر الحكومة التُركيّة لوقف معادلتها. واتفقنا معها على تلافي المشكلة، ما يفتح الباب أمام استئناف تصديق تركيا شهادات التعليم التي تصدرها الحكومة السورية الموقتة». وتطرّق الحاج إلى أعداد المدارس السورية في الدول المجاورة لسورية وأعداد الطلاب التي تستقبلها، موضحاً أنه لا توجد أرقام ثابتة ومشيراً إلى أنه «في كل يوم، تنشأ مدرسة أو تغلق مدرسة بسبب عدم قدرتها على توفير رواتب الأساتذة أو إيجارات بنائها. في تركيا، لدينا نحو 96 مدرسة منتشرة في 12 ولاية يدرس فيها حوالى 45 ألف طالب. وهذه المدارس كلها أهلية، بمعنى أنها تعتمد على التطوّع، أو العمل براتب غير مضمون. وتوجد مدارس على هذا النسق في لبنان، لكنها قليلة. أما في كردستان العراق، فالمدارس كلها أقيمت برعاية الحكومة الكردستانية ولا توجد مدارس أهلية، لكنها تدرّس المنهاج السوري المنقّح من قبل الحكومة الموقتة. وهناك عدد قليل من المدارس الأهلية في مصر تدرّس المنهاج السوري، إذ يلتحق الطلاب السوريون بالمدارس الحكومية المصرية».