يقتصر دنو الدراما السورية من القضية الفلسطينية على عدد قليل من الأعمال، بدأت بمسلسل «عائد إلى حيفا» للكاتب غسان نزال عن رواية غسان كنفاني ومن إخراج باسل الخطيب، والذي تزامن عرضه مع مسلسل «التغريبة الفلسطينية» للكاتب وليد سيف والمخرج حاتم العلي، ليأتي بعدهما عملان هما «الشتات» من إخراج عزمي مصطفى و «الاجتياح» من اخراج شوقي الماجري. وتعتبر هذه الأعمال الأربعة من أهم الأعمال في الدراما السورية التي تطرقت للقضية الفلسطينية، علماً أن الموسم الرمضاني المقبل يشهد عرض مسلسل آخر يقدم القضية الفلسطينية بعنوان «أنا القدس» من إخراج باسل الخطيب وتأليفه بالتعاون مع أخية تليد الخطيب. ويتوقع أن يكون هذا المسلسل من أبرز الأعمال السورية للموسم المقبل، لما يحويه من توثيق تاريخي لمرحلة مهمة في تاريخ القدس المعاصر. زرنا موقع التصوير في منطقة مشتى الحلو السورية خارج مدينة طرطوس الساحلية، وسألنا أبطال المسلسل عن تجربتهم في هذا المسلسل، فيما تكلم مخرج العمل عن أهميته. البداية كانت مع بطل العمل الفنان عابد فهد الذي وصفه بأنه سيكون من أهم الأعمال الدرامية السورية خلال السنوات الماضية. وعن الشخصية التي يقدمها قال: «أقدم في مسلسل «أنا القدس» شخصية «عبد الله» وهو من الفلسطينيين الذين ينتمون الى وطنهم وأرضهم. إنه إنسان شريف يحمل قضيته بكل تفاصيلها ولا يتنازل عن أي شيء يمس هذا التراث الفلسطيني كما يجري الآن في موضوع القضية الفلسطينية مع تهويد القدس. «عبد الله» لديه ولدان أحدهما يدرس في الخارج ويعود بعد دراسته أربع سنوات حاملاً أفكاراً جديدة وقيماً جديدة، وهذا فارق بينه وبين أخيه الذي يبقى في وطنه، وأحد جوانب الصراع في هذه العائلة. كما يفقد «عبد الله» والده وهو في الجهاد، ويفقد معمله الذي يصنع فيه التحف الفلسطينية التي تمثل العادات والتقاليد والبيئة والذاكرة، هذه الشخصية باختصار تتعرض كأي فلسطيني للاضطهاد والتشرد». الفنانة صباح الجزائري اعتبرت مسلسل «أنا القدس» من الأعمال المهمة على كل الأصعدة. وأضافت: «النص يحوي حرفية عالية ومكتوب بدقة وبعناية، والإخراج متميز فكل لقطة منه مسلسل مستقل، وأتمنى أن أكون من خلال شخصية «أم عبد الله» التي أٌقدمها عند حسن ظن المشاهد العربي». وعن قدرة الدراما على تقديم قضية قومية قالت جزائري: «بالتأكيد الدراما قادرة على إيصال رسالة قومية، لا يقتصر ذلك على جماهيرية العمل، بل إن حالة الصدق التي يبنى عليها مثل هذه الأعمال تساهم في تقديم رسالة قومية متميزة». الوجوه الشابة كعادتها حاضرة مع المخرج باسل الخطيب، إذ تشارك في المسلسل الممثلة الشابة رنا العظم التي تقول: «أقوم بتجسيد شخصية «إيمان»، وهي فتاة من أب فلسطيني وأم مصرية تعيش في مصر، وتنتقل للعيش في القدس، وتتزوج هناك، لتشترك مع زوجها في الجهاد ضد الاحتلال، فيصاب زوجها وتقطع قدمه. أما هي فتموت في نهاية العمل قهراً». وعن العقبات التي واجهتها في تجسيد هذه الشخصية قالت العظم: «الشخصية مركبة وصعبة وتحمل بعداً نفسياً كبيراً وتدخل في سيكولوجيا المرأة، ولكن