بروكسيل - رويترز - حضت المفوضية الأوروبية أمس الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على العمل سوياً بعد خطوات اتخذتها ألمانيا لتقييد تداول أوراق مالية، مثل مبادلات الالتزام في مقابل الضمان. وفي رد على القرار الألماني قال مفوض الاتحاد الأوروبي للأسواق الداخلية والرقابة المالية ميشيل بارنييه: «أتفهم تماماً المخاوف الألمانية والنمسوية في شأن التداعيات المحتملة للبيع على المكشوف». وأضاف: «هذه الإجراءات تكون فعّالةً أكثر إذا جرى تنسيقها على المستوى الأوروبي». وقال بارنييه في بيان: «مهم أن تتصرف الدول الأعضاء سوياً وأن نصمم نظاماً أوروبياً لتفادي المضاربة والتشرذم في الرقابة داخل الاتحاد الأوروبي وعلى الصعيد العالمي». وأوجب مناقشة الإجراءات الألمانية في اجتماع وزراء المال الجمعة المقبل. وفي برلين اعتبرت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل دعم العملة الأوروبية المشتركة (يورو) وترسيخها في منطقة اليورو، أمراً في غاية الأهمية بالنسبة لأوروبا ومستقبلها، ومحكاً لأصعب أزمة مالية تشهدها ألمانيا وأوروبا على السواء، منذ اتفاقات روما حول المجموعة الأوروبية عام 1957. كلام ميركل ورد في بيان حكومي ألقته في المجلس النيابي الاتحادي (بوندستاغ) قبل التصويت على ملف إنقاذ اليورو من جانب كل من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي بما قيمته 750 بليون يورو، من بينها 123 بليوناً نصيب حكومة برلين في شكل قروض على مدى ثلاث سنوات، وفي إشراف آليات رقابة وشروط صارمة، علماً أن التصويت سيكون على الأرجح الجمعة المقبل. واعتبرت ميركل أنه يتعين تجاوز أزمة المال الحالية في أوروبا والتغلب عليها. وأشارت في الوقت ذاته إلى أن المحافظة على اليورو، محافظة على فكرة تأسيس وحدة النقد لأوروبا. وحذرت من انه إذا فشل اليورو فان أوروبا ستفشل أيضاً، ما يتعين تجاوز هذا الخطر الهائل للارتقاء بأوروبا إلى أقوى مستويات «وهذا سيحصل أيضاً». وتابعت: «كلُّ واحد منا هنا يمكن أن يشعر بأن أزمة اليورو الحالية أعظم تحد تواجهه أوروبا في عقود منذ توقيع معاهدة روما. وهذا التحدي مسألة وجود. علينا أن نرتقي إلى مستواه». وأضافت ميركل: «سأبين جوهر الأمر، اليورو أساس النمو والازدهار إلى جانب السوق المشتركة ولألمانيا أيضاً. اليورو في خطر. إذا لم نتعامل مع هذا الخطر فإن العواقب بالنسبة لنا في أوروبا لا تحصى». ولم تستبعد ميركل أن تبلغ حصة ألمانيا في ملف إنقاذ اليورو نحو 148 بليون يورو، تستفيد منها الدول الأعضاء في منطقة اليورو التي تعاني من أزمة مالية مثل اليونان. وأكدت أن أوروبا تحتاج إلى ثقافة استقرار جديدة لليورو والاقتصاد والنمو، لتتفادى حصول أزمات مال لا سيّما على مستوى مجموعة الدول العشرين، وهي أهم الدول الصناعية في العالم، إضافة الى دول صاعدة مثل الهند والبرازيل. ولفتت إلى أن تقديم القروض في إطار ملف إنقاذ اليورو لن يكون تلقائياً، بل يخضع لآليات رقابة وشروط ليست سهلة. وبيّنت أن لدى منح تلك القروض لن يتم المساس باستقلال بنك المركزي الأوروبي، الذي أكدت انه سيحتفظ بمواصلة استقلاله وسيادته ويضمن ترسيخ الأسعار في أوروبا. وطالبت ميركل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بضرورة المحافظة على استقرار موازناتها وعدم الانحراف عن اتفاقية ماستريخت حول وحدة النقد الأوروبي. ورأت أن الأسباب الرئيسة للأزمة تكمن في التبذير والرفاهية أكثر مما تسمح به الأمور في أي بلد عضو في المجموعة. وحضت المستشارة الألمانية الاتحاد الأوروبي على التعجيل بفرض رقابته على أسواق المال واستحداث ضريبة جديدة عليها. وأكدّت أن ألمانيا مستعدة للمضي قدماً بمفردها في حظر البيع على المكشوف». وتتحرك ألمانيا لحظر عمليات البيع على المكشوف لبعض أوراق المال ما أثار مخاوف مستثمرين. وأضافت ميركل أن على القادة الأوروبيين منع المصارف من «ابتزاز» الدول بعد الآن، وأن الاتحاد الأوروبي سيفرض ضريبته الخاصة على المعاملات المالية ما لم تتوصل مجموعة الدول العشرين إلى اتفاق من هذا النوع في حزيران (يونيو) المقبل. ولفتت ميركل إلى أن منطقة اليورو تحتاج إلى إمكانية تنظيم عجز الدول الأعضاء، عن أداء التزاماتها المالية. ويسري مفعول حظر ما يسمى «البيع القصير الأمد من دون رصيد (البيع على المكشوف)» للسندات الحكومية الألمانية باليورو ويطاول عشر مؤسسات مالية مهمة. ويستعير «المستثمرون قصيرو الأمد» سندات لبيعها ومن ثم يشترونها ثانيةً حين ينخفض سعرها، ويعيدونها إلى الجهة التي استعاروها منها. ويفهم ب «البيع قصير الأمد من دون رصيد» الذي يحدث من دون أن يستعير المستثمرون الأسهم.
