عارضتُ كل حرب ولا أزال، وقبلت للفلسطينيين دولة في 22 في المئة من أرضهم، وعندما فشلت العملية السلمية سحبت اعترافي بإسرائيل، وعدت للمطالبة بفلسطين من البحر الى النهر، مع اعترافي بأن هذا الموقف مربوط بالتطرف الإسرائيلي المقابل حيث تعاقب على الحكم مجرمو حرب وفاشيست. قناعتي هي ان العملية السلمية الجديدة ستنتهي بالفشل، وان الرئيس أوباما على رغم كل نواياه الحسنة وقدراته سيخيب أمله في النهاية وآمالنا معه، فنحن أمام حكومة اسرائيلية تضم عصابات جريمة من نوع عصابات المخدرات المكسيكية لا أحزاباً سياسية، وهناك سيطرة كاملة للوبي اليهودي على مجلسي الكونغرس الأميركي، وميديا متواطئة، فحتى الصحف الأميركية الليبرالية الكبرى تصبح ليكودية عندما يكون الموضوع اسرائيل، كما نرى في «واشنطن بوست» كل يوم. في مثل هذا الوضع لا أملك سوى أن أتابع نشاط عصابة اسرائيل، وقد أشرت قبل أيام الى مشروع قانون يرعاه السناتور جوزف ليبرمان وسكوت براون لتجريد مواطنين أميركيين من جنسيتهم إذا أيدوا الإرهاب مادياً (أي بأكثر من الكلام). لو أقر هذا القانون وطُبق بدقة لكان ليبرمان أول من يخسر جنسيته الأميركية لأنه اسرائيلي قبل أن يكون أميركياً، وهو يؤيد الإرهاب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، ويقدم مصالح اسرائيل على مصالح «بلاده» الولاياتالمتحدة، وقد فعل ذلك ديموقراطياً ومستقلاً وسيظل يفعل ذلك لأن قضيته اسرائيل وحدها. أقول له ان اسرائيل دولة قامت على خرافات توراتية ولا أصل تاريخياً لها أو لأنبيائها ولا آثار تؤيد مزاعم الحركة الصهيونية. بكلام آخر، هي دولة لصوص سرقوا الأرض من أهلها ولا يزالون يسرقونها، ويقفون أمام كل تهديد للمصالح الأميركية حول العالم. أستطيع أن أقول ما سبق لأنني لست عضواً في الكونغرس واللوبي اليهودي يشتري لي مقعدي. وأكمل ببعض بذاءات المواقع الليكودية، فبينها من يحاول أن يجد أسباباً قانونية لبناء المستوطنات وسرقة بيوت الفلسطينيين في القدس. وموشى دان (طبعاً موشى) يسأل عن القانون الذي يجعل الاستيطان غير شرعي في مقال بعنوان «أمة غير شرعية؟». المستوطنات ليست وحدها غير شرعية، فإسرائيل كلها بؤرة استيطان غير شرعية، وهي ستبقى كذلك حتى تقوم دولة فلسطينية مستقلة تعطيها صك الشرعية التي لا تأتي من طريق سناتور اسرائيلي في واشنطن، أو ميديا ليكودية، وانما من طريق واحد فقط هو تنازل أصحاب الأرض من الفلسطينيين عن حقهم فيها. في غضون ذلك أقرأ أن ديفيد هوروفيتز الذي يرأس موقعاً ليكودياً اشتبك مع طالبة عربية اسمها جمانة عماد البحري خلال «أسبوع ابارتهيد الإسرائيلي» الذي نظمته جمعية الطلاب المسلمين في جامعة كاليفورنيا. هو حمل على الطالبة لأنها تؤيد حماس وحزب الله، وهما منظمتان ارهابيتان، على حد قوله. أسجل أنني أؤيد حماس وحزب الله ضد اسرائيل فكلاهما حركة تحرر وطني، واسرائيل منظمة ارهابية تقتل النساء والأطفال. وأزيد ان الليكودي هوروفيتز عندما ينكر ارهاب اسرائيل فهو ينكر ان الشمس تطلع من الشرق، لأن اسرائيل قامت على الإرهاب ومارسته في 62 سنة من وجودها غير الشرعي (منذ 29/9/2000 وحتى اليوم قتل 1500 ولد فلسطيني دون الخامسة عشرة، مقابل 135 ولداً اسرائيلياً). والحقيقة الأولى في هذا الجدل أنه لولا وجود اسرائيل لما وجد الإرهاب المقابل الذي تتهم به حركات المقاومة، وهل يمكن أن ينكر أحد أن وجود اسرائيل والاحتلال والتدمير والقتل هو سبب قيام فصائل المقاومة من نوع حزب الله بعد اجتياح الإسرائيليين لبنان، وحماس بعد احتلال الضفة والقطاع. لا أغيب عن مكتبي ثم أعود اليه إلا وأجد عشرات المقالات والبيانات التي يرصدها مركز الأبحاث في «الحياة» عن عصابة اسرائيل في الولاياتالمتحدة، ولم أعلق اليوم على أكثر من ثلاثة أخبار أو أربعة من أصل المادة المتراكمة. وفي حين أنني فقدت الأمل بالعملية السلمية، فإنني أجد سبباًَ للتفاؤل بمستقبل بعيد أرجح أن أغيب عنه، فأنصار اسرائيل يواجهون انتفاضة في الجامعات الأميركية ضد جرائم اسرائيل، والطلاب لا بد أن يصلوا الى دوائر الحكم وأن يحكموا يوماً، كما ان هناك أعداداً متزايدة من اليهود طلاب السلام حول العالم تعارض السياسة الفاشيستية الإسرائيلية ومؤيديها، وقبل أيام منع نوعام تشومسكي من دخول الضفة الغربية، ما يؤكد ان اسرائيل عندها ما تريد اخفاءه هناك. في المقال عن هوروفيتز والطالبة جمانة، هناك اشارة الى البروفسور نورمان فنكلستين تصفه بأنه «لاسامي». البروفسور مؤلف كتاب «صناعة المحرقة» يهودي وأسرته دفعت ثمن اللاسامية في المحرقة النازية، ثم يُتَّهم باللاسامية ما نفهم معه أن تُتَّهم حركات تحرر وطني بالإرهاب، وأن تُنفى صفة الإرهاب عن اسرائيل وهي تمارسه يوماً بعد يوم. [email protected]