أمير منطقة تبوك يستقبل المشرف جامعة فهد بن سلطان وأمين المنطقة    أمير منطقة تبوك يستقبل وكلاء ومنسوبي الامارة بمناسبة عيد الفطر    الاستثمار الرياضي يناقش تطوير البنى التحتية    مسؤول: أمريكا تفرض رسوما جمركية 104% على الصين غدا الأربعاء    حرس الحدود بعسير يضبط 4 مقيمين بنغلاديشيين لممارستهم الصيد بمنطقة محظورة    تنبيه من السفارة السعودية لدى اليونان    وزير الخارجية يصل الولايات المتحدة في زيارة رسمية    إطلاق الاختبارات الوطنية "نافس" في جميع مدارس المملكة الابتدائية والمتوسطة    الشركة السعودية للكهرباء تطلق المرحلة الثانية من نظام تخزين الطاقة بالبطاريات باستثمار 6.73 مليارات وقدرة 2.5 جيجاواط    مباحثات لتعزيز التعاون الدفاعي بين السعودية والعراق    فليك مدرب برشلونة يتحلى بالتواضع قبل اختبار دورتموند    الخبر ال 61 عالميا ضمن قائمة المدن الذكية لعام 2025    الدفاع الجوي يخرج السرية الثانية لنظام "ثاد" في قاعدة فورت بليس الأمريكية    الديوان الملكي: وفاة صاحب السمو الأمير عبدالله بن مساعد آل عبدالرحمن آل سعود    أمير حائل يطلع على خطط وبرامج جمعية حضارات للتراث    أمير المدينة يستقبل قائد أمن المنشآت    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير عام فرع الأحوال المدنية بالمنطقة    تعليم الطائف يطلق البرنامج التدريبي التدريس المعتمد على المعايير في مقررات العلوم    رئاسة الافتاء تصدر كتابا علمياً عن خطر جريمة الرشوة على الفرد ومقدرات الوطن    الصحة القابضة والتجمعات الصحية تختتم حملة "صم بصحة" ب40 مليار خطوة و3.7 مليون فحص خلال رمضان    تدخل جراحي عاجل يُنقذ بصر طفل أصيب بألعاب نارية في عنيزة    رئيس وزراء جُزر سليمان يستقبل الرئيس التنفيذي ل «صندوق التنمية»    أسماء الفائزين والشخصية الثقافية ل جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال 19    مصر وفرنسا توقعان سلسلة اتفاقيات للتعاون في قطاعات الصحة والنقل والصناعة    عسير في خريطة العمارة السعودية.. تعزيز لأصالة البناء وجماليات التصميم    الخارجية الفلسطينية ترحب بمخرجات القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفرنسية في القاهرة    «سلمان للإغاثة» ينفذ 642 مشروعًا لدعم القطاع الصحي في 53 دولة    سحب رعدية ممطرة ورياح نشطة على عدة مناطق في المملكة    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر مارس 2025    لك حق تزعل    اتفاقات مع "قسد" في طريق التعافي بخطوات ثابتة.. سد تشرين والنفط تحت إدارة الدولة السورية    في أسبوع الصحة العالمي.. الأمومة والطفولة تحت الحصار والإبادة.. 90 % من الحوامل والمرضعات بالقطاع يعانين سوء تغذية حاد    الجسر البري السعودي يُشعل المنافسة بين الشركات العالمية    هل هناك رقم مقبول لعدد ضحايا حوادث المرور؟    "الحج" تحدد غرة ذي القعدة "آخر موعد".. و"الداخلية": 100 ألف ريال غرامة تأخر مغادرة الحجاج والمعتمرين    أمير جازان يشهد توقيع عدد من الاتفاقيات والشراكات المجتمعية.. تدشين حملة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للتوحد    مجمع الملك سلمان العالمي يطلق مسرِّعة ابتكارات اللغة العربية    الهلال.. مجد تحول لأطلال    خسارة النصر.. تغربل الهلال قبل النخبة الآسيوية    نقاط التحول    الساعة    ماجد المصري: لم أتوقع نجاح "رجب الجرتلي" الشرير والحنون    في ظهوره الثاني هذا الموسم.. جماهير الاتحاد تشيد بمستوى الأسباني هيرنانديز في ديربي الغربية    "يلو 28".. قمة الوصافة وديربي حائل في أبرز مواجهات الجولة    موهبة عالمية جديدة على رادار الهلال    موجة تفشى الحصبة الحمراء في أمريكا    ماذا بعد العيد؟    "أكيارولي».. قرية إيطالية يشيخ سكانها دون أمراض    رجال الأمن صناع الأمان    الموظف واختبار القدرات    بين النصّ الورقي و الأرشفة الرقمية.. حوار مع إبراهيم جبران    حوارات فلسفية في تطوير الذات    أخضر الناشئين يعاود تدريباته بعد التأهل لكأس العالم    بين التقاليد والابتكار.. أين شريكة الحياة؟    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظِّم لقاء معايدة    العلاقة بين وسائل التواصل والتربية السليمة    صدح بالآذان 40 عاماً .. الموت يغيب المؤذن محمد سراج ليلة العيد    "البصيلي": يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيروت... بين زاوية الشيخ محمد أبو النصر اليافي وجامع محمد الأمين
نشر في الحياة يوم 15 - 05 - 2010

صرح شامخ ينتصب في ساحة الشهداء وسط بيروت بقبته الزرقاء محاكياً زرقة البحر ومناجياً السماء بمآذنه الرشيقه.
جهود عدة تضافرت لإنشاء جامع محمد الأمين عليه (أفضل الصلاة و السلام) على أرض وهبها الشيخ محمد أبو النصر اليافي رحمه الله لذلك المشروع منذ عشرات السنين.
