تفاجأ عملاء شركة «آبل» بنشرها خطابا موجها إليهم في 16 شباط (فبراير) الحالي، تشرح فيه تفاصيل الأزمة بينها وبين «مكتب التحقيق الفيديرالي» الأميركي (أف بي آي)، بعدما طلب منها الجهاز الأمني فتح هاتف «آيفون» مملوك لأحد منفذي الهجوم الإرهابي في سان برناردينو في كاليفورنيا، والذي راح ضحيته 14 شخصاً. وتبدأ القصة عندما واجه «أف بي آي» مشكلة في فتح الهاتف، إذ إن نظام «آي أو أس» المشغل لهواتف «آيفون» يعطل الهاتف في حال إدخال كلمة المرور في شكل خاطئ مرات عدة، بالإضافة إلى أنه يتيح للمستخدم خيار مسح البيانات في حال إدخال رمز خاطئ 10 مرات، وهو ما لا يلائم برامج توليد كلمة السر التي تستخدمها الأجهزة الأمنية، ما دفع "مكتب التحقيق" إلى الطلب من «آبل» تصميم نسخة من نظامها «آي أو أس» تحمل ثغرة خاصة بالأجهزة الأمنية تتيح لها الدخول إلى أي هاتف وقتما تشاء. وتتيح هذه الثغرة إدخال كلمات مرور بعدد لا نهائي حتى تتمكن الأجهزة الأمنية من كسر حماية الهاتف والحفاظ على البيانات في الوقت نفسه. لكن الأمر لا يقتصر على إتاحة هذا الخيار فقط، إذ أن الجهاز يطلب عند تحديث النظام «توقيعا الكترونيا» توفره «آبل» فقط، بالإضافة إلى أن الشركة وضعت عند إطلاق ميزة «قارئ البصمة» نظام حماية جديداً للبصمة فقط اسمه «Secure Enclave»، بالإضافة إلى تطبيقي «كي تشاين» المسؤول عن حفظ كلمات السر، وتطبيق «آبل باي». ويتضح هنا ان الأمر لن يقتصر على إتاحة إمكان إدخال كلمات المرور مرات لا نهائية، بل يتطلب أن توفر «آبل» دخولا غير مشروط ل «أف بي آي» الى أجهزتها، وإعطاء الجهاز الأمني صلاحيات كبيرة في نظام «آي أو أس»، وهو ما رفضته «آبل»، فاستصدر «أف بي آي» قرار من محكمة فيديرالية، لكن الشركة رفضت تماماً ونشرت خطابها الذي شرحت فيه موقفها وأسباب رفضها طلب "مكتب التحقيقات". وترى «آبل» أن حماية بيانات المستخدمين وخصوصيتهم هو ما جعلها تحظى بثقة مستخدمي أجهزتها، وأنه في حال قبولها طلب «أف بي آي» ستطيح بسمعتها إلى الأبد. وقال المدير التنفيذي ل«آبل» تيم كوك في الخطاب المنشور على موقع الشركة، إن «ما طلبته الحكومة الأميركية شيء غير مسبوق ويهدد خصوصية المستخدمين في المدى البعيد الذي يتجاوز القضية المطروحة حالياً، وهو ما لا يمكن القيام به». ويرى العديد أن إتاحة الثغرة الامنية، سيفتح المجال أمام القراصنة وأي جهات أخرى لاختراق التشفير، وهو ما قد يؤدي إلى اختراقات واسعة تضر بالمستخدمين. وأصدر البيت الأبيض بيانا رسميا قال فيه إن المحكمة و«أف بي آي» لم يطلبوا إنشاء ثغرة في النظام، لكنهم طلبوا من الشركة المساعدة في اختراق هاتف الإرهابي وتعطيل خاصية مسح البيانات. في هذا الوقت، واصل عميل "وكالة الامن القومي" الأميركية السابق إدوارد سنودن، صاحب قضية تسريب معلومات عن برامج تجسس للصحافة، دفاعه عن موقف «آبل» عبر تغريداته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، منتقداً طلب الحكومة الأميركية وسعيها الى إرغام الشركة على فتح باب خلفي في نظام تشغيل هواتفها لكشف معلومات الهاتف. ودعمت شركات عدة «آبل» في قرارها وأصدرت بيانات مماثلة تؤيد موقف الشركة في نزاعها مع الحكومة الأميركية، مثل «غوغل» و«فايسبوك» و«إيفر نوت» و«دروب بوكس» و«أي أو أل» و«لينكدإن» و«تويتر» و«ياهو». واستغل مؤسس شركة «مكافي» لبرمجيات مكافحة الفيروسات جون مكافي الجدل الحاصل، وأبدى استعداده في مقال نشرته مجلة «بزنس إنسايدر» لفك تشفير هاتف المشتبه به. ودخل المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب المعركة معلناً مقاطعة «آبل» على حسابه في «تويتر».