يحتل الإعلام مكانة كبيرة في حياة الناس، فهو الوسيلة الأكثر حيوية والأوسع انتشاراً. وقد أحرز نجاحاً فبات من أقوى أدوات الاتصال والتواصل والإقناع الذاتي وأداة التأثير والتغيير وصناعة الرأي العام ولسان حال المجتمعات، فعبره يسهل إيصال الرؤى والأفكار إلى المتلقي، إذ أصبح من الضروري الاستعانة بوسائل الإعلام من أجل بناء المجتمعات اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، إضافة إلى كونه يؤدي دوراً استراتيجياً في التنمية المستدامة بمختلف قطاعاتها، وبالتالي على الإعلاميين أن يعوا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم ويضعوا نصب أعينهم أنهم من ركائز المجتمع في البناء والإصلاح والتغيير. الإعلام رسالة إنسانية نبيلة، وعليه يتوجب على وسائله المتعددة إنجاز رسالتها تجاه المجتمع من خلال مواجهة المشكلات والدخول إلى حياة الناس واستيعابهم وفهم مشكلاتهم والبحث عن مكامن الخلل والمبادرة في تصحيح الاختلالات وتقديم البدائل والحلول، فالإعلام الناجح هو الذي يعبر عن آمال الناس ويستطيع أن يخلق علاقة تفاعلية إذا وظف أدواته المتنوعة لخدمة مصالح الشعوب فيساهم في عملية التغيير الاجتماعي، ناهيك عن وظيفته الرقابية في حماية المجتمع وصيانته من الفساد والفاسدين، وهو أيضاً يمارس دور المرشد الذي يهدف إلى تنمية الوعي وتثقيف المجتمع وتصحيح التصورات الخاطئة والمفاهيم المغلوطة للأفراد وتوجيههم في الاتجاه الصحيح عبر طرح أفكار جديدة ومتحضرة، وحينما يلتزم الإعلام بأجهزته المختلفة بكل تلك الوظائف، يصبح حينها ذا تأثير إيجابي في واقع الحياة. لا تزال أجهزة الإعلام غائبة وفي معزل ولو في شكل جزئي عن رصد وتغطية الكثير من القضايا والمعاناة اليومية للناس وتمثيلهم تمثيلاً حقيقياً ومساندتهم والدفاع عنهم، لا سيما مشكلات كالفقر والبطالة والسكن العشوائي وانعدام الخدمات الأساسية والانحراف السلوكي وسوء مناهج التعليم وتدهور الأوضاع الصحية، فلا تشكل تلك الهموم المعيشية للناس بالنسبة الى الإعلام أولوية في الترتيب والطرح فيفقد دوره في خدمة قضايا المجتمع، ما ينعكس سلباً على علاقته التفاعلية المفترضة مع الجمهور ويفقده الاحترام والثقة. ومن البدهي أن يتسم الإعلامي الناجح بالنزاهة والحيادية والموضوعية في نقل المعلومات وليس بحسب رغبات الشخصية والسماح للنزعات والأهواء الخاصة بالتدخل في عرض الحقائق. فالأصل في الإعلامي إنكار الذات أمام حاجة المجتمع إليه، ليكون الإعلام منبراً حراً للمواطن البسيط، وحتى تحقق الوظيفة الإعلامية الغايات المرجوّة منها.