ولد الشيخ محمد أبو النصر في بيروت عام 1801. والده قطب العصر الشيخ عمر بن محمد الحسيني، اليافي مولداً الحنفي مذهباً الخلوتي طريقةً الدمشقي إقامةً والمتوفى عام 1818 حيث دفن في مقبرة الدحداح بدمشق. الشيخ محمد أبو النصر هو والد نقيب أشراف بيروت في بداية القرن العشرين الشيخ عبدالكريم اليافي.
تنقل الشيخ محمد أبو النصر بين بيروت ودمشق متتلمذاً على والده وأعلام العلماء في عصره. في عام 1863 انتقل الشيخ إلى القاهرة لزيارة الأزهر الشريف والالتقاء بعلمائها. إلا أنه توفي بعد وصوله للقاهرة بفترة قصيرة ودفن فيها.
يوثق الدكتور حسان حلاق في كتابه «الخبر اليقين في بناء جامع محمد الأمين» أن السلطان العثماني عبد المجيد (1839-1861) منح الشيخ محمد أبو النصر اليافي قطعة أرض قرب ساحة البرج وسط بيروت في عام 1853 وذلك تقديراً له ولجهوده في التعليم الديني. فأنشاء الشيخ زاوية للتعبد والتعليم الديني وإقامة الأذكار الصوفية.
كما أنشاء سوقاً سميت باسمه (أبو النصر) إضافة إلى نزل للضيوف وباب مطل على ساحة الشهداء باسم أبي النصر. لقد كان الشيخ محمد أبو النصر اليافي من العلماء الأعلام في بيروت في القرن الثالث عشر الهجري، وكانت زاويته وسط المدينة الناشئه وعاصمة ولاية بيروت العثمانية الجديدة، في ذلك العصر، مركزاً لنشاطه التعليمي والإرشادي الصوفي على طريقة والده الخلوتية اليافية.
من الجدير ذكره أن الشيخ محمد أبو النصر اليافي هو رأس لفرع رئيسي من أسرة آل اليافي علماً أن بعضاً من أبناء هذا الفرع يعرفون اليوم بآل أبو النصر حيث تم اختصار الكثير من أسماء الأسر المركبة في كنى تم تسجيلها لدى دوائر نفوس الولايات العثمانية مع نهاية القرن التاسع عشر.
في مرحلة لاحقة حول الشيخ الزاوية الى مسجد صغير يقع على شارع الأمير بشير الى جوار معمل كازوز جلول سماه مسجد محمد الأمين نسبة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام.
يذكر المؤرخون أن الشيخ محمد أبو النصر اليافي استضاف في نزله هذا قائد الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، الأمير عبدالقادر الجزائري، لمدة ثمانية عشر يوماً بعد أن وصل إلى بيروت من الجزائر في طريقه إلى منفاه في دمشق.
في منتصف القرن العشرين برزت فكرة توسيع المسجد لتلبية حاجة البيروتيين المسلمين المتزايدين لأماكن العبادة خصوصاً أن أغلب مساجد وسط بيروت صغيرة الحجم. نشط العديد من أبناء بيروت ومديرية الأوقاف الإسلامية للمضي في هذا المشروع جامعين التبرعات حيث كان الرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل بن عبدالعزيز من أوائل المتبرعين للمشروع أواخر خمسينات القرن الماضي. توالت التبرعات بعد ذلك من أمير الكويت جابر الصباح وأمير قطر خليفة بن حمد آل ثاني وغيرهم.
في عام 1975 اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية ليتوقف المشروع. بعد الحرب حدثت خلافات بين جمعية محمد الأمين ومديرية أوقاف بيروت والعديد من المهتمين بالمشروع أدت إلى توقف تنفيذه. في عام 2002 حل الخلاف مع جمعية محمد الأمين وتحرك المشروع مجدداً حيث تبرع الأمير الوليد بن طلال والحاج عدنان عماش وغيرهم من أجل إعادة الحياة لهذا المشروع.
وبعد تعثر المشروع لفترة طويلة تم بناء جامع محمد الأمين على أرض زاوية محمد أبو النصر اليافي بمساعي رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري رحمه الله حيث أعيد تأهيل قسم من سوق أبو النصر كجزء من مشروع ترميم وسط مدينة بيروت (سوليدير) ما بعد الحرب. وقد أقيم ضريح الرئيس الحريري في ما بعد في جوار الجامع.
ومن المعروف أيضاً أن الشيخ محمد أبو النصر اليافي وهب الطائفة المارونية قطعة أرض لتوسيع كاتدرائية مار جرجس المجاورة وتذكر المراجع أن وثيقة العقد محفوظة في المطرانية المارونية في بيروت.
مما لا شك فيه أن جامع محمد الأمين أعاد الى وجه بيروت توازنه الديني والحضاري والثقافي التعددي بتنوعه وثرائه الروحي والجمالي. ولا بد للعين الخبيرة المدققة في الشكل الخارجي والتصميم الداخلي للجامع أن تلحظ المزج الرائع لمدارس فنية ومعمارية متعددة جمعت النمط العثماني بالسلجوقي ومزجت الطراز الشامي باللبناني في لوحة واحدة رائعة منسجمة ومتناسقة.
رحم الله جميع من كان لهم دور في إقامة هذا الصرح المهم بدءاً من السلطان العثماني عبدالمجيد مروراً بالشيخ محمد أبو النصر اليافي وكل من تبرع لاحقاً ليعيد إلى مدينة بيروت جزءاً مهماً من تراثها وهويتها العربية الإسلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.