تشهد الجوامع والمساجد السنّية والشيعية في العراق إجراءات أمنية مشددة، في ظل مخاوف من استهدافها بتفجيرات انتحارية. وانتشرت قوات الأمن بكثافة في بعض المساجد والجوامع وسط بغداد يوم الجمعة. تُحاط غالبية هذه المساجد بحواجز كونكريتية يصل ارتفاعها إلى أكثر من ثلاثة أمتار. ويقول أحمد المحمداوي أحد القائمين على مسجد «البو جمعة» في منطقة الكرادة ل «الحياة» إن «المسجد تعرض إلى الاستهداف أكثر من مرة وبواسطة سيارات مفخخة وانتحاريين بأحزمة ناسفة، ما أجبرنا على اعادة النظر في الإجراءات الأمنية لحماية المصلين». ويضيف أن «من بين هذه الإجراءات التي تتخذ يوم الجمعة، اغلاق باب المسجد المطل على الشارع العام وإحاطته بحواجز كونكريتية، وادخال المصلين من الباب الخلفي للمسجد بعد تفتيشهم ومنع ادخال السلاح أو حمايات المسؤولين وجهاز الهاتف لمنع حصول خرق أمني». وكان شهر نيسان (أبريل) الماضي شهد استهداف خمسة مساجد شيعية في بغداد يوم الجمعة، ما أدى إلى مقتل حوالى 60 مصلياً، ما دفع تيار مقتدى الصدر الى مطالبة الحكومة بإشراك ميليشيا «جيش المهدي» في حماية المساجد. وفي مؤشر إلى تصاعد المخاوف من استهداف الجوامع والحسينيات على رغم الاجراءات الأمنية، تتولى فرق حماية المسؤولين في الحكومة وقادة الأحزاب والقوى السياسية، إغلاق الطرق المؤدية إلى هذه الجوامع، إذا قرر أحدهم الصلاة فيها. ويقول الشيخ «أبو مظفر» إمام وخطيب جامع «الحديثي» في منطقة الغزالية غرب بغداد ل «الحياة» إن «الجوامع والمساجد ما زالت تواجه أعمال عنف على رغم التحسن الأمني الذي شهدته العاصمة». ويضيف أن «الجوامع تتلقى عشرات التهديدات بأعمال العنف في حال مواصلة أداء الصلاة فيها». ويتابع أن «بعض هذه الجوامع يفتقر إلى حماية قوات الأمن، ما يجعلها سهلة الاستهداف، ولا سيما يوم الجمعة. ويضطر متطوعون إلى الاضطلاع بمهمة تفتيش المصلين ومراقبة الجامع وحمايته». ويشير إلى أنه «في حال قيام مسؤول حكومي بالصلاة في الجامع، فإن المخاوف تزداد من استهدافه». وكان القيادي في «جبهة التوافق» النائب حارث العبيدي قُتل العام الماضي بعد انتهاء صلاة الجمعة في جامع بلال الحبشي في بغداد عندما فجّر انتحاري كان من بين المصلين نفسه بحزام ناسف. ويقول الناطق باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا إن «أجهزة الأمن أخذت في الاعتبار التحديات التي تواجه الجوامع والمساجد، ولا سيما أيام الجمعة عندما تشهد توافد مئات المصلين، ما يجعلها هدفاً مرغوباً من الإرهابيين». ويؤكد عطا في اتصال مع «الحياة» «تشكيل لجان مشتركة من قوات الأمن والمسؤولين عن المساجد والجوامع قبل أسابيع لتوفير الحماية، فيما تقوم قوات الشرطة المحلية بدوريات مكثفة قرب الجوامع والحسينيات حسب النطاق الجغرافي لكل مركز شرطة». يذكر أن المساجد والجوامع في العراق شكلت هدفاً بارزاً للمليشيات والجماعات المسلحة خلال السنوات الخمس الأخيرة، اذ تعرضت عشرات منها الى الحرق والتدمير لأسباب طائفية في أعقاب التفجيرات التي طاولت مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء في شباط (فبراير) عام 2006.