قالت الرئاسة المصرية أمس إن رئيس الوزراء الكيني رايلا أودينغا والرئيس الكونغولي جوزيف كابيلا أكدا للرئيس المصري حسني مبارك أن بلديهما وباقي دول حوض النيل «لا يمكن أن تضر بمصالح مصر المائية». وسعى الناطق باسم الرئاسة السفير سليمان عواد في أول تعليق على الخلاف بين مصر والسودان من جهة ودول منابع النيل من جهة أخرى على اقتسام مياه النهر، إلى تهدئة الرأي العام بعدما ارتفعت نبرة القلق من تقليص حصة مصر من مياه النيل البالغة 55.5 بليون متر مكعب سنوياً بعد توقيع خمس من دول المنبع، هي إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا وروندا وكينيا، اتفاقاً في عنتيبي يعيد توزيع حصص مياه النهر ويتجاهل تحفظات القاهرة والخرطوم، فيما لا تزال الكونغو وبوروندي تدرسان توقيع الاتفاق. وبدا عواد حريصاً على تأكيد «العلاقات الطيبة» بين مبارك ورئيس وزراء اثيوبيا ملس زيناوي الذي أطلق تصريحات أثارت استياء في مصر قال فيها إن «المسؤولين المصريين يتحدثون لغة بالية وأن مصر لا يمكنها منع إثيوبيا من بناء السدود». وقال الناطق باسم الرئاسة إن «إثيوبيا هي البلد الذي يأتي إلينا منه 85 في المئة من مياه النيل، وأؤكد أن الرئيس مبارك وزيناوي صديقان ويحترمان بعضهما البعض». وانتقد وسائل إعلام مصرية أعادت نشر مقالات كتبها صحافيون في دول حوض النيل «لا تعبر عن الآراء والمواقف السياسية لهذه الدول». وعبر في رده على سؤال عن تفسيره للتصريحات غير الودية من كبار المسؤولين في دول المنبع، عن أمله في «أن لا نقفز إلى استخلاص المواقف النهائية للدول في قراءة تصريح صادر من هنا أو هناك، فهناك في هذه الدول من يقبل على انتخابات وتهمه أصوات الناخبين والرأي العام الداخلي لديه»، في إشارة إلى الانتخابات الإثيوبية التي أجريت أمس. وكان مبارك استقبل أمس الرئيس الكونغولي ورئيس الوزراء الكيني كل على حدة، وناقش معهما «العلاقات الثنائية وقضايا أفريقية، خصوصاً في منطقة حوض النيل». وجرت لكابيلا مراسم استقبال رسمية، فيما تناولت المحادثات مع اودينغا «التعاون بين دول حوض النيل، خصوصاً في مجالات الري والزراعة». وأشار عواد عقب اللقاءين إلى أن «رئيس الوزراء الكيني هو من أثار مع الرئيس مبارك موضوع توقيع بلاده على الاتفاق الإطار لدول حوض النيل أخيراً، مؤكداً في عبارات واضحة أن كينيا أو أي من دول المنبع لا يمكن أن تفكر أو تتجه إلى الاضرار بمصالح مصر المائية، والرئيس مبارك أكد من جانبه أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، وأن الإطار الحالي للتعاون في دول حوض النيل هو إطار رحب ويمكن أن يتسع». وأوضح أن أودينغا «أبدى اهتماماً بزيادة المعونة الفنية لبلاده في مجال إدارة المياه وحفر الآبار وترشيد استخدام المياه، وكذلك بزيادة التعاون في مجال استيراد الأسمنت ومعدات البناء من مصر في إطار المزايا التي توفرها عضوية كل من مصر وكينيا في اتفاقية الكوميسا». وأضاف أن «رئيس الكونغو أكد من جانبه مجدداً حرص بلاده على عدم الإضرار في أي شكل بمصالح مصر المائية على النحو الذي أكده رئيس الوزراء الكيني للرئيس مبارك، إذ أكد الرئيس كابيلا اقتناع بلاده التام بأن أي اتفاق بين دول حوض النيل ينشئ مفوضية مبادرة حوض النيل لا بد من أن يتم بتوافق الآراء، ولا بد من أن يحقق المصالح المتبادلة لدول حوض النيل، بما في ذلك دول المنبع والمصب وفقاً لمبدأ لا ضرر ولا ضرار». وعن توقيت الزيارتين، قال عواد إنهما كانتا مقررتين سلفاً «والعلاقات بين مصر وبين دول حوض النيل علاقات لم تنقطع وعلى أعلى مستوى ومتواصلة، سواء على المستوى السياسي أو التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري». وحذر من «التهويل والمبالغة في الموقف الحالي في ما يتعلق بدول حوض النيل». وقال رداً على سؤال عما إذا كان اتفاق عنتيبي يعني انفراط العقد بين مصر والدول الموقعة عليه: «كلمة انفراط العقد كلمة كبيرة لأن علاقات مصر بدول حوض النيل وثيقة ولا يجب الاستماع لمن يقول إن علاقات مصر مع دول إفريقيا تتراجع... آمل أن لا يتم تناول ملف حوض النيل بالتهويل أو التأويل. وأنا على ثقة بأن ما يسمعه الرئيس مبارك من القيادات السياسية لهذه الدول كفيل بأن يفضي إلى التوصل إلى اتفاق بين الأشقاء من منظور قيادات سياسية واعية وحكيمة بعيداً من الخلافات على الصيغ القانونية في شأن هذه المادة أو تلك». وشدد على أن مبارك «يتابع هذا الموضوع على مدار الساعة باعتباره وثيق الصلة بالأمن القومي المصري، ويتلقى تقارير على مدار الساعة من رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد نظيف باعتباره رئيس اللجنة العليا لمياه النيل إضافة إلى تقارير وزيري الخارجية والري». وأضاف أن «الرئيس يتابع هذا الموضوع وهو على ثقة واطمئنان كاملين... وعندما يتم ترفيع الموضوع إلى المستوى الرئاسي ومستوى القيادات السياسية لدول حوض النيل، فستلتقي هذه الدول على كلمة تجمع الأشقاء من منظور حكيم لقيادات سياسية تعلم أن تحقيق الاستقرار والتنمية والتعاون رهن التوصل إلى اتفاق عبر توافق الآراء وليس بإجراءات أحادية الجانب». وأشار إلى أن لقاءي مبارك مع رئيس الكونغو ورئيس وزراء كينيا كانا «وديين للغاية». وقال: «موقف مصر والسودان سليم قانونياً وترقية النقاش من المستوى الفني لوزراء المياه إلى المستوى السياسي كفيل بحسم أي خلاف عالق».