حض البابا بنديكتوس السادس عشر في ثاني ايام زيارته للاردن امس المجتمع الدولي والقادة السياسيين والدينيين العراقيين على العمل «لتعزيز السلام والمصالحة وقطف ثمارها لتحسين معيشة المسيحيين العراقيين». ودان «التوظيف الايديولوجي للدين» لغايات سياسية، معتبرا انه سبب في الخلاف بين الديانات المختلفة، ومشددا على اهمية حوار الاديان والمصالحة. كما دعا الى مصالحة بين المسيحيين واليهود، والى التسامح بين المسلمين والمسيحيين. وزار البابا امس مسجد الملك الحسين بن طلال في العاصمة الاردنية حيث التقى الامير غازي بن محمد، ابن عم العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني ومستشاره الخاص، بحضور جمع من علماء الدين الاسلامي ورجال الدين المسيحي والسفراء الاجانب والعرب المعتمدين لدى البلاط الملكي ورؤساء الجامعات الاردنية وممثلي وسائل الاعلام. ووجه البابا في كلمته التحية الى بطريرك بغداد للكلدان عمانوئيل الثالث دلي الذي كان احد الجالسين في صفوف رجال الدين، واستذكر معاناة الشعب العراقي قائلا: «حضور غبطة البطريرك يذكرنا بمواطني العراق الذين وجد كثيرون منهم ضيافة ودية في الاردن، وعلى المجتمع الدولي العمل لتعزيز السلام والمصالحة الى جانب القادة المحليين للتوصل الى قطف الثمار في حياة العراقيين». وعبر البابا عن تقديره «لجميع الذين يدعمون الجهود الرامية لزرع الثقة وإعادة تعمير المؤسسات والبنى التحتية اللازمة لرفاهية المجتمع العراقي». وطلب الديبلوماسيين والمجتمع الدولي والقادة السياسيين والدينيين العراقيين «بذل كل الجهود الممكنة لضمان حق المسيحيين في العراق في التعايش السلمي مع جميع المواطنيين». من جهته، رحب الامير غازي بزيارة البابا الى المسجد وشكره على «الندم الذي عبرتم عنه بعد محاضرة ايلول (سبتمبر) 2006 على الايذاء الذي سببته لمشاعر المسلمين»، في اشارة الى كلمة اقتبس فيها البابا عن امبراطور بيزنطي وصفه الاسلام بأنه لاعقلاني وعنيف. ونوه الامير غازي بدور المسيحيين العرب وعلاقتهم بجيوش الفتح الاسلامي، فيما اشاد البابا بالحرية الدينية التي يتمتع بها المسيحيون في الاردن، داعياً الى استمرار المبادرات الاردنية الهادفة الى تعزيز الحوار بين الاديان والثقافات. وقدم البابا هدية للامير غازي عبارة عن لوحة فسيفسائية تمثل حمامتي سلام تشربان من نبع ماء، في اشارة الى علاقة الوحدة والاخاء بين المسيحيين والمسلمين رغم اختلافهما في العقيدة الدينية. ولم ترض تصريحات البابا في شأن احترامه العميق للمجتمع الاسلامي، جميع المسلمين، اذ قال الشيخ همام سعيد المراقب العام ل «الاخوان المسلمين» في الاردن في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس» ان «ما صرح به البابا حتى الآن لا يعتبر اعتذارا»، مضيفاً: «نطالب بأن يكون الاعتذار صريحا كما كانت الاساءة صريحة». وفي وقت سابق امس، وقف البابا على جبل نبو في مدينة مادبا (30 كيلومترا جنوب العاصمة)، وصلى في الكنيسة الاثرية هناك، كما القى كلمة لاقت انتقادات محلية بسبب استعماله مصطلح «الارض الموعودة»، في اشارة الى ما ورد في التوراة عن وقوف النبي موسى على تلك التلة ورؤيته ارض الميعاد من دون ان تطأها قدماه. وبارك البابا حجر الاساس لجامعة مادبا التي تبرع بها الفاتيكان لاهالي مدينة مادبا من مسلمين ومسيحيين، واخترق موكب البابا في سيارته المكشوفة شوارع المدينة، وسط ترحاب شعبي مسيحي واسلامي لافت. ويزور البابا اليوم الضفة الشرقية لنهر الاردن حيث شهد عماد السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان (المغطس)، ويترأس قداسا احتفاليا في ستاد عمان الدولي يتوقع ان يحضره اكثر من 30 الف شخص.