أعلنت القاهرة أمس أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند سيقوم بزيارة رسمية منتصف الشهر المقبل، يلتقي خلالها نظيره المصري عبدالفتاح السيسي الذي رهن ترشحه لولاية ثانية ب «إرادة الله والشعب»، واستبعد في شدة «التدخل عسكرياً في ليبيا». وأكد في تصريح تلفزيوني أن دور الجيش «يقتصر على تأمين الحدود المصرية». والتقت أمس وزيرة التعاون الدولي سحر نصر السفير الفرنسي في القاهرة أندريه باران ومدير مكتب الوكالة الفرنسية للتنمية في القاهرة ستيفاني لافرنشي، لتأمين حزمة اتفاقات ومذكرات تفاهم سيتم التوقيع عليها خلال زيارة الرئيس الفرنسي التي تبدأ في 18 الشهر المقبل وتستمر يومين. وأفاد بيان وزعه مكتب نصر بأن اللقاء بحث في «أوجه التعاون المشترك والمستقبلي بين القاهرةوباريس والمشاريع التي يمكن التعاون فيها وفقاً لأولويات الحكومة المصرية، كما ناقش الجانبان الاتفاقات ومذكرات التفاهم المزمع التوقيع عليها خلال الزيارة المرتقبة لهولاند، والتي تشمل مجالات النقل والطاقة والمياه والتدريب الفني». ونقل البيان تأكيد السفير الفرنسي عزم حكومة بلاده «التعاون مع مصر على إنجاح زيارة الرئيس هولاند إلى القاهرة بما يعود بالنفع على البلدين»، مشيداً ب «دور مصر الإقليمي والدولي والتقدم الكبير والتأثير الذي تمارسه في المنطقة». وكان هولاند زار مصر للمرة الأولى في آب (أغسطس) الماضي، لكن اقتصرت الزيارة على حضور افتتاح توسعة المجرى الملاحي لقناة السويس، فيما زار السيسي باريس في العام 2014، وزارها في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي لحضور قمة المناخ. وكان الجيش المصري أطلق الأحد الماضي مناورات عسكرية بحرية وجوية مشتركة مع فرنسا على السواحل المصرية تحت اسم «رمسيس 2016». وأوضح الناطق باسم الجيش المصري في بيان أن «التدريب يأتي في إطار خطة التدريبات المشتركة للقوات المسلحة لكلا البلدين الصديقين». وكانت مصر وقعت عقداً في شباط (فبراير) العام الماضي قيمته 5.2 بلايين يورو لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز «رافال»، وفرقاطة متعددة المهام وصواريخ من طراز «فريم». وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، اتفقت مصر على شراء سفينتين حربيتين من طراز «ميسترال» بعد شهرين من تراجع فرنسا عن بيع السفينتين لروسيا بسبب العقوبات المفروضة عليها من جراء النزاع في أوكرانيا. وأشار الناطق العسكري المصري إلى أن التدريب «يشمل مشاركة الوحدات والقطع البحرية المصرية والفرنسية والفرقاطة المصرية من طراز فريم التي تشارك للمرة الأولى بطاقمها المصري في تنفيذ أنشطة تدريبية مشتركة». وتشارك القوات الجوية في مهام تدريبية بتشكيلات من مقاتلات «رافال» و «إف - 16» و «ألفاجيت» وطائرات الإنذار المبكر من طراز «إي تو سي»، وفق المصدر نفسه. وكان السيسي كشف في مداخلة تلفزيونية مساء أول من أمس حزمة مشاريع تعهد تنفيذها في سيناء خلال سنة ونصف السنة تبلغ كلفتها نحو 10 بلايين جنيه. وعن إمكان ترشحه لولاية ثانية، أكد السيسي أن «حكم مصر بيد الله وإرادة الشعب»، مشيراً إلى أن المشاريع التي يتحدث عنها «مخطط الانتهاء منها خلال فترة ولايتي الأولى» التي تنتهي منتصف العام 2018. وتطرق إلى الهجوم الذي شنه «داعش» في تونس أول من أمس، مشيراً إلى تحذيراته من الأوضاع في ليبيا «كون العناصر الإرهابية تتجمع في ليبيا وستتحين الفرص للهجوم شرقاً وغرباً، وربما على أوروبا». لكنه رفض في شدة الهجوم الاستباقي على معاقل التنظيم في ليبيا، قائلاً: «التاريخ لن يرحمنا في حال حصول