دخلت الحكومة الصومالية، الهشة أصلاً والمحشورة في أحياء محدودة من العاصمة، في فوضى سياسية حادة الثلثاء بعدما رفض رئيس الوزراء عمر عبدالرشيد علي شرماركي الإمتثال لأمر الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد القاضي بإقالته، قائلاً إن الرئيس لا يحق له إقالة حكومة نالت ثقة البرلمان. وجاءت هذه الخلافات (رويترز) في وقت أعلنت وزارة الدفاع اليمنية أمس أن محكمة يمنية قضت بإعدام ستة قراصنة صوماليين لخطفهم ناقلة نفط يمنية في نيسان (ابريل) 2009 في حادث قُتل فيه أحد أفراد الطاقم اليمنيين وفُقد آخر. وحُكم على ستة قراصنة آخرين بالسجن عشر سنوات في ما يتصل بحادث الخطف الذي أصيب فيه أيضاً أربعة من أفراد طاقم السفينة «قانا» التي كانت في طريقها إلى ميناء عدن. ويقضي حكم محكمة الجنايات أمس بأن يدفع القراصنة الذين دينوا لشركة مصافي عدن مالكة السفينة تعويضاً قدره مليونا ريال يمني (9200 دولار). وقالت صحيفة وزارة الدفاع اليمنية على الانترنت إن المحكمة ستقتضي من مصافي عدن دفع نسبة محددة من التعويض لأسر الضحايا اليمنيين. وعلى صعيد أزمة الحكومة الصومالية، كان الرئيس أحمد أعلن الإثنين حل حكومة شرماركي، متعهداً تعيين خلف له في وقت قريب، في خطوة وُصفت بأنها محاولة من الرئيس لإنهاء الخلافات التي نشبت يوم الأحد بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية. إلا أن الإعلان المناقض لقرار الرئيس يعطي صورة مغايرة لما توقعه المراقبون من أن أحمد لا يريد إنشقاقاً داخل إدارته وانه استشار بالتأكيد شرماركي وأقنعه بقبول رأيه، مثلما فعل مع رئيس البرلمان شيخ آدم مدوبي قبل أن يُقدم على إعلان حل حكومة شرعية. وقال شرماركي في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة مقديشو: «أوضحت للرئيس عندما التقيت به أنني لم أقدم استقالتي له، ولذا تبقى الحكومة كما كانت. كما أوضحت له أن قراره يخالف القانون». واستدل شرماكي بمواد قانونية تعطي الريئس سلطة تعيين وتسريح رئيس الوزراء إذا فشلت حكومته في نيل ثقة البرلمان المطلوبة قانوناً. كما استشهد شرماركي بمادة توضح الظروف التي يمكن فيها للرئيس تسريح رئيس الوزراء ونوابه. وتُعطي هذه المادة الرئيس سلطة تسريح رئيس الوزراء ونوابه إذا صوّت البرلمان بغالبية (أي أكثر من 50 في المئة من النواب) على سحب الثقة منهم. وبدأت هذه الخلافات الجديدة الأحد عندما قال رئيس البرلمان مدوبي إن البرلمانيين صوّتوا بغالبية على سحب الثقة من حكومة شرماركي، لكن ذلك لم يكن صحيحاً. وردت الحكومة بأن مثل هذا التصويت لم يحدث في داخل مبنى البرلمان وإنما هو من محض نسيج خيال مدوبي الذي أطاحه البرلمان بغالبية ساحقة (319 صوتاً ضده). وتندرج الخلافات الحالية ضمن فوضى تشل عمل البرلمان الصومالي منذ ما يزيد على عام وسط جدل حول مدة ولاية رئيس البرلمان. ولم تكن الإدارة الصومالية الانتقالية متماسكة منذ تأسيسها في العاصمة الكينية في عام 2004. وهي تعاني ضعفاً وخلافات بين قادتها الكبار حول السلطة والصلاحيات، ما أدى في نهايتها إلى إنهيار حكومة أمير الحرب السابق عبدالله يوسف أحمد في أواخر عام 2008 لتفسح المجال أمام الحكومة الحالية التي هي نتيجة اتفاق بين الحكومة وجزء منشق من المعارضة. وكان هناك اعتقاد في عام 2009 بأن الرئيس الجديد شيخ أحمد، الذي قاد «المحاكم الإسلامية» التي حكمت وسط وجنوب البلاد في النصف الثاني من عام 2006، قادر على تجاوز الخلافات التي أهلكت الإدارات السابقة. بيد أنه لا يزال يعاني من المشاكل نفسها التي عانى منها الرئيس السابق من عصيان رئيس الوزراء وقلة الشعبية. ولم يستطع الرئيس أحمد حتى اللحظة التغلب على المشاكل الأمنية الخطيرة التي تعاني منها البلاد. ويصعب التنبؤ بالنهاية التي يمكن أن تصل إليها الخلافات الحالية بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، علماً أن الرئيس سيغادر إلى تركيا لحضور مؤتمر حول الصومال. وليس واضحاً بعد ما إذا كان ينوي تعيين رئيس وزراء جديد قبل الذهاب إلى أنقرة أو سيلغي زياته ليعالج الأزمة السياسية التي تمتحن قدرته السياسية. وتعطي هذه الخلافات الجديدة بين أحمد وشرماركي صدقية للمعارضة التي طالما نادت بحل الإدارة الصومالية. ولكن يبدو أن المجتمع الدولي لم يفتر بعد من تأييدها ولو بالقول والتصريحات. فقد أصدر مندوب الأمين الأممالمتحدة للصومال أحمدو ولد عبدالله تصريحاً حول قرار حل الحكومة قال فيه «إن للرئيس أن يثق بدعم الأممالمتحدة والمجتمع الدولي في هذه الوقت»، وحض الأشخاص المستفيدين من الفوضى في البلاد على «عدم التدخل في الوضع الحالي». وأضاف عبدالله: «أدعو المجتمع الدولي إلى منح الرئيس دعماً حقيقياً له ولحكومته المقبلة». وتقول المعارضة إنها لا تدرك مغزى إصرار المجتمع الدولي على مساندة حكومة فاشلة على حساب البحث عن فرص تحقيق مصالحة شاملة في البلاد بدعوى أن هناك مئات من المسلحين الأجانب في البلاد. ويقول زكريا حاج محمود العضو البارز في «تحالف إعادة تحرير الصومال»: «ولدت هذه الحكومة ميتة. ولا تعود إليها الحياة كما لا تعود الحياة الى جثة ميتة. ولذا نطلب من المجتمع الدولي عدم محاولة إنعاش هذا الثعلب الميت، لأننا لا نستطيع إعادة تدوير إدارات فاشلة». على صعيد آخر (أ ف ب)، أفادت مصادر متطابقة أن متمردين اسلاميين صوماليين استولوا على مقار منظمة انسانية بريطانية في بلدتين في جنوب وسط الصومال. وقال موظفون محليون إن عناصر من «حركة الشباب» اقتحمت الإثنين مقار منظمة «وورلد فيجن» غير الحكومية في واجد جنوب الصومال حيث تنشط منظمات انسانية وبيداوة (وسط).