شهدت البورصة المصرية أداء غير متوقعاً مع إغلاق تعاملات اليوم، لتسجل مؤشراتها الرئيسية والثانوية هبوطاً جماعياً وسط عمليات بيع مكثفة على الأسهم من صناديق الإستثمار والمؤسسات المصرية. وقابلها عمليات شراء إنتقائية من جانب الأفراد والمستثمرين الأجانب كبحت جماح الهبوط الحاد للمؤشرات. وأنهى رأس المال السوقي لأسهم الشركات المقيدة بالبورصة تعاملات اليوم على خسائر بلغت 15 بليون جنيه مسجلاً 487.4 بليون جنيه، بعدما كان قد سجل مكاسب بلغت 5 بليون جنيه فى الدقائق الأولى من التعاملات، فيما بلغ حجم التداول الكلي بالسوق نحو 1.8 بليون جنيه. وسجل المؤشر الرئيسي للبورصة (إيجي إكس 30) هبوطاً بنسبة 2.7 في المئة وهو ثاني أكبر هبوط يومي له منذ عزل الرئيس محمد مرسي وأكبر هبوط يومي في 2014 ليسجل 8251 .83 نقطة. وهبط مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة (إيجي إكس 70) بنسبة 4.35 في المئة ليغلق عند 627.1 نقطة، وامتد الهبوط الحاد إلى مؤشر (إيجي إكس 100) الأوسع نطاقاً ليخسر 3.27 في المئة ليسجل 1094.21 نقطة. وقال وسطاء بالبورصة المصرية إن عدة سيناريوهات كانت تنتظر السوق اليوم، إما مواصلة الصعود القوي تفاؤلاً بترشح المشير عبد الفتاح السيسي للرئاسة والذي كان ينتظر منذ فترة، وسيناريو آخر كان يرجح كفة جني الأرباح وظهور عمليات بيع تطبيقاً لقاعدة الشراء على الإشاعة والبيع على الخبر. يقول الخبير الإقتصادي عمر عبد الفتاح، إن أداء البورصة المصرية اليوم غير متوقعاً بأي شكل من الأشكال، حتى لو غلبت نظرية جني الأرباح لا يجب أن يكون بهذا الشكل العنيف. وأضاف أن الأسهم بدأت على إرتفاع قوي في الدقائق الأولى وسط تفاؤل وإبتهاج من قبل المستثمرين الأفراد بترشح المشير عبد الفتاح السيسي للرئاسة، ما أدى إلى مكاسب قوية للبورصة اقتربت من 5 بليون جنيه، لكنهم فوجؤوا بعد نصف ساعة بسيل من البيع من قبل الصناديق والمؤسسات المصرية أدى إلى إرتباك المشهد أمام المستثمرين. وأوضح أن الازمة لم تأتي من قيام المؤسسات والصناديق المحلية بالبيع، لكن في سلوكهم في عمليات البيع، حيث غلب عليهم البيع العنيف والعشوائي وكأن الأمر يبدو أن لديهم رغبة وتعمد لهبوط السوق وأن البيع في حد ذاته ليس هو الهدف الأساسي خاصة أنه كان يمكنهم البيع بأسعار أعلى من المستويات التي باعوها بها في حال إتباعهم الطرق المؤسسية في البيع التدريجي والتخارج من السوق دون خلق إرتباك. وسجلت الصناديق والمؤسسات مبيعات إجمالية بلغت 520 مليون جنيه مقابل صافي شراء بلغ 366 مليون جنيه، فيما اتجهت تعاملات الاجانب والافراد المصريين والعرب نحو الشراء. وسجلت أكثر من 70 ورقة مالية النسب القصوى للهبوط المسموح بها البالغة 10 في المئة، فيما تلاشت طلبات الشراء من شاشات التداول على أكثر من 45 ورقة مالية أغلبها من الأسهم الكبرى والقيادية. ووصف عبد الفتاح سلوك المؤسسات وصناديق الإستثمار المصرية بالسلوك المضاربي في التعامل بالبورصة وليس السلوك المحترف، مشيراً فى ذلك إلى سلوك المستثمرين الأجانب الذين يدخلون ويخرجون من السوق دون الشعور بهم. وقال إن سلوك المؤسسات وصناديق الإستثمار اليوم خلق شكاً لدى شرائح كبيرة من المستثمرين في وجود معلومات داخلية لديهم بأن الأوضاع الإقتصادية ربما تكون أسوأ مما يتوقع البعض، وهو ما يدفعها للبيع بهذه الطريقة، مؤكداً أن السلوك البيعي لها اليوم ليس سلوك بيعي لجني الأرباح وإنما هدفه هدم السوق وجعله يتخذ إتجاهاً هبوطياً أكثر حدة. وأضاف أن هناك دور أكبر للمؤسسات وصناديق الإستثمار تلعبه فى الأسواق أكبر من تحقيق الربح، وهو الدور الإقتصادي لقدرتهم المالية الكبيرة حيث يقومون في أغلب الأسواق المتقدمة بدور صناع السوق وليس المضاربين فيه مثلما هو الحال فى مصر. وأكد أنه فى حال فقدان الأفراد للثقة فى السوق وخروجهم منه، سيكون هناك صعوبات كبيرة لإقناعهم بالعودة خاصة أن هذه المرة الأوضاع السياسية والإقتصادية إيجابية ولا تدعو لما جرى اليوم، مؤكدا أن الرسالة باتت سلبية لشرائح المستثمرين الذين كانوا يرغبون فى دخول البورصة. ويقول محمد عسران رئيس مجلس إدارة شركة إيفا لتداول الاوراق المالية، إن أداء البورصة اليوم جعل فرحة مستثمري البورصة بترشح المشير السيسي للرئاسة لم تكتمل بعد الهبوط الحاد وغير المتوقع للأسهم لضغط مبيعات المؤسسات المصرية والتي تحركت بصورة بيع غير متوقعة. وأضاف أن الأسهم فقدت خلال جلسة اليوم فقط مكاسبها على مدار الأسابيع الماضية دفعة واحدة، إلا أنه توقع فى الوقت نفسه أن تشهد البورصة الأسبوع المقبل تماسكاً أكبر مع إعادة بناء المراكز المالية للمحافظ وصناديق الإستثمار والمؤسسات. ويرى محمد الصهرجتي عضو مجلس إدارة شركة الرشاد لإدارة صناديق الاستثمار إن مبيعات الصناديق والمؤسسات اليوم تعد طبيعية في إطار عمليات جني الارباح، مشيراً إلى أن الصناديق كانت تنتظر إعلان المشير السيسي الترشح لتتمكن من بيع أجزاء من محافظها بعدما حققت مكاسب تراوحت ما بين 50 و60 في المئة في أشهر قليلة وزاد المؤشر من 5 آلاف نقطة إلى 8500 نقطة دفعة واحدة. وأشار إلى أنه ولأول مرة في السنوات الأربع الأخيرة تحقق الصناديق والمؤسسات نسبة في الأرباح مثل هذه النسبة وهو ما دفعهم للبيع، مؤكداً أن الإتجاه الرئيسي للبورصة يظل الصعود على المديين المتوسط وطويل الأجل.