هذا الشهر اتهمت إسرائيل القاضي ريتشارد غولدستون الذي دانها بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة بأنه «لعب دوراً نشطاً في تنفيذ القوانين العنصرية لأحد أوحش الأنظمة في القرن العشرين». وكتبت في 14 من هذا الشهر مقالاً قلت فيه إن إسرائيل أحد أوحش الأنظمة في القرن العشرين وفي القرن الواحد والعشرين، وأنها كانت أول متعاون مع نظام الأبارتهيد في جنوب أفريقيا، والى درجة التجارب النووية، هي لاستخدامها ضد العرب والمسلمين وهو لاستخدامها ضد السود. لم أكن أكشف سراً في إشارتي الى العلاقة النووية بين النظامين العنصريين الإسرئيلي والجنوب أفريقي (السابق)، فقد ترددت معلومات عنه باستمرار ونفيت دائماً. اليوم هناك دليل واضح على تلك العلاقة المجرمة، فالشهر لم ينته حتى كانت صحف العالم تنقل عن كتاب جديد عنوانه «الحلف غير المعلن» من تأليف ساشا بولاكوف - سورانسكي، وهو أكاديمي أميركي يبدو من اسمه أنه يهودي، ويضم وثائق تثبت التهمة القديمة. الكتاب يضم وثائق «سرية للغاية» عن اجتماعات بين مسؤولين كبار من البلدين، فقد طلب وزير خارجية جنوب أفريقيا في حينه ب. دبليو بوتا رؤوساً نووية من شيمون بيريز، وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه ورئيس إسرائيل الآن، وعرض بيريز عليه رؤوساً نووية من ثلاثة أحجام. بيريز نفى التهمة ما يؤكدها نهائياً، فهو دجال محترف، ومجرم حرب، ويكذب كما يتنفس، وقد لعب دوراً في شراء مفاعل ديمونا من فرنسا ولا يزال ينكر ويكذب حتى اليوم. وعلى سبيل التذكير فهذا الدجال فاز بجائزة نوبل للسلام، وكان يجب أن يفوز بها في الكذب، فلا أحد يسبقه في هذا المضمار. أرجو أن يلاحظ القارئ كيف اتهمت إسرائيل القاضي غولدستون بما فيها، فهي لم تجد مثلها سوى النظام العنصري في جنوب أفريقيا فتعاونت معه وأنكرت. ثم أرجو أن يلاحظ القارئ كيف نقلت التهمة الأخرى إليها، فهي تتهم رجال المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، وهي أم الإرهاب وأبوه مارست الإرهاب قبل تأسسها وتمارسه اليوم، وقد قتلت الألوف من النساء والأطفال، والمدنيين من كل عمر وجنس، بعد ان احتلت ودمرت وسرقت الأرض، ثم تتهم ضحاياها بالاعتداء عليها. هناك كل يوم جريمة إسرائيلية ضد الناس أو ضد الإنسانية كلها، وقد تزامن خبر الوثائق عن اجتماعات التعاون النووي مع سجن مردخاي فعنونو ثلاثة أشهر لمخالفته شروط الإفراج عنه. وكان هذا الإسرائيلي داعية السلام كشف البرنامج النووي الإسرائيلي سنة 1986، وخُطِف وحُكم عليه سنة 1988 بالسجن 18 عاماً، وحكم عليه سنة 2007 بالسجن ستة أشهر أخرى، كما حكم عليه هذا الشهر بالسجن ثلاثة أشهر، فيما كانت الصحف تنشر الأدلة الثبوتية عن البرنامج النووي الإسرائيلي. في الوقت نفسه كانت حكومة إسرائيل وعصابات المستوطنين والجماعات المؤيدة لهم تهاجم الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض والسلطة الوطنية كلها لمنع استيراد منتجات المستوطنات في الأراضي المحتلة. وأرجو القارئ، مرة ثالثة، أن يلاحظ الوقاحة المتناهية في هذا الموضوع، فالنقطة الأولى في المفاوضات لقيام دولة فلسطينية هي إخراج المستوطنين من الضفة الغربية، والحكومة الإسرائيلية الفاشستية تريد من الفلسطينيين دعم الاستيطان بشراء ما ينتج في الأراضي المسروقة من الفلسطينيين. في وجه النازية الإسرائيلية سحبتُ اعترافي بإسرائيل، وعدت لأقول إن فلسطين من البحر الى النهر، وإنني أرفض الادعاءات اليهودية الدينية وغيرها في أرض فلسطين، ولن أغير هذا الموقف حتى تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة. مع كل ما سبق كنت أقرأ رفض إسرائيل عرضاً من قطر لإعادة فتح القنوات الديبلوماسية معها مقابل أن تسمح لقطر بإرسال مواد أساسية لإعادة بناء مشاريع حيوية في القطاع. وهكذا فإسرائيل تريد أن يبقى ما هدمت مهدّماً حتى مع وجود إغراءات قطرية على الجانب الديبلوماسي. إسرائيل دولة من دون شرعية دولية، مع إنها عضو في الأممالمتحدة، وسأكمل غداً بتفاصيل عن هذه النقطة، ولكن أرجو من القارئ أن يلاحظ أن غولدستون يهودي، وأن الكتاب الجديد الذي يثبت التعاون النووي مع جنوب أفريقيا العنصرية من تأليف يهودي، وقد قرأت مقالاً في «معاريف» كتبه ياريف أوبنهايمر، السكرتير العام لجماعة «السلام الآن» يدافع فيه عن حق الفلسطينيين في مقاطعة منتجات المستوطات ويسخر من الموقف الإسرائيلي الرسمي، هؤلاء اليهود يريدون السلام ويمكن عقد سلام معهم غداً. [email protected]