أكثر الأشياء صعوبةً هو حالة الحمل وآلامه التي لم أختبرها من قبل لذلك احتاجت هذه المشاهد لجهد وصبر من قبل المخرج الذي كان له الفضل في مساعدتي وتوجيهي بالاتجاه الصحيح. كما أن الشخصية تتكلم باللهجة المصرية وهو شيء جديد بالنسبة لي. فللمرة الأولى استخدم هذه اللهجة في عمل درامي». ومن الممثلين الشباب أيضاً أحمد رافع الذي قال: «مسلسل «أنا القدس» عمل مهم جداً وجريء. وأعتقد أنه من أهم الأعمال التي تعالج القضية الفلسطينية عبر تاريخ الدراما السورية بخاصة والعربية عموماً، خصوصاً أنه موثق ويحمل بعداً تاريخياً. أجسد فيه شخصية «خيري» وهو شاب فلسطيني، والده مجاهد منذ الاحتلال الانكليزي لفلسطين، ويرث من والده بالفطرة الجهاد المقدس لتحرير فلسطين، وتكبر هذه الفكرة لديه وتكبر أحلامه برفقة عدد من المجاهدين الفلسطينيين الآخرين. يمر بمراحل عدة، ويتعرض لحادث يمنعه من الجهاد المسلح، لكنه لا يستسلم ويستمر بجهاده بطرق أخرى. شخصية «خيري» تقول في هذا العمل أن الجهاد لا يقتصر على حمل السلاح، فالكفاح يمكن أن يتم بالقلم وبالعلم». وأوضح مخرج العمل باسل الخطيب أن «العمل يرصد خمسين عاماً من تاريخ القدس الحديث تبدأ عام 1917 وهو عام دخول الجيش الانكليزي إليها حتى عام 1967 الذي يشهد اندفاع عصابات الصهاينة إلى القدس واحتلالها». وأضاف الخطيب: «بين هذين العامين جرت حوادث كبيرة وسنتطرق إلى أهمها كثورة العشرين وثورة البراق 1929 وثورة الريف 1936، وقرار التقسيم 1947، وحرب 1948 وإعلان دولة إسرائيل. وسيكون الجانب الإنساني والثقافي للقدس حاضراً حيث سنسلط الضوء على أهم الشخصيات المقدسية من أعلام السياسة والثقافة في تلك الفترة وعلى رأسها الحاج أمين الحسيني والقائد عبد القادر الحسيني وموسى كاظم الحسيني وراغب النشاشيبي وخليل السكاكيني. كما يتناول العمل أهم الشعراء والأدباء العرب الذين كانوا يرون أن رسالتهم الفكرية والإنسانية لا تكتمل إلا في القدس. وعن سبب تطرقه للقدس قال الخطيب: «القدس كانت وما زالت جرحاً نازفاً يجب أن يولى انتباهاً، وبالنسبة إلي فإن مشروع تقديم عمل عن القدس بدأ قبل ثلاث سنوات وطاولته تأجيلات حتى استطعنا أخيراً تقديمه في هذه الفترة. ولكن يجب ألا تقتصر القضية الفلسطينية عامةً وقضية القدس خاصة على هذا العمل ولكن يجب أن تقدم في أعمال أخرى وبخاصة أن كفاح 50 عاماً لا يكفيه مسلسل واحد من ثلاثين حلقة». وعن القناة التي ستعرضه قال الخطيب: «عدد من المحطات الفضائية أبدى اهتمامه بعرض المسلسل، وعدد آخر ما زال متحفظاً على العرض خشية الاقتراب من خطوط تماس سياسية». «أنا القدس» من بطولة عابد فهد، صباح الجزائري، كاريس بشار، صبا مبارك، تيسري إدريس، نزار أبو حجر، أحمد رافع، محمد رافع، رنا العظم، نضال نجم، والممثل الأردني منذر ريحانة، والمصري فاروق الفيشاوي، وهو من إنتاج شركة جوى السورية بمشاركة شركة أفلام محمد فوزي المصرية. التصوير بدأ منذ شهر في دمشق ويستمر الآن في منطقة مشتى الحلو لينتقل بعدها فريق العمل إلى مرمريتا ومناطق أخرى تشمل صافيتا واللاذقية.