احتفاء بالإعلان عن العام 2015 سنة السينما والفنون البصرية في تونس، ينظم مهرجان ربيع «سبيطلة» الدولي في دورته العاشرة ندوة فكرية عربية تتناول السينما العربية الجديدة بالبحث والمساءلة من خلال طرح موضوع «السينما العربية الجديدة والراهن العربي: علاقة تماس... محاكاة أو لامبالاة» وذلك بمشاركة ثلّة من أهل السينما والتلفزة العربية وسيكون ضيف شرف الدورة الفنان المصري سعيد صالح. وتنتظم على هامش الندوة ثلاثة عروض سينمائية لعدد من الأفلام، وهي: «فين ماشي يا موشي» لحسن بن جلون، هو شريط يتحدث عن هجرة اليهود المغاربة، و «زرزيس» لمحمد الزرن المتوج أخيراً في مهرجان تطوان بالمغرب، و «الطحين الأسود» لغسان شميط. كما ينتظم بالمناسبة معرض تحت عنوان «السينما العربية الجديدة معلقات ووجوه». وتطرح الندوة موضوعاً مثيراً للجدل حقيقة ومستفزاً للحظته يسائل مدوّنة السينما العربية ومنجزها في البحث عن علاقتها بالأرض جغرافيا وتاريخا وذاكرة. فما المقصود بالسينما العربية الجديدة؟... ما هي خصوصيات هذه السينما وملامحها؟... لن نتوغل في تشخيص واقع السينما العربية وما شهدته من تطورات عبر تاريخها المتشعّب وإنما نتوقف عند المعاني الحافة بمفهوم «السينما العربية الجديدة» الذي يعني بالضرورة وضمنياً - إنّ هناك سينما عربية قديمة قد تمّ تجاوزها أو ثمّة مساع لتجاوزها...». ويقسّم النقاد والباحثون والدارسون السينما العربية إلى مفصلين تاريخيين: المفصل الأوّل ويمثله جوهرياً أنموذج السينما المصرية في بعدها الرائج الجماهيري، الذي تربّت عليه الذائقة العربية لأجيال وأجيال وتحوّل إلى «قالب مرجعي» لعدد من السينمات العربية، وهو نموذج يقدّم في رأي البعض سينما ذات خطاب هُلامي يصنع الأوهام والأحلام ويقدّم ميلودراما بعيدة أو هي معزولة عن قضاياها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والفكرية فيما يرى آخرون انها سينما «ابتذلت كلّ هذه القضايا في اتجاه ترسيخ سينما رومانسية تحلق بعيداً في سماء الأوهام»، المفصل الثاني يمكن التأريخ له مع أو بعد نكسة 1967 التي كان لها الأثر العميق في الفكر والثقافة العربية شعراً ورواية وأدباً وتفكيراً ومسرحاً وسينما حيث برزت أصوات جديدة في كلّ هذه الأجناس وظهر ما يمكن أن نطلق عليه «موجة جديدة» في السينما العربية تمثلت قضايا مجتمعها وهزائمه وآلامه ونكساته... وقد أطلقت على هذه الموجة أسماء وصفات عديدة منها السينما الشابة والسينما البديلة... وهي سينما سعى صنّاعها إلى اختراق السائد الذي رسخته السينما المصرية واقتراح خطاب سينمائي جديد برؤية مخصوصة وكتابة بديلة ملتصقة بواقعها فهي سينما ابنة تربتها تتحرك بمعطيات لحظتها وتعيد إنتاجها وفق رؤية إبداعية خلاّقة...». فما طبيعة الخطاب الفكري والجمالي للسينما العربية الجديدة...؟ وكيف تتمثل هذه السينما واقعها الاجتماعي والسياسي والثقافي وكيف تسائله؟... وكيف تقرؤه إبداعياً؟... ما هي خصوصيات هذه الكتابة؟... هل هي كتابة كاشفة وجريئة؟... أم هي كتابة عالقة ومطمئنة ومورّطة في ألاعيب الخداع والتضليل؟... ماذا قدّمت هذه السينما للجمهور العربي؟... ما هي أسئلتها وما هي مقترحاتها؟... وهل بإمكان هذه السينما بخطابها المغاير والمضمونيّ أن تقاوم مقاولات السينما وتجارها المرتبطين بأطراف سياسية تدعمهم وتوفر لهم كلّ الإمكانات لضرب «السينما الجديدة في عمق مشروعها»؟ هي الأسئلة وغيرها ستبقى مشرعة تثيرها ندوة السينما العربية الجديدة التي تعقد بربيع سبيطلة الدولي اليوم وغداً.