شكا مسؤولون أكراد مما اعتبروه «صمتاً حكومياً عراقياً» عن التوغل الإيراني الأخير في كردستان، فيما أكد مسؤول أمني كردي إن القوات الإيرانية التي توغلت أول من أمس مسافة تراوح بين كيلومترين وثلاثة كيلومترات داخل الأراضي العراقية «تُنشئ مواقع جديدة وتشق طرقاً لكنها لم تُنفذ عمليات حربية». وقال القيادي في «التحالف الكردستاني» محسن السعدون ل «الحياة» ليل أمس إن الحكومة المركزية «لم تتخذ أي موقف حاسم وجدي إزاء التدخل الإيراني في كردستان ولا من القصف المستمر للقرى المحاذية للحدود». وطالب «باستدعاء السفير الإيراني في بغداد، وإبلاغه الامتعاض من هذه التصرفات التي تنعكس سلباً على العلاقات بين البلدين»، مشيراً الى أن «حكومة إقليم كردستان طالبت الحكومة أكثر من مرة باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف التجاوزات الإيرانية، لكنها كانت تواجه الصمت». وامتنع مسؤولون في الحكومة العراقية اتصلت بهم «الحياة» عن إصدار أي موقف رسمي من عمليات التوغل. وأكد الأمين العام لوزارة «البيشمركة» جبار ياور أن «القوات الإيرانية التي توغلت داخل الحدود العراقية في مناطق الإقليم ما زالت داخل الحدود، وبدأت تشق طرقات». وأوضح أن «هذه القوات توغلت مسافة كيلومترين عمقاً وثلاثة كيلومترات عرضاً، وحكومة إقليم كردستان أوعزت الى ممثلها في طهران بدعوة الحكومة الإيرانية إلى سحب قواتها كما أن قوات شرطة الحدود العراقية أبلغت وزارة الداخلية في بغداد بالتوغل الإيراني. وعلى الحكومة المركزية أن تتخذ موقفاً واضحاً وعملياً». وتابع إن «الدستور لا يسمح للإقليم بإجراء أي نوع من المحادثات والمفاوضات مع دول الجوار في قضايا تتعلق بالحدود، وهذا الحق محصور بالحكومة الفيديرالية». الى ذلك، أفادت مصادر كردية في المناطق التي شهدت توغل الجيش الإيراني، في أطراف وضواحي منطقة حاج عمران قرب مدينة السليمانية، أن الجنود الإيرانيين بدأوا بناء معسكر ثابت داخل الأراضي العراقية حيث شوهدت شاحنات عسكرية تنقل مواد البناء الى موقع العمل. ووصف الناطق باسم حكومة إقليم كردستان كاوة محمود توغل القوات الإيرانية داخل الحدود العراقية، بأنه «انتهاك لسيادة العراق والمعاهدات الدولية». ودعا «الحكومة الاتحادية الى حل هذه الأزمة من خلال القنوات الديبلوماسية». وتتعرض مناطق داخل الحدود العراقية في إقليم كردستان لقصف إيراني بين الحين والآخر مستهدفاً مقاتلي «حزب الحياة الحرة» (بزاك) الكردي المعارض الذي تقول طهران إنه يتخذ من المناطق الجبلية الحدودية مقراً له. وتزايدت حدة القصف المدفعي الإيراني أخيراً بعدما أعدمت طهران خمسة شبان أكراد أواسط أيار (مايو) الماضي بتهمة الانتماء الى «بزاك»، قبل أن تعزز انتشارها العسكري على الحدود. ولقي مواطنان عراقيان حتفهما خلال الأيام الماضية نتيجة القصف الإيراني الذي ألحق أضراراً مادية بالبساتين والحقول والبيوت في المنطقة. ويرى مراقبون أن توقيت عملية التوغل تندرج في نطاق السباق على النفوذ بين إيران وتركيا قبل الانسحاب الأميركي المتوقع نهاية عام 2011. واعتبروا أن إقليم كردستان المحاذي لتركيا (شمالاً) ولإيران (شرقاً) جزءاً من السباق بين الدولتين الكبيرتين اللتين يقول مسؤولون عراقيون إن لهما دوراً أساسياً في تحديد مستقبل العراق مع تراجع الدور الأميركي.