تستريح الماكينات الانتخابية في لبنان اليوم، من حمى الاستحقاق البلدي والاختياري، لتشهد محافظتا الجنوب والنبطية الأحد المقبل ومحافظة الشمال في 30 الجاري معارك يتوقع ان تكون شرسة في ضوء انفراط اكثر من ائتلاف انتخابي في مدن وبلدات أبرزها صيدا وزغرتا. وفيما تصل صناديق الاقتراع والقرطاسية ولوازم الانتخابات البلدية تباعاً الى مقرات السرايا الرسمية في الجنوب والنبطية، فإن الانسحابات المتواصلة ادت الى فوز بعض البلديات والمخاتير بالتزكية، وتستعد بلدات اخرى لإعلان لوائح ائتلافية حزبية وعائلية. وإذا كان الاتفاق بين حركة «امل و «حزب الله» على لوائح مشتركة تحمل شعار «التنمية والوفاء» خفف من حدة معارك محتملة في انتخابات الجنوب، فإنه لم يمنع مرشحين طموحين من تجاهل هذا الاتفاق والمضي في ترشحهم. ونفذ في هذا الإطار عدد من ابناء بلدة طورا اعتصاماً تأييداً لترشح رئيس البلدية الحالي محمد دهيني الذي شكل لائحة باسم «الإمام الصدر» مكتملة من 15 مرشحاً. وحمل مناصروه رايات الحركة وصور الإمام موسى الصدر وجابوا شوارع البلدة هاتفين باسمه ومطالبينه بالاستمرار بالترشح، وطالبوا بانتظار صوت الصناديق وأهابوا بقيادة «امل» الا تقف مع طرف ضد آخر وأن تتريث في اخذ القرارات. وجاء الاعتصام غداة اعلان المكتب الإعلامي المركزي لحركة «امل»، «بناء على القرار التنظيمي طُرد حسين ابراهيم الحسيني (ارزون)، حمد موسى حمود (صربين)، وجيه احمد درويش (صربين)، محمد الدهيني «ابو جهاد» (طورا) وعلي حسن زهوي (مجدل سلم). ولم يوضح المكتب سبب الطرد». وفازت لائحة «التنمية والوفاء» بالتزكية بكامل اعضائها في بلدة البرج الشمالي. وقال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» نواف الموسوي في احتفال اقيم للمناسبة ان «التزكية ليست مصادرة لحق أحد في العمل، وحين نتحدث عن تفاهم بين حركة «امل» و «حزب الله» فإننا لا نتحدث عن تفاهم يلغي أحزاباً وطنية وسترون أن كثيراً من هذه المجالس ضمت أعضاء يمثلون أحزاباً وطنية في منطقتنا»، وأكد «أن لا تنافس سياسياً في الجنوب»، وقال: «نحن في الحركة والحزب نعتبر أن كل من يترشح هو في موقعنا». جزين وصيدا وفي مدينة جزين، واصل «التيار الوطني الحر» حشد مناصريه للانتخابات المقبلة، وحض عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي زياد أسود في تصريح «أهالي جزين القاطنين خارجها، الى مواكبتها مرّة جديدة لتثبيت هوية المدينة بوجه ما تشهده من ضغوط على مختلف الصعد، من حجز بطاقات هوية، تهديد بالوظائف، ما يحتم على كل أهالي جزين التحرك للمساعدة في تحريرها»، ورأى «أن الهدف من الحملة الموجهة ضد جزين هزم التيار الحر وإضعافه لإعادة التوازن في المنطقة». واتهم النائب السابق سمير عازار بأنه «الفريق الخصم او يقف وراءه، علماً بأن هذا الأخير لا يستطيع بمفرده تأمين الفوز ولذلك يتم مساندته من خارج حدود المدينة»، متخوفاً من «أن جزين مرشحة كي تشهد السيناريو ذاته الذي شهدته خلال الانتخابات النيابية»، معتبراً انها «معركة لتسجيل نقطة في السياسة ورد اعتبار». وأشار في الوقت نفسه إلى أن «من غير المفترض أن تزيد معركة جزين الشرخ بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون طالما أن القرار هو لأهالي جزين». اما في مدينة صيدا التي لم تفلح كل الاتصالات في اعادة التوافق الانتخابي فيها، فعقد اجتماع