ناقش «المؤتمر الدولي لترقّق العظم» International Conference on Osteoporosis الذي اختتم أخيراًً في دمشق، مواضيع تتعلق بعوامل الوقاية من هذا المرض، وطرق علاجه، وضرورة الالتزام بالمعالجة. واستعرض المؤتمر الذي شارك فيه أطباء عرب وأجانب، بحوثاً تتعلق بمرض ترقّق العظام لدى الأطفال والرجال وإحصائات حوله في البلدان العربية والأجنبية. وأكّد وزير الصحة السوري الدكتور رضا سعيد أن مرض ترقّق العظام حظي بالكثير من الاهتمام في العقدين الأخيرين، لأسباب تتعلق بتحسّن وسائل التشخيص، والتعمّق في الآليات المسبّبة للمرض، إضافة إلى ظهور كثير من الأدوية الفعالة في علاجه. الإنترنت تقوّم مخاطر الكسور وأشار سعيد الى البعد الاقتصادي لترقّق العظم، موضحاً أنه أثقل اقتصادات الدول بسبب كلفة علاجه ومداواة الكسور الناجمة عنه، متوقّعاً تفاقمه مع زيادة ظاهرة تشييخ المجتمعات Agening Societies، خصوصاً في الدول النامية. كما أشار الى إصابة 600 مليون إمرأة به. وركز على ضرورة ألا ينسى الأطباء تقدير خطر الكسور باستعمال المعايير التي شدّدت عليها «منظمة الصحة العالمية»، موضحاً انها متوافرة على الإنترنت مجاناً، في برنامج «فراكس» FRAX الذي يسهّل الوصول إلى حساب خطر الكسور مع قياس كثافة العظم أو من دونه، مُبيّناً أن البرنامج يضم معايير بالنسبة الى لبنان تصلح للتطبيق في سورية. وفي سياق متصل، أوضحت الدكتورة جمة أديب رئيسة الجمعيتين السورية والعربية لترقّق العظم، أن هذا المرض يعتبر مشكلة صحية رئيسة لأنه من أكثر أسباب الإعاقة لدى كبار الكهول والمسنين، ويصيب النساء والرجال على السواء، كما يشكّل عبئاً انسانياً واقتصادياً كبيراً. وأضافت: «ترقّق العظم مشكلة عالمية، لكن الدراسات الحديثة تشير إلى أن القارة الآسيوية ستكون موضع التزايد الأسرع في كسور الترقّق». وتحدّثت عن «الجمعية السورية لترقّق العظم»، مشيرة إلى انها انطلقت في 1997، و تضم في عضويتها أطباء وصيادلة ونشطاء اجتماع، كما تهدف إلى المساهمة في نشاطات تنموية متنوّعة. وأوضحت ان الجمعية تهتم بنشر الوعي صحياً بالترقّق ومسبباته والعوامل المؤهلّة للإصابة به، وطُرُق التشخيص والعلاج، كما تُنظّم الجمعية محاضرات ودورات علمية للأطباء، وتنظم زيارات ميدانية للمدارس والتجمعات السكانية، إلى جانب مشاركتها في نشاطات اجتماعية ورياضية للتعريف بأهمية الوقاية من ترقّق العظم وعلاجه. وتحدث الدكتور باسل المصري ممثل «المؤسسة الدولية لترقّق العظم» في المنطقة العربية وأفريقيا عن أهداف المؤسسة المتمثّلة في رفع مستوى الوعي صحياً بالمرض، وبطرق الوقاية منه، والعمل على انجاز دورات تدريبية وبحوث علمية لمعرفة أسبابه والتقليل من حدوث الكسور للمرضى، إضافة إلى تمكين كل مواطن عربي من الحصول على العلاج الفعاّل لهذا المرض. وكذلك أكّد البروفسور جون كانيس مدير «مركز أمراض العظم» في «منظمة الصحة العالمية» والرئيس الفخري للمؤتمر، أن هذا المرض يصيب النساء والرجال على حد سواء، لكن نسبة حدوثه أكثر عند النساء. وأشار إلى أن احتمال إصابة شخص ما في انكلترا بهذا المرض في عمر الخمسين كبير، موضحاً أن 40.3 في المئة من الكسور تنجم عن الترقّق العظمي، ما يعني أن مخاطره تفوق مخاطر سرطان الثدي بثلاث أضعاف. وركز كانيس على أهمية اجراء الدراسات والإحصاءات في المنطقة العربية لتحديد نسب الإصابة بترقّق العظم، وذلك نظراً الى ارتفاع معدل الأعمار في شكل عام فيها. وقال: «تشير البيانات الى تضاعف عدد النساء اللواتي تجاوزن ال65 سنة في المنطقة، الأمر الذي يشعر بالقلق من أمراض الشيخوخة وأعبائها صحياً». وكذلك أجرى مقارنة بين مجتمعات متنوعة، وعرض تجارب بعض الدول الغربية في اعتماد برنامج صحي متكامل، بداية من عمر 50 سنة، يركز على الأمراض المزمنة وتلك المتصلة بالكهولة. الأطفال ليسوا بمنجاة في المؤتمر عينه، أشارت الدكتورة السورية ماجدة الخوري، إلى أن ترقّق العظم شائع عند الأطفال والمراهقين أيضاً. وشدّدت على أهمية اكتشافه مبكراً كالحال عند ظهور كسور متكررة وعفوية. وركزت على دور تغذية الأطفال في الوقاية من هذا المرض، إضافة إلى أهمية تغذية الأم في الربع الأخير من الحمل. كما أكدت على أهمية التغذية عند الرُضّع الخُدج (= الذين يولدون مبكراً) لأنهم أكثر تعرضاً للإصابة. وأضافت الخوري: «هناك احتمال أيضاً لإصابة الأولاد الذين يعانون من الروماتيزم ويتناولون مثبطات المناعة والكورتيزون». كما لمحت إلى ترقّق العظام لدى الرجال بعد سن الخمسين، خصوصاً من يتلقون علاجاً لسرطان البروستات. ولفتت إلى ضرورة أن توصف للسيدات اللاتي يتناولن العلاج الهرموني لسرطان الثدي، أدوية الكالسيوم وفيتامين «دي» أو أدوية ترقّق العظام، للوقاية من ترقّق العظم. وفي سياق متصل، رأى البروفسور اللبناني غسان معلوف أن جسد الإنسان كالبنك، كلما أمددناه بالغذاء الصحيح والعناية يخدمنا عند الكبر. وأشار الى وجود دراسات تقول أنه بين 8-16سنة نستطيع ان نزيد كثافة عظامنا، بواسطة الرياضة والحليب والكالسيوم. وقال: «من الضروري أن نولي هذا العمر الاهتمام والرعاية بنمط الغذاء ونوعه... يمكن تحقيق الوقاية في الأعمار كلها.. وفي حال الوصول الى هشاشة العظم، يكون العلاج إما بالأدوية او بالجراحة». وأشار معلوف إلى حدوث كسر كل 3 ثوان بسبب ترقّق العظم، مع الإشارة الى تصاعد ظاهرة نقص فيتامين «د» عربياً. وتحدّث البروفسور إلياس سابا من فلسطين، عن طُرُق الوقاية من ترقّق العظم، متناولاً أموراً أساسية مثل التربية وأسلوب الحياة اليومية، ونمط الغذاء، وممارسة الرياضة، إضافة الى أهمية عوامل الوقاية وتنوّعها بحسب الفئات عمرياً.