«إن الإكرام أعطي للنساء ليزينّ الأرض بأزهار السماء». بهذه الكلمات أعلنت ماري عجمي عام 1910 إطلاق «العروس» أول مجلة نسائية في سورية، تبعتها «نور الفيحاء» عام 1920 و «دوحة الميّاس» في حمص، ثم «الربيع» عام 1935. واستمرت الصحف النسائية في الصدور في شكل متقطّع في ستينات القرن الماضي قبل أن تدخل في سباتها الذي قارب نصف قرن. رسمياً، لا توجد أية مطبوعة نسائية خاصّة في سورية، 160 مطبوعة خاصة لا تذكر كلمة «امرأة» أو «نساء» في تصنيف «نوعها» على جدول المطبوعات الخاصة في سورية، على رغم توجه الكثير منها إلى المرأة، وعلى رغم أن غالبية قرّائها من النساء. مجلة «أيام الأسرة» التي «بُنيت منذ عام 2000 على أنها مجلة امرأة» كما يشير مديرها أسامة شقلية، اختارت اسم الأسرة وتعريفها ب «مجلة شهرية شاملة»، «لأغراض إعلانية فقط»، كما يؤكد مدير المجلة. 28 صفحة للجمال، تصميم الأزياء، الصحة والرشاقة، ونصائح تربوية لتعامل الأم مع أطفالها، مع 22 صفحة تحقيقات اجتماعية تهم المرأة وتتعلق ببيئتها، جعلت 80 في المئة من المشتركين بالمجلة من الجنس اللطيف، «فلمجلة الأسرة 8000 مشتركة و2000 مشترك»، كما يشير شقلية. ويرى شقلية بحسب خبرته أن «ما يعني المرأة أكثر من أي شيء آخر هو طرح مشكلة تمسّها، إضافة إلى أن الأناقة تعنيها في شكل أساس، والريجيم أولوية مطلقة». جمال ورشاقة وموضة «الموضة والستايل، الرشاقة، التغذية والصحة، أولى أولويات المرأة، إضافة إلى أي شيء له علاقة بالثرثرة، فلقاء مع فنان كبير يتكلم بقاضايا مهمة لا يثير اهتمامها، على عكس مقابلة مع شخص مغمور يتضمن نميمة»، يقول نضر فارس، مدير تحرير مجلتي «كلاس» و «الدنيا». أما آخر قائمة اهتمامات النساء، كما يقول فارس، فهي الأخبار الاقتصادية والسياسية «التي لا تهمها أبداً، وليس عندها اطلاع عليها عموماً، كما أن المرأة لا تهتم بالدراسات الاجتماعية والنفسية، فهي تهرب من أي شيء جدّي فيه خبراء». وعلى رغم ان مجلة «كلاس» تعرّف ذاتها بأنها «اجتماعية مصورة»، فيما تعرّف مجلة «الدنيا» ذاتها كفنية اجتماعية، من دون أن تذكرا المرأة أو النساء في عنوانيهما، فإن 80 في المئة من قرّاء «كلاس» هنّ نساء، بحسب تقديرات مدير تحريرها، كما تذهب غالبية الاشتراكات في مجلة «الدنيا» إلى الإناث. السبب في ذلك، بحسب فارس، أن «الرجال يقرأون الأخبار وقد يمرّون على الصور ليروا من حضر المناسبة»، أما النساء فيهتممن بتفاصيل الصور، «حتى أننا أصبحنا ننشر صوراً طولية بدلاً من الوجوه، إضافة إلى وجود صفحات تتعلق بالستايل والتسوق والمجوهرات والألبسة والتي تهم المرأة دون الرجل»، يوضح مدير التحرير. مجلة «الدنيا» بدورها أدخلت تعديلات على ألوانها لتصبح أزهى «كما تحب المرأة»، فهي لا تقدم لها «الفن الذي يهمها فقط» كما يقول مدير تحريرها، وإنما أيضاً «12 صفحة من الستايل والديكور والمجوهرات والإكسسورات والقطع الإلكترونية المستخدمة في المنزل»، بحسب فارس. ويتفق فارس وشقلية على حق المجلة في «فرض» موضوعات «مهمّة»، «لا ترغب المرأة في قراءتها»، من دون أن يؤثر ذلك على مبيعات المجلة. فقد خصصت مجلتا «الدنيا»، و «أيام الأسرة» باباً للتعريف بالجمعيات الأهلية في سورية. مجلة «الشباب الدائم» الشهرية «فرضت» مواضيع من نوعية مختلفة، فخصصت عددين للرجال كل سنة، تطرح فيهما مواضيع تخص الذكور «كالصلع، موضة الملابس الرجالية، التجميل عند الرجال». أما الأعداد العشرة الأخرى «فموجهة إلى كل الشرائح»، على رغم أن 60-70 في المئة من المشتركين بالمجلة هنّ نساء، لكن ذلك يعود «لأن المجلة تطرح مواضيع تهمهن كالتغذية والصحة، والحوامل والطبخ والأبراج والموضة» كما أشارت سكرتيرة التحرير. 