في منزل المرشح لرئاسة البلدية محمد السعودي ضمه ونائبي صيدا الرئيس فؤاد السنيورة وبهية الحريري وشخصيات صيداوية. وأعلن السعودي «عدم الاتفاق على اللائحة التوافقية مع رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد، ولا توجد معطيات جديدة تدل الى أن هناك وفاقاً»، وأكد أنه سيخوض الانتخابات بلائحته «معدلة بإدخال ثلاثة مرشحين للجماعة الإسلامية». وقال انه هو الذي طلب من القيادي في «تيار المستقبل» في لبنان أحمد الحريري «الترشح والدخول ضمن اللائحة». وكشف انه قدم لسعد «أكثر من صيغة للحل منها أن يعطيه اربعة اسماء غير تلك التي قدمها سابقاً، او أن يقدم ثمانية أسماء لاختيار أربعة منهم، أو ان يقدم السعودي له ثمانية اسماء ليختار منها، وهذا ما حصل فاختار سعد أربعة وافق السعودي على اثنين منهم فقط». وقال: «لا يوجد اتفاق وأنا أوقفت اي حوار مع اي طرف قبل اقفال باب الترشيحات بيوم» . وعما اذا كانت هناك اتصالات من قبل الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري للحلحلة، قال السعودي: «اوقفنا اي حوار، ولكن اذا كانت هناك اتصالات جانبية بين الرئيسين بري والحريري فأنا لا اعلم عنها شيئاً» . وعن تعديل اللائحة وخوض الانتخابات بها، قال السعودي: «اللائحة ستعدل بخروج ثلاثة مرشحين منها ليدخل مكانهم ثلاثة مرشحين للجماعة الإسلامية، ونحن ذاهبون الى الانتخابات» . واعتبر السنيورة امام فاعليات زارته «ان الأمور في صيدا حتى الآن تتجه نحو منافسة ديموقراطية»، مشدداً على «وجوب ان يكون للمجلس البلدي المقبل فريق عمل متجانس لا ان يتحول الى مجلس خلافات في ما بين اعضائه لأن ذلك لا يصب في مصلحة المدينة». وأعلن سعد في تصريح لاحق «أن التيار الوطني في مدينة صيدا ذاهب إلى انتخابات ومنافسة ديموقراطية ضمن لائحة تعبر عن توجهات التيار الوطني». واعتبر ان «هناك لائحتين أساسيتين، وهناك مرشحون مستقلون، وستكون هناك معركة انتخابية نأمل بألا تستخدم فيها وسائل الرشوة وصرف النفوذ والسلطة ضد مرشحي التيار الوطني». واعتبر «ان تيارنا فتح أكثر من فرصة للتفاهم، وتعاملنا مع مبادرة الرئيس بري بإيجابية إلى أقصى الحدود، والتزمنا ما هو مطلوب منا وقدمنا أسماء أربعة مرشحين من قبلنا. أما الطرف الآخر في المدينة فأهدر الفرصة وأفشل هذه المبادرة عبر رفضه الأسماء المطروحة من قبل تيارنا، وهو أمر لا يحق لهم القيام به». وزار الأمين القطري لحزب «البعث العربي الاشتراكي» فايز شكر الرئيس بري وقال بعد اللقاء: «بحثت معه في المسعى والمبادرة التي قام بهما من اجل الوصول الى تفاهم في صيدا وإذا حصل هذا التوافق او هذا التفاهم وهو حتى هذه اللحظة متعذر، فليكن هناك تنافس ديموقراطي ولنبتعد عن كل ما يشكل اصطفافات سياسية لم تأتِ بأي نتيجة مريحة لأي مدينة او لأي قرية في لبنان». ورد شكر على انتقاد النائب السابق فارس سعيد لقاءه الرئيس الحريري بالقول: «زيارتي عادية وسياسية بامتياز، وكل لبنان شغوف ومحب ويريد ان يكون الرئيس سعد الحريري نسخة طبق الأصل عن والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري لأن في ذلك مصلحة للبنان وهي مصلحة تهم جميع اللبنانيين وكفى النفخ بأبواق تجزئة وتفرقة وتشنج، ويجب ان ننتهي منها لأن مصلحة لبنان اكبر من الجميع». وترتفع حماوة التنافس الانتخابي في محافظة الشمال، ورد مكتب وزير الإعلام طارق متري على «الحديث عن التسلل والتدخل في انتخابات البترون البلدية على لسان احد مسؤولي التيار الوطني الحر»، مستغرباً «اطلاق اشاعات وأحكام من هذا النوع وتصديقها، وهو ما لا تبرره المنافسة الانتخابية المحلية، اياً كانت». واعتبر عضو كتلة «القوات اللبنانية» النيابية انطوان زهرا «اننا مضطرون لخوض معركتين سياسيتين في بلدتين ساحليتين هما شكا والبترون، وفي شكا معركتنا واضحة كقوى 14 آذار لأن شكا في التاريخ وفي آخر انتخابات نيابية خياراتها واضحة وليس مقبولاً إلا ان تؤكد خياراتها من جديد في الانتخابات البلدية، اما في البترون فجوابي الأول على ما سمعتموه اليوم ممن يدعون تمثيل البترون كمدينة يظهر الهلع الذي اصابهم يوم تأكد لهم ان مواجهتهم هي مع أبناء البلد، وهو يدفعهم الى التحريض بناء على تاريخ عمره 40 سنة، وليس مقبولاً التجني على الآخرين ولا أحد احرص منا على البترون». ومن زغرتا، دعا المجلس الكهنوتي في رعية اهدن - زغرتا في اجتماع عقده في بيت الكهنة - زغرتا «ابناء الكنيسة الى المشاركة في الخدمة العامة»، مشدداً على «ان الأمن هو المطلب الأول لكل انسان. ونتمنى ان تكون الروح رياضية وتنافسية في سبيل الوصول، لا الى تحقيق فوز على الآخر». فرنجية ومعوض وزار امس رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية مدينة طرابلس، والتقى كلاً من وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي والرئيس السابق للحكومة عمر كرامي. وفيما اكد الصفدي خلال مأدبة غداء اقامها على شرف فرنجية وحضرتها فاعليات شمالية، ان «خط التواصل بين زغرتا وطرابلس لم ينقطع ولن ينقطع»، وأن «الانتخابات موعد لتحديد الخيارات في سبيل الأفضل، ونحن في مدن الفيحاء نسعى بصدق إلى الوفاق لأننا نقدّم مصلحة الناس على أي مصلحة ذاتية»، اعتبر فرنجية «أن طرابلس جزء من زغرتا وزغرتا هي جزء من طرابلس والعلاقات بيننا ستستمر الى الأبد، والمشكلة هي أصلاً مع الذين لا يريدون هذا البلد والذين يريدون تقسيمه والتفرقة بين أهله ومع الذين يريدون الدويلات، هذه هي مشكلتنا الحقيقية في لبنان. والمشكلة ليست مع الذين يريدون العروبة والبلد الواحد والانصهار الوطني». وتحدث رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوض الى موقع «الكتائب» الإلكتروني عن سبب فشل التوافق في زغرتا مع فرنجية قائلاً: «ان اللقاءين معه كانا بهدف تحييد الاستحقاق البلدي عن الصراع السياسي للوصول الى اتفاق إنمائي، بادرت مع زملائي في قوى 14 أذار الى مد يد التعاون للفريق الآخر بهدف التوصل الى توافق انمائي ُيشرك الجميع في سبيل مصلحة زغرتا - الزاوية، الا ان الفريق الآخر رد على مسودة بياننا بمسودة بيان آخر اسقط بنود الاتفاق ولم يحترم جوهره، وترك بنوداً غامضة من دون ان يرسل بياناً بل نقض هذا الاتفاق وأرفقه ببيان آخر سماه بيان اللااتفاق». وسأل: «هل هذا يدل على الرغبة في التوافق»؟. واعتبر ان «متطرفين في قاعدة النائب فرنجية وبالتنسيق مع عمه روبير كانوا ضد هذا الاتفاق». وعن اتهام «القوات اللبنانية» بأنها دفعت معوض الى التراجع عن الاتفاق، قال: «لم ُيسجل اي تدخّل للقوات اللبنانية في هذا الإطار، وأنا قلت للوزير فرنجية انني افاوضه باسم قوى 14 آذار، وإذا كان المقصود محاولة سلخ ميشال معوض عن هذه القوى فأنا اؤكد انه مشروع دفعنا الدماء في سبيله لذلك لا يمكن ان اكون الا في اساسه».