سبعة أيام بقيت على موعد انتخابات مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي ولكنها لا تشبه في شيء مواسم الانتخابات الصاخبة التي اعتادتها الكويت، فالأنشطة فاترة والأسماء مكررة والشعارات مستعادة، وليس مأمولاً ان تختلف النتائج «نوعياً» عن انتخابات السنة الماضية، وفي كل الأحوال يتوقع ان يكون الإقبال على الاقتراع بين الناخبين البالغ عددهم 350 الفاً اقل بصورة ملحوظة من المعدل المعتاد. جزء من هذا الفتور يعود الى الظروف التي تتم فيها الانتخابات، فالبرلمان الذي حلَه الامير في 18 آذار (مارس) الماضي لم يعش سوى 10 شهور، وكان خلالها غائباً لفترات طويلة اما في اجازة او معطل الجلسات بسبب النزاع بين نواب المعارضة والحكومة. وجاءت الاستجوابات المتتابعة ضد رئيس وزراء الحكومة الشيخ ناصر المحمد لتثير خلافاً بين النواب وبين الكويتيين عموماً حول الطرف المتسبب في إجهاض العمل البرلماني، وجدلاً آخر حول مصير الديموقراطية الكويتية نفسها. في الانتخابات الحالية يتنافس 250 مرشحاً بينهم 20 امرأة على مقاعد البرلمان الخمسين في خمس دوائر انتخابية يقدم كل منها عشرة نواب، ومن بين المجموع هناك 44 نائبا من البرلمان المنحل يأملون في استعادة مقاعدهم، ويمكن تصنيف نحو 60 مرشحا بأنهم ينتمون لمجوعات منظمة سواء كانت ليبرالية او اسلامية سنية وشيعية، واكثر من نصف المرشحين قبليون تم اختيارهم في انتخابات سرية اجرتها القبائل متحدية القانون، الامر الذي دفع النيابة العامة الى استدعاء اكثر من 50 مرشحا قبلياً الى التحقيق. وربما كان العامل المثير في الانتخابات الحالية الحملات الانتخابية، وخصوصاً حملات بعض المرشحات التي بلغت من القوة درجة جعلت مراقبين يرجحون دخول امرأة أو اكثر الى مقاعد البرلمان للمرة الأولى خلال 48 عاما. وكانت استاذة الفلسفة في جامعة الكويت الدكتورة أسيل العوضي اقتربت كثيرا من نيل مقعد في انتخابات 2008، لذا جلبت حملتها هذه المرة حماسة مؤيديها والليبراليين بشكل خاص. وبالفعل فان استفتاءات اولى لتوجهات الناخبين اعطت العوضي مرتبة متقدمة بين مرشحي الدائرة الثالثة التي تصنف بأن ناخبيها هم الاعلى ثقافة وتعليماً في الكويت. غير ان الدكتورة العوضي التي طالما استعانت في ايصال خطابها السياسي الى الجمهور بالتقنيات المعلوماتية مثل الانترنت وغيرها، وجدت خصومها ينفذون اليها عبر هذه التقنيات نفسها، فقد نشر احدهم على الموقع الالكتروني الشهير «يوتيوب» مقطعاً صوتياً لها سجل سراً خلال احدى محاضراتها في الجامعة وتتناول فيه موضوع الحجاب نافية شرعيته، وتقول انه كان مخصصا لزوجات النبي محمد (ص) دون غيرهن من النساء. وشاع هذا المقطع بين جمهور الناخبين واستثار ردود فعل حادة من الاسلاميين الذين هاجموا العوضي لخوضها في مواضيع فقهية ليست من تخصصها، وردت على الاتهامات بأن المقطع المذاع «مجتزء من سياق حديثها» وانها «كانت تحفز الحوار بين الطالبات حول موضوع الحجاب عن طريق طرح كل الآراء المتضاربة حول هذا الموضوع». وحركت العوضي دعوى قضائية ضد موقع «يوتيوب» وطلبت من ادارة الجامعة التحقيق فيمن سجل وسرب التسجيل الصوتي من الطالبات. ثم ما لبثت الحملة الاصولية ان اتسعت لتشمل المرشحات كلهن. واصدرت مجموعة من الاسلاميين السلفيين بيانا اعتبرت فيه ان من يصوت لمرشحة يكون «آثما»، مستنداة الى فتوى اصدرتها لجنة الفقهاء الشرعية في وزارة الاوقاف العام 1982 بأن عضوية البرلمان هي «من الولاية العامة التي لا تجوز الا للرجال»، لذا وجد الليبراليون ان نجاح امرأة في الانتخابات الحالية هدف رئيسي في اطار المواجهة الفكرية مع الاسلاميين. غير ان «يوتيوب» و «الفتاوى» لا بد ان يتركا أثراً عند جمهور الناخبين الذين يغلب عليه الاتجاه المحافظ، بما ذلك الناخبات اللواتي يشكلن 56 بالمائة من ذلك الجمهور.