لا يكتمل أي مزاد علني في أي مكان في العالم لبيع الخرائط النادرة وكتب الرحلات والتاريخ الطبيعي إذا لم يكن يتضمن أشياء مهمة وقيّمة من شبه الجزيرة العربية خصوصاً والعالم العربي عموماً. والمزاد الذي تقيمه دار «سوذبيز» العالمية في لندن في السادس من أيار (مايو) المقبل لا يشذ عن هذه القاعدة أبداً. مجموعة قيمة ونادرة من كتب الرحلات والأطالس والخرائط والتاريخ الطبيعي ستكون متاحة للراغبين، من هواة ومحترفين، في مزاد يتوقع ان يحظى باهتمام واسع في المنطقة العربية، وبالتحديد في الجزيرة العربية نظراً الى ان بعض المعروضات لم يسبق ان شهدت اسواق المزادات مثيلاً لها من قبل. محمد علي أفندي سعودي (1865 – 1955) كان مصوراً محترفاً مطلع القرن الماضي، وظهرت صوره عن مكةالمكرمة والمدينة المنورة في كتاب رفعت باشا «مرآة الحرمين» الصادر في القاهرة عام 1925. لكن ما هو معروض في المزاد يتجاوز اللقطات الفوتوغرافية النادرة، وبعضها يُظهر للمرة الأولى ملامح من مكة والمدينة وصوراً لأعيان وشخصيات من تلك الفترة. الجديد واللافت هنا ان المزاد يقدم لقطات ثلاثية الأبعاد لمكة والمدينة تعود الى عامي 1907 و1908. وهذه اللقطات، كما يقول خبراء «سوذبيز»، هي الأولى من نوعها التي تعود الى المدينتين المقدستين. وبالتالي فهي تؤسس لنمط من التصوير لم يكن معروفاً على نطاق واسع في العالمين العربي والإسلامي آنذاك.br / الصور موجودة على ألواح زجاجية تأتي في ثلاثة أحجام ويبلغ عددها 34 صورة محفوظة في خمس علب ومعها إلبوم حديث يحوي مجموعة مطبوعة للصور ذات الأبعاد الثلاثة. ومع هذه الصور ثلاثة أجهزة ستيريوسكوب (يتيح الرؤية المجسمة للصور ذات الأبعاد الثلاثة) صغيرة ومتوسطة وكبيرة، تعود كلها الى مطلع القرن الماضي. وقد جربنا بأنفسنا هذه الأجهزة وشاهدنا تلك الصور، فإذا بنا أمام لقطات ثلاثية الأبعاد تختلف تماماً عما نعهده في الصور العادية. وكانت صور المسجد النبوي الشريف مذهلة في وضوحها ونقائها، وبدت الأعمدة وكأننا نلمسها ونسير بينها في حين كانت الثريات تتدلى وتكاد تلامس وجوهنا. السعر المقدر لهذه المجموعة كاملة يصل الى 50 ألف جنيه إسترليني. وسيكون في استطاعة الراغبين رؤية الصور من طريق الستيريوسكوب حتى الخامس من الشهر المقبل أثناء العروض المفتوحة التي تنظمها «سوذبيز» في لندن استعداداً للمزاد الكبير. ومن بين المعروضات المهمة أيضاً خرائط لشبه الجزيرة العربية تعود الى القرن التاسع عشر، وألبومات صور متنوعة لمكة والمدينة. لكن ما استوقفنا فعلاً وأثار اهتمامنا ألبوم صور فوتوغرافية التقطها أحد ضباط القوات الجوية البريطانية عام 1930 وتتضمن لقاء الملك عبدالعزيز آل سعود مع المندوب البريطاني الكولونيل ديكسون في إطار تسلم الملك عبدالعزيز عدداً من المتمردين الذين كانوا موجودين في الكويت. والصور تشمل أيضاً لقطات لمعسكر القوات السعودية ولعدد من كبار مساعدي الملك عبدالعزيز. تقدر قيمة الألبوم بحوالى 4000 جنيه. وهناك أيضاً مجموعة من الوثائق البريطانية، موزعة على ثلاثة ملفات، تحتوي مراسلات وتقارير عن اجتماعات الملك عبدالعزيز ومفاوضاته مع المعتمد البريطاني السير جيلبرت كليتون بين أيار (مايو) وآب (أغسطس) عام 1928، والهدف منها معالجة بعض المشاكل الحدودية بين السعودية والعراق. وتتألف الوثائق من 332 صفحة، منها 15 تقريراً أعدها كليتون عن اجتماعاته مع الملك عبدالعزيز. وتوجد كذلك أربع رسائل من الملك عبدالعزيز بالعربية مع ترجمة لها الى الإنكليزية. وتضاف الى ذلك مجموعة من الرسائل المتبادلة بين مسؤولي القنصلية البريطانية في جدة وبعض مساعدي الملك عبدالعزيز. وتقدر قيمة هذه المجموعة، التي يقول خبراء «سوذبيز» انه لم يسبق ان عُرض مثيل لها من قبل في أي مزاد، بحوالى 100 ألف جنيه.