ذلك. ليبيا دولة ذات سيادة، ولا يمكن التدخل عسكرياً فيها. مهمتنا الحفاظ على حدودنا من الداخل». إلى ذلك، دشن الرئيس السابق للجنة صياغة الدستور الديبلوماسي المخضرم عمرو موسى أمس مؤسسة أهلية أطلق عليها اسم «المؤسسة المصرية لحماية الدستور»، تهدف وفقاً للبيان التأسيسي إلى «التوعية بمبادئ الدستور والدعوة إلى احترامها، واقتراح سبل تفعيلها، إضافة إلى رصد التشريعات واللوائح المخالفة لأحكام الدستور وإعداد الدراسات والاقتراحات بتعديلها، ومشاريع القوانين المكملة أو المنفذة للدستور وتقديمها إلى الجهات المختصة». وستعقد المؤسسة «الندوات والمؤتمرات وتدير حواراً مجتمعياً حول الدستور وتتواصل مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتصدر نشرات غير دورية في ما يخص إنفاذ مواد الدستور». وأعلنت المؤسسة «رفضها محاولات تعديل بعض مواد الدستور». وأوضحت في بيانها أنه «رغم أن الدستور لم تطبق غالبية أحكامه بعد، إلا أن أصواتاً ظهرت تدعو إلى تعديله، بدعوى أن بعض نصوصه قد يعطل السلطة التنفيذية عن القيام بوظائفها الدستورية». وشددت على أن «أي قراءة للدستور تكشف أنه احتفظ لرئيس الجمهورية، باعتباره رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية، بصلاحيات واسعة في إطار توازن دقيق بين السلطات، تمكنه تماماً من القيام بمسؤولياته بفعالية». واعتبرت أن «الدعوات إلى تعديل دستور نالت موافقة 98 في المئة ممن أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء عليه من دون انتظار أن يكشف تطبيق أحكامه عن أوجه ضعف أو ثغرات، تتجاهل الإرادة الشعبية وتعطل مسيرة الدولة نحو التقدم الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بالاستقرار الدستوري». من جهة أخرى، استقبل السيسي أمس في قصر الاتحادية الرئاسي نائب رئيس وزراء سنغافورة الوزير المنسق للأمن القومي تيو تشي هين، وأكد أن هذه المناسبة «تدشن مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، ستشهد مزيداً من التنسيق والتعاون في مختلف المجالات، لاسيما أن سنغافورة تأتي في مقدمة الدول التي تتطلع مصر إلى تعزيز العلاقات معها بالنظر إلى تجربتها التنموية الرائدة». ونقل بيان مصري عن نائب رئيس وزراء سنغافورة «اعتزاز بلاده بعلاقات الصداقة المتميزة التي تربطها بمصر، وتطلعها إلى الارتقاء بالعلاقات مع مصر، موضحاً أن زيارته إلى مصر تهدف إلى تفعيل ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة السيسي إلى سنغافورة في آب (أغسطس) الماضي، وأن الشركات السنغافورية الخاصة قامت بدراسة السوق المصرية، وخلُصت إلى أن فرص العمل والاستثمار في مصر واعدة ومربحة، وهو الأمر الذي يدلل على ما حققته مصر من استقرار سياسي وإصلاح وتقدم اقتصادي». وأوضح الناطق باسم الرئاسة المصرية علاء يوسف أن «اللقاء تناول كذلك مكافحة الإرهاب، ولاسيما من خلال البُعد الفكري والديني، وتوافق الجانبان على أهمية تصويب الخطاب الديني وتنقيته من أية أفكار مغلوطة تكون قد علقت به، من أجل إظهار الصورة السمحة الحقيقية للإسلام وتعاليمه السامية التي تحض على التسامح والرحمة والتعارف وقبول الآخر». وأكدا «أهمية تحصين المجتمعات ضد التطرف والأفكار المغلوطة والهدامة، مع العمل الجاد على الحيلولة دون استخدام وسائل التكنولوجيا والتواصل الحديثة من قبل التنظيمات الإرهابية لنشر أفكارها المتطرفة واستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها». وأشادا ب «دور الأزهر الشريف في تصويب الخطاب الديني ونشر القيم الوسطية المعتدلة التي تمثل جوهر الإسلام الحقيقي».