72 مطبوعة حكومية... وملحق امرأة واحد ارتفع عدد الأعضاء الإناث في اتحاد الصحافيين السوريين خلال السنوات الأخيرة... حتى وصلت نسبتهن إلى 38 في المئة، مع انخفاض عدد المطبوعات النسائية إلى واحدة «غير موجودة على الأرض»، كما تقول الدكتورة ميّة الرحبي، الناشطة في مجال حقوق المرأة، مشيرة إلى أن مجلة «المرأة العربية» مجهولة تماماً، وهي شخصياً «لم ترها في حياتها ولا تعرف أحداً رآها». وصدر العدد الأول من مجلة «المرأة العربية» عام 1962، وحتى العام الماضي خلت المطبوعات الحكومية التي يصل عددها إلى 72 مطبوعة، من أية صفحات مخصصة للمرأة عداها. سنة واحدة هي عمر ملحق «الأسرة والطفل» الشهري الذي تصدره صحيفة «تشرين» الرسمية، منذ أن تسلّمت رئاسة تحريرها سميرة مسالمة، وهي أول امرأة رئيسة تحرير صحيفة حكومية في سورية. سبب مختلف عن مجلة «أيام الأسرة» دفع «تشرين» إلى تفضيل اسم «أسرة» على اسم «امرأة»، تقول المشرفة على الملحق فاتنة الشامي: «الأسرة هي وحدة بناء مجتمعاتنا، وعلى رغم أننا نتوجه في شكل أساسي إلى المرأة، إلا أننا لا نغفل الرجل في ملحقنا، فنحن نستهدفه لتحقيق الوظيفة التكاملية بينه وبين المرأة». يتألف الملحق من 24 صفحة تدور حول قضية واحدة، وناقش في أعداده ال12 مواضيع مختلفة عن «كيفية اهتمام المرأة بالطفل وحمايته، والتغذية والصحة إلى العنف ضد المرأة ونماذج لنساء مخترعات ساهمن في تنمية المجتمع». وتشير الشامي إلى أنها بصدد دراسة تقسيم الملحق إلى قسمين «قسم يتعلق بما تهتم به المرأة من فستان زفاف وحفلات وتربية الطفل وثقافته وأزياء وتغذية وبيئة، إضافة إلى المواضيع الاجتماعية كالإعاقة والعنف ودورها في جوانب المجتمع المختلفة». خارج السياق تجربتان سوريتان خرجتا عن سياق ما يقدّم للمرأة السورية، «مرصد نساء سورية» و «مجلة ثرى الإلكترونية»، ويشترك الاثنان بأنهما إلكترونيان، قائمان على التطوع، إضافة إلى كون دورهما الإعلامي جزءاً من عملهما الأساسي. بدأ «مرصد نساء سورية» عمله عام 2005 «كمشروع بناء مكتبة تقدم معلومات مختصة وموثوقة في ما يخص قضايا المرأة والطفل والمعوقين، وكان الاستهداف الأول هو العاملين والعاملات في الإعلام»، كما يشير صاحبه بسام القاضي. ويضيف القاضي: «لكن ذلك تغير سريعاً ليتحول إلى جهة فاعلة في هذه القضايا، ويبني جهة لها رأي اختصاصي، ويستهدف المجتمع السوري (متضمناً الحكومة) بهدف العمل على مناهضة العنف والتمييز ضد تلك الفئات، مركزاً في شكل رئيسي على المرأة». قبل ذلك بعامين تأسست «مجلة ثرى»، «للتركيز على كل ما يتعلق بالتمييز ضد المرأة، بهدف الارتقاء بالوعي الاجتماعي وتعديل المواد القانونية المجحفة بحقها في مختلف قوانين العقوبات والأحوال الشخصية والأحداث، إضافة إلى إيصال الصوت بوجود هذه الانتهاكات»، كما يقول يحيى أوس، مدير تحرير المجلة. يرفض القاضي استخدام المواضيع التي يسميّها بال «الخفيفة» لأن «الغاية لا تبرر الوسيلة»، معتبراً «أن استخدام المكياج والستايل لجذب السيدات «هو تكريس القول إن هذه قضايا تهم النساء، وهذا بحد ذاته نوع من العنف والتمييز». ويشير أوس إلى «المواقع الكثيرة التي تطرح قضايا تنقيص وزيادة الوزن والمكياج كأنها الهم الأوحد للمرأة، أما نحن فموضوعنا محدد وهو حقوق المرأة ونهدف إلى رفع الوعي بقضاياها». ويؤكد كل من القاضي وأوس أن دورهما يتجاوز الإعلامي. يقول القاضي: «لسنا جهة إعلامية، نحن منظمة من نوع خاص تعمل في مناهضة العنف والتمييز، والموقع الالكتروني لا يشكل أكثر من 30 في المئة من عملنا».