ابتعاث الطلاب السعوديين للدراسة في الجامعات الدولية سياسة قديمة. وهي بدأت في عهد الملك عبدالعزيز. وصل عدد المبتعثين في تلك المرحلة الى 200 طالب. واستمر الرقم في التصاعد رغم شح موارد الدولة. في سبعينات القرن الماضي ارتفعت اسعار النفط ارتفاعاً كبيراً. دخلت البلد في طفرة اقتصادية جبارة. وشهد الابتعاث طفرة في الارقام. وصل عدد الطلاب في الجامعات الاميركية وحدها الى 15 الف طالب وعلى مدى عشر سنوات. بداية الثمانينات تغير الوضع الاقتصادي. وتراجع مشروع الابتعاث وشهدت البلد ثلاثة عقود عجاف. وتوقف الابتعاث تماماً. اصبح الطالب السعودي يبحث عن مقعد في جامعات عربية متواضعة. في العام 2005 أعلنت وزارة التعليم العالي عن برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للابتعاث. مدة المشروع عشر سنوات. لكن الوزارة لم تحدد عدد الطلاب المستهدفين من المشروع الطموح. مضى، حتى الآن، خمس سنوات على بداية المشروع. بلغ عدد المبتعثين 45 الف طالب. منهم 24 ألف طالب في الجامعات الأميركية. بهذه الحسبة فإن المشروع سيبتعث خلال 10 سنوات قرابة 100 الف طالب. وهذا الرقم لا يكفي. فضلاً عن ان المشروع مهدد بالتوقف في حال تغيرت أسعار النفط، وشحت موارد الدولة. لا شك في ان مشروع الملك عبدالله يعد رافداً نوعياً مهماً لمخرجات التعليم العالي. لكنه في حاجة الى مزيد من الدعم. فضلاً عن ان ابتعاث 100 الف طالب خلال عشر سنوات سيعطينا 10 آلاف خريج سنوياً، وهو رقم متواضع قياساً بتجارب أخرى. ولعل قراءة تجربة كوريا الجنوبية تكشف لنا أهمية الأرقام. كوريا استطاعت ان تحافظ على وجود 100 ألف طالب سنوياً في الجامعات الأميركية وعلى مدى عشر سنوات. وحصلت في نهاية المشروع على مليون خريج من أهم الجامعات الأميركية. وغطى المشروع الكوري المرحلة الثانوية. الأكيد ان مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في حاجة الى ضمانات مالية. وحماية المشروع من التوقف في حاجة الى عدد من الإجراءات المالية العاجلة. منها، تحويل المشروع الى هيئة ملكية، ترتبط بالملك مباشرة. رصد وقف مالي يكفي لاستمرار المشروع لسنوات. صرف جزء من دخل «صندوق تنمية الموارد البشرية» على الابتعاث. وضع نظام يسمح بقبول التبرعات. فرض ضرائب على الأيدي العاملة الأجنبية وتحويلها الى صندوق الابتعاث. توحيد جميع بنود الابتعاث في موازنات الجهات الحكومية.