لأن المال المتدفق في السعودية يأتي من مخرج واحد ويدور باتجاه واحد فقط، فالتنمية ستبقى عرجاء، فالحكومة هي من «تكد» طوال اليوم لجلب مال التنمية وتصبه في أوردة الوطن، ولأن هذا المال في معظمه مال طائل ومعقود في نواصيه الخير فهو يذهب في معظمه باتجاه العقود الإنشائية والصيانة لتحقيق التنمية المستدامة. لكن ذلك المال الذي تصبه الحكومة صباً، للأسف يذهب بلا رجعة فهو يخترق حواجز الجيوب المحلية ليصل إلى الخزائن الذهبية للتجار في سويسرا ولندن وأحياناً جزر الكاريبي. لذلك أتمنى من وزير المالية بل ارجوه أن يقدم مشروع ضريبة الدخل على الشركات السعودية، الذي طال انتظاره، ارجوه أن يطبقه على تلك الأموال الهائلة التي تدفعها الحكومة، ولا يتم إعادة تدويرها في البلد بسبب عدم وجود نظام ضريبي حقيقي قادر على اخذ قيمة الخدمات والتنمية التي تصنعها الحكومة ومن ثم إعادة تدويرها مرة أخرى في مشاريع تنموية تذهب لمصلحة المواطنين. فلا يوجد في الدنيا دولة تقدم القروض بلا فوائد وتقدم الأرض برسوم رمزية ولا تأخذ ضرائب، إن الأمر يا معالي وزير المالية فيه بخس لذوي الدخل المحدود، فأنت تعلم أن المملكة تتضخم سكانياً كل يوم وسيأتي اليوم الذي لن يكفي الدخل المقبل مهما تعاظم في تحقيق حاجات الناس، بل إن وزارتك تضع سلم أولويات للصرف بسبب محدودية الدخل، فهل نجامل الأغنياء والتجار على حساب الفقراء وذوي الدخل المحدود؟ نحن في حاجة لفرض ضريبة على أصحاب المال «سواء أكانوا أشخاصاً أو شركات» الذين يمارسون المهن والنشاطات «التجارة، الخدمات» في المملكة والذين يزيد دخلهم على مقدار معين من المال في السنة. ولنقرأ معا تصريحاً قاله وزير المالية السعودي في العام 2002 عن قرب إقرار ضريبة الدخل «المملكة تتجه لتفعيل ضريبة الدخل على الأفراد الأجانب العاملين على أراضيها، مضيفاً أن مجلس الشورى يدرس مشروع نظام ضريبة الدخل المطور الذي ينص على تثبيت نسبة الضريبة على الشركات الأجنبية، وعلى الشركاء الأجانب في الشركات المختلطة إلى 30 في المئة، وتفعيل فرض ضريبة على المقيمين الأجانب تزامناً مع تخفيض هذا العبء، إن المقترح حالياً هو تثبيت نسبة 30 في المئة على الشركات، ونسبة اقل من ذلك على الأفراد، انطلاقاً من أهمية فرض هذه الضريبة على الأفراد الأجانب نظراً إلى وجود أشخاص مستثمرين وبالتالي لا بد من تغطية هذا الجانب من الناحية الضريبية، لكي لا يكون هناك تفاوت بين ما يطبق على شركات الأموال وشركات الأشخاص»، «انتهى التصريح». أيها الوزير: المهم ليس في تطبيق نظام ضريبي جزئي على شركات وأفراد غير سعوديين، فهؤلاء لا يمثلون إلا نسباً بسيطة من الدخل الضريبي العادل المفترض أن تأخذه الدولة، بل إن الحاجة ملحة في القريب العاجل إلى فرض ضريبة على أصحاب الأموال وذوي الدخول المرتفعة والشركات السعودية. فعلى قدر الاستفادة من الوطن يجب أن تكون الضريبة، ألا يكفي إعفاء من تجاوز ال «70» عاماً وأكثر، ألا يكفي أن الحكومة السعودية تفضل دائماً المنتج الوطني في كل تعاقداتها على المنتج الأجنبي. إن فك احتكار المال من يد بضعة آلاف من الأثرياء والتجار وتوزيع جزء يسير منه عبر ضريبة دخل صارمة وحقيقية هو تحقيق للشراكة في الوطن. [email protected]