أكد رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري، أن لبنان «لا يتحمل ألا يقوم بالإصلاحات»، وقال إننا في الحكومة «نعي تماماً هذه الحقيقة ومصممون على التعامل مع التحديات الطويلة الأمد التي واجهت هذا الاقتصاد». واعتبر الحريري خلال مشاركته في الطاولة المستديرة اللبنانية للأعمال التي نظّمتها مجلة «إيكونوميست» في فندق «فور سيزون» في بيروت، أن «أي رزمة إصلاحات اليوم في لبنان ستُحدّد على أساس استقرار ماكرو- اقتصادي». ولفت إلى أنها «المرة الأولى التي تطلق فيها رزمة إصلاحات في وقت تدل مؤشرات الماكرو إلى الاتجاه الصحيح». وأكد أن الاقتصاد اللبناني «أظهر في السنوات ال 15 الأخيرة نقاط قوة مهمة، وتجلى ذلك من خلال التحمل الناجح لأزمة المال العالمية»، من دون أن يغفل «النهضة» في السنوات الثلاث الماضية، إذ نجح لبنان في «تسجيل معدل نمو متوسط 8 في المئة، كما استطعنا خفض ديننا إلى الناتج المحلي بأكثر من 30 في المئة». وعزا الحريري التطورات إلى «حدّ بعيد إلى ثقة المستثمر الصلبة نتيجة السياسات السليمة للحكومة والمصرف المركزي في لبنان، الذي برز ملاذاً آمناً للمودعين». وردّ الحريري على المراقبين السائلين عن إثبات لبنان هذا القدر من المرونة على مدى فترة طويلة من الزمن، موضحاً أن الاقتصاد اللبناني «يتجاوز الحدود الجغرافية للبنان، إذ تعمل شركات لبنانية كثيرة في أنحاء العالم، وهي تنقل الأرباح، وبالتالي تزيد من تدفق رؤوس الأموال». ولفت إلى أن هذا التدفق «يتعزز أكثر فأكثر من التحويلات المالية للمغتربين اللبنانيين المنتشرين حول العالم». ولاحظ «استمرار تسجيل فائض في ميزان المدفوعات، نتيجة استمرار هذه التدفقات وعلى رغم العجز التجاري الكبير». وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أن الاقتصاد اللبناني «يقوده القطاع الخاص ويغذيه رأس مال بشري دينامي ومتعلم». وأشار إلى أن لبنان «يملك سجل ائتمان مثالياً». وأعلن أن حكومة الوحدة الوطنية «مصممة على توظيف مكامن القوة هذه، وحدّدت برنامجاً اقتصادياً طموحاً، وتعمل على رزمة إصلاحات تعالج الثغرات الموجودة لتأمين مكان أفضل لممارسة الأعمال، وسنعمل تحديداً على تحسين البنية التحتية اللازمة للحفاظ على النمو، ونبدأ في إجراءات لتعزيز النمو تحفز النشاط في قطاعات الاقتصاد، ونخطط لإشراك القطاع الخاص في تأمين الخدمات العامة من خلال مبادرات الشراكة بين القطاعين العام والخاص ومن طريق التخصيص». وشدّد الحريري رداً على سؤال في حوار أداره مدير تحرير مجلة «إيكونوميست» دانيال فرنكلين، على «وضع الشؤون الاقتصادية في منأى عن الأمور السياسية». وأكد أن المغتربين اللبنانيين «لعبوا دوراً محورياً حتى الآن نتيجة ازدياد تحويلاتهم»، لافتاً إلى ضرورة «تحسين طريقة ممارسة الأعمال وتعزيز التواصل مع المغتربين». ورأى أن الاستقرار «يشجع المواطنين على العودة». وأعلن الحرص على «المصادقة على قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي من شأنه تشجيع عدد كبير من اللبنانيين على العودة إلى لبنان والاستثمار فيه، كما يجب المضي قدماً في التخصيص، خصوصاً في قطاع الاتصالات لأن هذه الخطوة تؤمّن أكثر من 60 ألف فرصة عمل، وتحسّن موقع لبنان في المنطقة». وعن الخطوط الحمر التي لا يمكن تخطّيها، اعتبر الحريري، أنها «تشمل حرية التعبير واتخاذ خطوات جريئة لتطبيق إصلاحات اقتصادية قد لا تكون شعبية، وأهم نقطة بالنسبة إلى الاقتصاد، عدم ازدياد حجم الدين العام من دون تأمين مداخيل لتسديده».