ساهم الإقبال الواسع على الهواتف الذكيّة وأجهزة اللوح «تابلت» وغيرها، في تغيير الركائز الأساسية ضمن نطاق ما يعرف بظاهرة «الإنترنت المتنقّلة» Mobile Internet. وأدى ذلك إلى زيادة طرق العمل وتوسيع نطاق التواصل وحتى خيارات الترفيه لدى شرائح واسعة من الجمهور. وعزّزت هذه الأمور ضرورة التمييز بين فئات المستهلكين، استناداً إلى تراتبية أولوياتهم في العروض المطروحة، سواء لناحية الأداء الجيد أو التحكم في التكلفة أو استخدام البيانات. أجرت شركة «إريكسون» Ericsson العالمية، وهي من كبريات شركات صناعة الخليوي، دراسة معمّقة لاستطلاع آراء جمهور الهواتف الذكية، وذلك بغرض تحديد العوامل الرئيسة التي يستند إليها الجمهور في اختيار مشغّلي شبكات الخليوي. وشملت تلك العوامل: الأداء والسعر والتفاعل والأجهزة. وخلصت الدراسة التي تهدف إلى مساعدة المشغّلين في تصنيف العروض المقدمة للمستهلكين، إلى فرز المستهلكين ضمن 6 مجموعات مختلفة في الإنترنت المتنقل. 1- الباحثون عن الأداء يتمثل الأمر الأساسي لهذه المجموعة بجودة الأداء وتعزيز الثقة. وتأتي التكنولوجيا أولاً في سلّم اهتماماتهم، إذ إن أجهزتهم تشكّل جزءاً لا يتجزأ من حياتهم اليومية وأعمالهم وطريقة عيشهم، لذا تعتبر تجربة التعامل مع شبكة خليوي جيّدة وموثوقة وفعّالة أمراً وازِناً لديهم، بل تستحوذ على رضاهم وربما تؤدي بهم إلى الانتقال من مُشغّل إلى آخر. 2- الباحثون عن الأجهزة تشهد هذه المجموعة تحديداً، نمواً متزايداً على الصعيد العالمي. وبالنسبة إلى هذه الفئة، يعتبر الهاتف الذكي أكثر بكثير من مجرد وسيلة للاتصال، إذ يعبّر اختيارهم لأحد أنواع الهواتف عن نمط عيشهم. وبصورة مباشرة، تتصل العلامات التجارية والمنتجات التي يستهلكونها، مع الوضع الاجتماعي الذي يصبون إليه. لذا، لا يحظى اختيار مشغل شبكة الهاتف النقّال والاشتراكات بالنسبة لهذه الفئة، بالأهمية نفسها التي يحظى بها الجهاز في حدّ ذاته. 3- الشخصيات تتوقع الشخصيات المهمة دائماً الحصول على أفضل مستويات الخدمة والأداء على الإطلاق، حتى في حال عدم استخدامها لهذا المستوى بشكل كامل ودائم. وتشكّل العلاقة بين المشغل والمستخدم أمراً حيويّاً في هذه المجموعة التي تسعى للحصول على خدمة عملاء فائقة التميّز في كل الأوقات. ويمتاز كبار الشخصيات بقدراتهم الماليّة المرتفعة، مقابل الحصول على مستوى من الخدمات المتقدّمة التي يفترضون أنها لن تحدّ من تجربتهم بأي شكل من الأشكال. ويستخدم هؤلاء الإنترنت عبر هواتفهم المتحركة بشكل مكثّف وموسّع بهدف الاستفادة من جميع أنواع التطبيقات والميزات خلال حياتهم اليومية، كما لا ينظرون إلى استخدام الشبكة المتنقل على أنه خدمة مترفة، بل وسيلة استهلاك ضرورية تتماشى مع أسلوب حياتهم. 4- الباحثون عن كلفة مخفّضة تولي هذه المجموعة من المستهلكين الأولوية لأمر وحيد هو: السعر، إذ يبحثون عن باقات بسيطة بكلفة مخفّضة شريطة أن تأتي من مشغّلين موثوقين. ولا يتأخر الأخيرون عن عدم مفاجأة هذه الشريحة من الجمهور بأي رسوم إضافيّة. وتستخدم هذه المجموعة الإنترنت المتنقل بطرق مختلفة جداً، اعتماداً على الأولويات والحاجات الخاصة بهم. وفي الحقيقة أن هذه المجموعة تقدّر عوامل أخرى مثل الأداء الجيد لشبكة خليوي موثوقة. وفي المقابل، لا تبدو هذه الفئة على استعداد لدفع المزيد من أجل تحسين الخدمات، بل يبقى السعر هو العامل الرئيسي المُحدّد لخياراتها. 5- المبتدئون الفضوليون يظهر المبتدئون الفضوليون في كل مكان، إذ يسعون إلى دخول المنصّات الرقمية، واكتشاف إمكانات أجهزة الاتصال وتحديداً الهواتف الذكيّة، ويبذلون جهوداً كبيرة كي يصبحوا جزءاً من تطوّر وسائل الإعلام والاتصالات، ويبحثون عن الأجهزة ذات الأداء الجيّد التي تتسم في الوقت نفسه بسهولة الاستخدام. وتتباين طُرُق استخدام الإنترنت المتنقّل عند هذه المجموعة بشكل كبير بين أفرادها، خصوصاً أنها مجموعة تميل إلى استهلاك البيانات على أساس يومي، لكن بحريّة أكبر بعض الشيء مقارنة بالمجموعات الأخرى. 6- الباحثون عن التحكّم التحكّم في استخدام الإنترنت المتنقل وتجنّب المفاجآت غير السارة هو أكثر ما تقدّره هذه الشريحة من جمهور الهواتف الذكيّة. ومن المحتمل أن يكون هؤلاء المستخدمين تعرضوا لتجارب سيئة في ما يتعلق بالفواتير والاشتراكات، ونتيجة لذلك أصبحوا أكثر حذراً في الطُرُق التي يستخدمون فيها خدمات الإنترنت المُتنقّل. وعلى رغم أن هذه المجموعة ترغب في مراقبة مقدار البيانات التي تستهلكها بشكل دائم، فإن معدلات الاستخدام لديهم تتراوح بين العاليّة والمتوسطة. وفي ظل الاختلاف الكبير بين هذه المجموعات الستّ، يصبح من الواضح أن فهمها يساعد مشغلي شبكات الخليوي على تصميم عروضهم وزيادة مستوى الإقبال في مجال خدمات الإنترنت المّتنقّل واستخداماتها. وسواء تضمّنت العروض مزايا أفضل عبر تفعيل برامج تهدف لضمان ولاء الزبائن، خصوصاً في ما يتعلق بالفئة التي تطالب بالاهتمام المستمر، أو عبر تحسين باقات البيانات للمستخدمين الذين يريدون التحكم بمعدل الاستخدام، فإن استهداف مجموعة المستخدمين المناسبة على نحو فعّال يمنح مشغّلي شبكات الخليوي عدداً من الفرص، خصوصاً مع تصاعد ظاهرة «المجتمع الشبكي» Networked Society. وللحديث بقيّة. رئيس «أريكسون - وحدة شمال الشرق الأوسط»