أنقرة، برازيليا، نيويورك، موسكو – أ ب، رويترز، أ ف ب – اعتبرت طهران أمس، أن مشروع قرار طرحته على مجلس الأمن الدول الست المعنية بالملف النووي الإيراني، لفرض عقوبات جديدة عليها، «لا شرعية له على الإطلاق». وأبدت البرازيل وتركيا استياءهما من تجاهل مشروع القرار اتفاق التبادل النووي الموقّع مع إيران، فيما جددت موسكو تحذير واشنطن من فرض عقوبات أحادية على طهران. وقال رئيس «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» علي أكبر صالحي ان «التهديد بفرض عقوبات، عفا عليه الزمن. هذه محاولة أخيرة يقوم بها الغربيون»، مضيفاً «علينا ان نصبر لانهم لن يحققوا مرادهم، بل انهم يجردون أنفسهم من الصدقية في نظر الرأي العام، من خلال متابعتهم السعي الى تمرير قرار جديد. هناك بعض الحكماء بينهم ينصحونهم بتجنب مثل هذه التصرفات الطائشة». وزاد: «يشعرون انه للمرة الأولى في العالم تتمكن دول نامية من الدفاع عن مصالحها على الساحة الدولية، من دون حاجة الى الدول الكبرى، وهذا أمر يصعب عليهم تقبله». أما مجتبى ثمرة هاشمي ابرز مستشاري الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، فاعتبر ان مشروع قرار العقوبات «لا شرعية له على الإطلاق». في الوقت ذاته، رأى النائب محمد كرمي راد عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى (البرلمان) أن مشروع القرار مؤشر الى «هزيمة الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا» إزاء الديبلوماسية الإيرانية. وأثار مشروع القرار استياء البرازيل وتركيا، وهما عضوان غير دائمين في مجلس الأمن، إذ اعتبرتا ان الدول التي قدمته تجاهلت اتفاق تبادل الوقود النووي. وأكدت المندوبة البرازيلية لدى الأممالمتحدة ماريا لويزا ريبيرتو ان «البرازيل لا تشارك في أي مناقشات حول مشروع قرار في هذه المرحلة، لأننا نشعر أن ثمة وضعاً جديداً» بعد اتفاق تبادل الوقود النووي الذي اعتبرته «خطوة أولى مهمة جداً». في الوقت ذاته، لم يستبعد ديبلوماسي تركي إمكان إجراء مناقشات حول مشروع القرار، مستدركاً ان «التركيز هو على المسار الآخر»، في إشارة إلى اتفاق التبادل. جاء ذلك في وقت حض وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو «الجميع على أن يفهم ان إيران أبدت مرونة كبيرة لم تكن متوقعة سابقاً، وأن هذه المرونة فرصة لمرحلة جديدة من الديبلوماسية». وقال: «لا نريد أسلحة نووية في منطقتنا، ولا نريد أي عقوبات جديدة في منطقتنا لأنها تؤثر على اقتصادنا وعلى سياستنا في مجال الطاقة وعلى علاقتنا بجوارنا». أما نظيره البرازيلي سيلسو اموريم فحذر من أن «تجاهل الاتفاق سيؤدي الى ضرب إمكان التوصل الى حل سلمي، عرض الحائط، ونأمل بإتاحة وقت للدرس والتحليل». وقال ان «هذا الاتفاق واقع جديد من الضروري تقويمه، ويقدم خياراً لحلّ سلمي يتم التوصل إليه بالتفاوض. وعلى من يرفض هذا الإمكان أن يتحمل مسؤولية ذلك»، معتبراً أن فرض عقوبات «قد يُغرق الشعب (الإيراني) في عقوبات خطرة ويثير حلقة من ردود الفعل». في المقابل، شددت المندوبة الأميركية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس على ان الاتفاق «لا علاقة له بجوهر المشكلة» التي تتمثل في «انتهاك» إيران «قرارات الأممالمتحدة والتزاماتها الدولية» في شأن وقف التخصيب. وقالت ان مشروع قرار العقوبات لا علاقة له باتفاق التبادل، لافتة الى انه يستهدف رفض طهران وقف التخصيب وخططها لبناء 10 منشآت جديدة لهذا الغرض. وأضافت ان مشروع القرار يمنح قرارات سابقة «أنياباً أضخم» وتضيف إجراءات جديدة «قوية» لتشديد الضغط على ايران، كما «يسعى الى مساندة جهودنا للحوار الديبلوماسي مع ايران، لا ان يكون بديلاً منها». جاء ذلك في وقت أشار الناطق باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي الى ان اعلان طهران مواصلة التخصيب بنسبة 20 في المئة، بعد اتفاقها مع أنقرة وبرازيليا، كان العنصر الحاسم في المساومات التي مكّنت الدول الكبرى من التوصل لاتفاق حول مشروع القرار. أما المندوب الصيني لي باودونغ فأعلن ان بكين تسعى الى قرار «متوازن»، لافتاً الى ان «العقوبات تستهدف إعادة إيران إلى مائدة التفاوض، وليس معاقبة أبرياء ولن تضر بالتجارة المعتادة». وقال: «نعتقد أن توزيع مشروع القرار لا يعني ان باب الديبلوماسية أُغلق». وأضاف ان مشروع القرار يؤكد استعداد الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ل «تعزيز الجهود الديبلوماسية لتشجيع الحوار والمشاورات، من دون شروط». ورأى المندوب الروسي فيتالي تشوركين في مشروع القرار «نصاً يمكننا تقبله، اذ انه يركز في شكل مناسب على مسائل الانتشار النووي، ولا يسبب ضرراً إنسانياً» او يثير مشاكل اقتصادية في ايران. وفي موسكو، أعلنت الخارجية الروسية أن الوزير سيرغي لافروف أبلغ نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون في اتصال هاتفي، موافقة بلاده على مشروع القرار. وأضافت ان «المرحلة المقبلة تتمثل في مواصلة العمل في مجلس الامن حيث سيتمكن الأعضاء غير الدائمين من التعبير عن رأيهم في المشروع»، داعية الى «تحليل الوضع في كل دقة». وحذر لافروف كلينتون من «نية الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي الذهاب أبعد من موقف جماعي في مجلس الأمن، وفرض عقوبات أحادية» على إيران.