مشاعر من الإحباط والخوف يحملها طلبة المراحل النهائية الذين سيتخرجون هذه السنة في الجامعات. فالخوف من الانضمام الى طوابير البطالة بعد التخرج، والابتعاد عن الأجواء الجامعية الجميلة التي عاشوها طوال السنوات الماضية كلها عوامل ولدت في نفوسهم تلك المخاوف. فالمستقبل الغامض الذي ينتظر الكثيرين ممن اوشكوا على التخرج بدا احد اهم الدوافع لتفضيل البقاء في المرحلة الجامعية والخوف من مغادرتها. ويقول نبيل محمد الطالب في المرحلة الرابعة في كلية الآداب في جامعة بغداد: «لو كانت هناك عصا سحرية لتحقيق الأمنيات، لتمنيت ان اكون في المرحلة الأولى في الجامعة بدلاً من الأخيرة، لكنها امنية عابرة ولن تتحقق». نبيل ردد هذه العبارة بحسرة عبرت عن مدى تعلقه بالجو الجامعي الذي سيغادره بعد ايام، والذي سيترك معه تلك الرحلات الجميلة التي كان ينظمها مع الأصدقاء، والعلاقات الجميلة التي اقامها داخل الحرم الجامعي. ويتذكر نبيل بحنين يومه الأول في الجامعة واستعداده المشهود لهذا اليوم ويقول: «استيقضت في وقت مبكر وارتديت افضل ثيابي ثم صففت شعري بطريقة مختلفة وتوجهت الى الجامعة بلهفة كبيرة وكنت مفتوناً بما أراه امامي من نظام متحرر خلصني من ضغوط الرتابة التي كنا نعيشها في المرحلة الإعدادية، وأصبح بأمكاني ان اسير في شلة مختلطة من شباب وبنات بعدما كان هذا الأمر محرماً علينا في الإعدادية». ويقول نبيل إنه لن ينسى حفلة التعارف في الصف الأول التي كانت مليئة بالضحكات البريئة لشباب وفتيات قادمين من اجواء المراهقة الى اجواء الشباب وباتوا يشعرون بقوة شخصيتهم وتبلورها. نبيل ليس الوحيد الذي يشعر بالإحباط نتيجة التخرج، بل ان غالبية الطلبة الذين سيغادرون مقاعد الدراسة يشعرون بالإحساس ذاته ويتمنون ان تطول سنوات الجامعة اكثر من ذلك لاسيما اولئك الطلبة الذين يدرسون في الاختصاصات الإنسانية والذين تشاع عنهم الأقاويل بين طلاب الكليات العلمية بأنهم «دخلوا الجامعة للاستمتاع بوقتهم، وليس بهدف الدراسة». نسرين ناجي ستغادر هي الأخرى مقاعد الدراسة بعد شهرين، اذ ستحصل على درجة البكالوريوس في اللغة الإيطالية وهي تشعر الشعور ذاته بسبب التخرج. وتقول: «حققت نتائج جيدة في السنوات الأربع الماضية وحصلت على معدل عال، وأود اكمال دراستي في الماجستير، لكن لسوء حظي الدراسات العليا مازالت معلقة في كليتنا منذ سنتين الى اشعار آخر ولا اعرف كيف اتصرف». والمشكلة لدى نسرين ليست في مغادرة الأجواء الجامعية فحسب بل في صعوبة الحصول على وظيفة بعد التخرج الأمر الذي سيدفعها الى البقاء في المنزل مدة لا تستطيع تحديدها وقد يتسبب هذا الأمر في نسيانها للغة التي احبتها ودرستها باهتمام كبير. ويبدو الطلبة العائدون الذين يملكون فرصاً لإكمال الدراسات العليا اكثر تقبلاً لمسألة التخرج في الجامعة، كونهم يملكون الأمل في العودة الى مقاعد الدراسة بعد شهور، الأمر الذي يجعل قضية تخرجهم مرحلة وقتية. ويؤكد اسامة محمد وهو طالب في المرحلة الرابعة في كلية الإعلام، انه قضى سنين رائعة في الجامعة، وأن مغادرته لها ستكون وقتية، إذ تمكن من الحصول على درجات جيدة تؤهله لإكمال دراسة الماجستير في الكلية ذاتها. ويضيف: «اشعر بأنني سأعود، ولذلك فالتخرج هو مرحلة قصيرة بالنسبة الي، ولن ابقى بعيداً من مقاعد الدراسة مدة طويلة». ويقول اسامة انه لايملك املاً بالتعيين ولذلك سيعود كطالب دراسات عليا افضل من قضاء الوقت في البحث عن فرص ضائعة في العمل لن يتمكن من اقتناصها بسهولة، لأن دراسته في الجامعة ركزت على الجانب النظري اكثر من العملي، فبات من الصعب ان يعمل صحافياً او محرراً لأنه لا يملك الخبرة الكافية لممارسة المهنة.