باريس - أ ف ب - عرض في معهد العالم العربي في باريس مساء أول من أمس شريط «ادونيس: الشعر كمشروع مفتوح» الوثائقي الذي ركز على فكرة التلاقح الثقافي فتحدث عن تأثر ادونيس بالشعر الفرنسي من دون ان يتناول دور ادونيس في مسيرة الحداثة العشرية العربية. وقد اخذ عدد من الحاضرين على الفيلم عدم اهتمامه بالجوانب الاخرى من حياة ادونيس الشاعر والمفكر وخصوصاً عملية مراجعته ونقده للشعر العربي القديم فضلاً عن جوانب اخرى من تجربته الكتابية كما في كتابه «الثابت والمتحول» الذي اثار ضجة كبيرة حين صدوره في نهاية ستينات القرن العشرين. ولم يتناول الفيلم دور ادونيس في مسيرة الحداثة الشعرية العربية بقدر ما ركز على علاقته بالشعراء الفرنسيين الذين يقول الشاعر في الفيلم انه تأثر بهم هو الذي ترجم الكثير من اعمال هؤلاء الشعراء الى العربية بدءاً من رامبو وصولاً الى ايف بونفوا. وعرض الفيلم في اطار الفعاليات الاسبوعية التي ينظمها معهد العالم العربي تحت عنوان «خميس المعهد» ويشرف عليها المغربي المعطي قبال. وقدم الفيلم الذي انتجته شركة «ديوالي» بناء على فكرة من اندريه فيلتير المسؤول عن المنشورات الشعرية في دار غاليمار، في عرض اول في المعهد وهو يعتبر جزءاً من سلسلة تعكف الشركة على انتاجها تحت عنوان «تمازج وإبداع». شريط «ادونيس: الشعر كمشروع مفتوح» التزم تأثر أدونيس بالشعر الفرنسي وقراءته لكثير من شعراء وكتاب العالم باللغة الفرنسية التي يتكلمها في الفيلم والتي تعلمها بجهد فردي ذاتي وليس على مقاعد الدراسة. ويتطرق بكثير من التركيز الى علاقة ادونيس بباريس منذ اول رحلة اليها وعلاقاته الادبية كما مع الراحل المستشرق والمفكر رولان بارت الذي كان صديقاً له. غير ان الشريط اذ يتحدث عن ادونيس الشاعر يغفل جوانب كثيرة اخرى من حياة الشاعر الثوري باستمرار وهو في الفيلم يتحدث كثيراً عن هذه الثورة على الدين والموروث الذي يعتبر خير من يعرفه ويقدمه تقديماً تعليمياً لجمهور يتوقع انه فرنسي. ومنذ بدايته يركز الفيلم على نشأة ادونيس في عائلة فقيرة وعدم ذهابه الى المدرسة في سن مبكرة ثم تنتقل الصورة الى قرية قصابين في سورية حيث شيّد ادونيس بيته الذي يفضل والى حيث يحب ان يذهب الشاعر كلما تمكن. بل ان الفيلم قصد في كثير من محاوره ان يظهر العلاقة بين ذلك المكان الاصل وبين شعر ادونيس الذي تغذى بروحية ذلك المكان الذي طبع قصائد الشاعر. من هنا اقتراح المخرجة وكاتبي السيناريو ان يقرأ الشاعر قصائده للفيلم في طبيعة اخرى ليست سوى حديقة باريسية. تأتي عبارة ادونيس في الشريط هادئة وادعة كعادتها فيشرح كيف ان يده وما يمكن ان يصنعه بها امتداد لكتابته الشعر. اما فن الكولاج الذي توجه اليه في السنوات الاخيرة فهو يأتي ليقول ما لم تقله القصيدة ويعتبر امتداداً لها. وأعقب العرض حوار بين الجمهور والشاعر اجاب خلاله على بعض الملاحظات والاسئلة لكنه فضل قراءة الشعر بحضور كل من الشاعرة فينوس خوري غاتا والناشر فيلتر وآخرين. وعلى رغم قصور الشريط عن الاحاطة بشخص ادونيس الشاعر العالمي الذي يكرم في انحاء عدة من العالم اليوم، فهو حدد من البداية طموحه الذاهب لعرض تلاقح الثقافات لدى ادونيس الذي قال ان تأثره بالشعر الفرنسي وان حداثته الشعرية وتمرده على الصيغ القديمة مردها في جزء منها لقراءته هذا الشعر. كما ان الشريط على تواضعه يأتي ليسد فراغاً قاتلاً في صورة الكتاب والشعراء العرب عموماً والذين يرحلون ويتركون نصوصهم وأحياناً صوتهم وفقط القليل من الصور.