ما ان تنتهي قناة «روج تي في» من حلقة استهداف، حتّى تجد نفسها في مواجهة حلقة جديدة. فبعدما دهم 300 عنصر من مكافحة الإرهاب استوديواتها في العاصمة البلجيكيّة بروكسل في آذار (مارس) الماضي، واعتدوا بالضرب والإهانة على العاملين فيها وإعلامييها وضيوف برامجها، وحطّموا معدّاتها، وتسببوا لها بخسائر ماديّة وصلت الى 1,2 مليون يورو، ثمّة حلقة جديدة من مسلسل الاستهداف لهذا المنبر الإعلامي الكردي، تجلّت في حملة قادتها صحيفة «برلينكسكه تيدنده» الدنماركية!. ومعلوم أن ترخيص بثّ «روج تي في» ممنوح من شركة دنماركية. وقد تسبب ذلك في أزمة بين تركيا والدنمارك. إذ أن رئيس الوزراء التركي طالب بطرد مراسلة «روج تي في» من مؤتمر جمعه برئيس الوزراء الدنماركي السابق راسموسن. إلاّ أن الأخير رفض. وحين ترشّح راسموسن لرئاسة حلف شمال الأطلسي، وضعت تركيا مسألة إغلاق «روج تي في» على طاولة بازار الموافقة على ترشيح راسموسن لمنصبه الجديد. وبدا أن المساعي التركيّة، تعرقلت، نوعاً ما. وكان مسؤول أميركي، صرّح بأن الحملة البلجيكيّة على «روج تي في» قبل شهرين كانت أميركية المصدر. الصحيفة الدنماركيّة، في تهجُّهما على القناة الكرديّة، تتهمها بدعم الإرهاب، والترويج لتجنيد الأطفال وزجّهم في الحرب لمصلحة حزب العمال الكردستاني ضدّ الجيش التركي. واستندت الصحيفة في تعليقاتها، إلى صور، كان الصحافي متين يوجه - مدير شركة إنتاج فنّي يزوّد «روج تي في» بالبرامج - قد ألتقطها أثناء زيارته جبال قنديل. كما استندت الصحيفة إلى البرامج والحوارات واللقاءات التي كانت تجريها «روج تي في» في معاقل العمال الكردستاني، في المثلث الحدودي العراقي - التركي - الإيراني. كما استندت إلى أقوال مانوشر زونوزي الذي كان مسؤولاً إداريّاً بارزاً في «روج تي في»، وطرد منها، قبل سنة. تفيد الأخبار الآتية من المناطق الكرديّة، جنوب شرقي تركيا أن حدّة الاشتباكات بين الجيش التركي ومقاتلي العمال الكردستاني تزداد وتيرتها، وهي مرشّحة لمزيد من التصعيد. كما تتهيأ حشود عسكريّة على الحدود التركيّة - العراقيّة، لاجتياح عسكري جديد للمناطق الكرديّة العراقيّة بحجّة تصفيّة العمال الكردستاني. وبما ان المناطق الكرديّة التركيّة والعراقيّة مغلقة على الإعلام، والقناة الكرديّة «روج» هي الوحيدة، التي ستكون المصدر الرئيس الذي يمثّل الجانب الكردي في هذا الصراع، اعتبر بعض المراقبين ان لا مناص من إطفاء هذه الشاشة بغية حصر المعلومة والصورة بالمصادر التركيّة. واللافت، أن حملة الصحيفة الدنماركية تلك، كانت مدعومة بتغطية من الإعلام التركي أيضاً، كما تلقّف إعلام منظمة رعاية الأمومة والطفولة التابعة للأمم المتحدة (يونيسيف)، ما نشرته الصحيفة الدنماركيّة، ما يوحي بوجود تنسيق مسبق بهذا الصدد. ولم تغب التصريحات الرسمية عن الحدث، إذ اعتبر وزير العدل الدنماركي لارس بارفود، والنائب العام ليسلوت نيلاس، أن الصحيفة «ضخَّمت القضيّة». وأكّدا «أن البحث في قضيَّة «روج تي في» ما زال مستمراً. «ولكن حتى الآن لا وجود لقرائن تدينها». وأشارت النيابة العامّة الدنماركية إلى أن إجراء اللقاءات الصحافية مع قيادات العمال الكردستاني، في جبال قنديل، لم تخرج من إطار القوانين المعمول بها. صاحب الصور، متين يوجه، استنكر نشرها من دون إذنه، وصرّح إلى برنامج «روج آكتول» التي تبثّه «روج تي في»، بأنّه سيرفع دعوى على الصحيفة. وأضاف أنه تلقّى «تهديداً بنشر الصور، من الصحافي سيمون بندستن بواسطة الخليوي في 19 الجاري، وعبر البريد الإلكتروني، للضغط عليه، بغية الاشتراك في هذه الحملة». وذكر يوجه، أن طبيعة العمل في شركة الإنتاج «تتطلب القيام بجولات كثيرة. قمنا بزيارة كردستان العراق، ومناطق أخرى. التقطنا صوراً كثيرة في مناطق وقرى. ونشر الصور، بهذا الشكل، غير أخلاقي ومضحك في الوقت ذاته. نحن التقطنا صور الأطفال الكرد، الذين ارتدوا زيّ المقاتلين الأكراد أيضاً. لم نقم بشيء جديد. سبقنا إلى ذلك، مراسلو «بي بي سي» ورويترز والكثير من الصحف والوكالات إلى منطقة قنديل. لا يجوز أن نصف هذه الزيارات على أنها تقع في خانة العلاقة بين حزب العمال الكردستاني وهذه الوكالات والصحف». هذا وكانت صحف ومجلات وشبكات تلفزيونية عالميّة وعربيّة، زارت تلك المناطق، وأجرت حوارات وتقارير، منها «سي أن أن»، «سي بي أس»، «بي بي سي»، «الجزيرة»، «العربيّة»، والعشرات من الصحف العالميّة والعربيّة والتركيّة. وكان كاتب هذه السطور موجوداً في تلك المناطق، في صيف 2007، وأجرى حوارات وتحقيقات لمصلحة صحيفة «الحياة». وفي سياق التنديد بما تتعرّض له «روج تي في»، أصدر عدد من الجمعيّات والمؤسسات الكرديَّة في أوروبا بياناً مشتركاً، دان «حملة التشويه والتضليل التي تسيّرها صحيفة «برلينكسكه تيدنده» الدنماركيَّة، ضدّ الفضائيَّة الكرديّة». ومن الجمعيّات التي وقّعت البيان؛ «اتحاد الأكاديميين والطلبة الكرد»، «مركز الثقافة الكرديّة»، «اتحاد المهنيين الكرد»، «جمعيّة حلبجة»، «جمعيّة المرأة الكرديّة»، وجمعية الشبّان الكرد».