ارتكبت البرازيل خطأ جسيماً حين اقترعت ضد العقوبات الدولية على إيران في مجلس الأمن، في التاسع من حزيران (يونيو). والحق أن موقف البرازيل غريب، ويسير عكس التيار الغالب في العالم. فالدول الحليفة لإيران (كالصين وروسيا) نفسها اضطرت الى تأييد العقوبات. وتركيا والبرازيل لم تنخرطا في النقاش الدائر منذ ستة أعوام حول البرنامج النووي والإيراني إلا منذ وقت قريب، ومن دون أن تدركا حقاً المخاطر المترتبة على المسألة. ولكن البلدين صرخا فجأة: «لقد سوينا المشكلة وانتهى الأمر!». واضطلعت البرازيل بمهمة أصعب من الدفاع عن إيران، هي توحيد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن. فموقفها دعا روسيا والصين إلى تغيير رأيهما في مجلس أمن يخسر صدقيته. وجلي أن لا قيمة للاتفاق الذي وقعته البرازيل (وتركيا) مع إيران في السابع عشر من أيار (مايو)، وأن البرازيل أخطأت التقدير وأساءته. وأظهر البلدان سذاجة في التعامل مع الأزمة النووية الإيرانية. فليس بين الدول صداقات، على خلاف حسبان المفاوضين البرازيليين والأتراك، وإنما بينها مصالح. والاتفاق كان خطأ كبيراً ارتكبته تركيا وإيران اللتان أرادتا الاضطلاع بدور رائد في مسألة تفوق طاقتهما على حلها. فخبرتهما في مجلس الأمن قليلة، شأن إحاطتهما بالموضوع. فكيف توفق البرازيل بين توقيعها معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وفتح مرافقها للمفتشين الدوليين من غير تحفظ، وبين رفض طهران السماح لهم بذلك؟ وعليه، كيف تسوغ البرازيل موقف إيران؟ والبرازيل بعد أن أنجزت اتفاقاً رُفض، وصوتت ضد العقوبات، قلصت فرص توليها مقعداً دائماً في مجلس الأمن. والدول المؤيدة ترشيح البرازيل الى مقعد دائم، أي فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، هي دول حليفة وتتشارك معها القيم الديموقراطية، واحترام حقوق الإنسان والالتزام بالمعاهدات الدولية. وبعبارة أخرى، سارت البرازيل، حين دعمت إيران على خلاف ما يدعوها إليه جوهرها وقيمها، وما تسعى الى تحقيقه، وتطمح إليه ويقتضيه حصولها على مقعد دائم في المحفل الدولي العالي. * أستاذ العلاقات الدولية في المدرسة العليا للدعاية والتسويق بساو باولو وديبلوماسي سابق، عن «فوليا دي ساو باولو» البرازيلية، 10/6/2010، إعداد حسام عيتاني