فعّلت مصر والصين خلال محادثات جمعت رئيسي البلدين عبدالفتاح السيسي وشي جينبينغ في القاهرة أمس، اتفاق الشراكة الاستراتيجية الذي وقع في بكين نهاية العام 2014، بتوقيع حزمة من الاتفاقات باتت القاهرة بمقتضاها «محوراً مهماً» في مبادرة الرئيس الصيني ل «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» و «طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين»، إضافة إلى «اتفاق تعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية» على المستوى السياسي، واتفاق الرئيسين على «دفع التعاون العسكري بين جيشي البلدين»، وإمداد مصر بقائمة أسلحة متطورة أعدتها وزارة الدفاع، ويبحث في تفاصيلها المسؤولون العسكريون في البلدين. وقال ل «الحياة» مسؤول مصري إن الرئيس الصيني تناول في محادثاته مع السيسي «رؤيته لجعل مصر محوراً مهماً في مبادرة الحزام والطريق، واقترح تنسيق الرؤى التنموية للبلدين في هذا الصدد، وهو ما لاقى ترحيباً من الرئيس عكسه توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين البلدين في شأن مبادرة الحزام والطريق، يتم بمقتضاها تنفيذ المبادرة في شكل مشترك، والتنسيق في ما يخص خطط التنمية». وشهد الرئيسان في أعقاب محادثاتهما توقيع 21 اتفاقاً ومذكرة تفاهم في مجالات عدة، أبرزها «البيان المشترك في شأن البرنامج التنفيذي بين مصر والصين لتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة في السنوات الخمس المقبلة»، ومذكرة التفاهم حول مبادرة «الحزام والطريق»، واتفاق عقود مشروطة لتنفيذ المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية الجديدة، ومذكرة تفاهم بمنحة إنمائية واتفاق تمويل بقيمة بليون دولار للبنك المركزي المصري، واتفاق تمويل بقيمة 700 مليون دولار بين البنك الأهلي والبنك الصيني للتنمية، واتفاق للتعاون التجاري والاقتصادي في شأن المنطقة الاقتصادية في قناة السويس، واتفاقات عدة تخص البنية التحتية خصوصاً في مجال الكهرباء. وأزاح الرئيسان الستار عن مجسم للمرحلة الثانية من المنطقة الصينية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس التي قال جينبينغ في مؤتمر صحافي مشترك مع السيسي إنها ستجذب نحو 100 شركة باستثمارات نحو بليوني و500 مليون دولار. وقوبل الرئيس الصيني بحفاوة لافتة، إذ زيّنت أعلام الصين وصور جينبينغ الطرق التي مرّ بها في القاهرة والأقصر جنوب مصر، وشهد السيسي وضيفه حفلاً فنياً في قصر عابدين التاريخي الذي استضاف الوفد الصيني في القاهرة، واصطحب السيسي الرئيس الصيني في جولة داخل القصر لعرض تاريخه، وأطلق الرئيسان مساء أمس من معبد الأقصر عام الثقافة المصرية - الصينية. وعقد السيسي ورئيس الصين في قصر القبة محادثات ثنائية منفردة، أعقبتها جلسة موسعة بحضور وفدي البلدين، قبل أن يشهدا توقيع الاتفاقات، ثم أقيمت للوفد الصيني مأدبة غداء، أعقبها مؤتمر صحافي مشترك للرئيسين. وقال السيسي إن المحادثات «أكدت استمرار توافق رؤى ومواقف البلدين تجاه مختلف القضايا الدولية والإقليمية. اتفقنا على ضرورة تعزيز التعاون المشترك إزاء تلك القضايا بما يتناسب مع حجم التحديات المشتركة التي تواجهنا». وأضاف: «تطرقنا إلى ضرورة مضاعفة جهودنا المشتركة في مختلف المجالات الثنائية والمحافل المتعددة الأطراف لمكافحة خطر الإرهاب والتطرف، ومواصلة تنسيق المواقف في إطار الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي». وأضاف: «أود أن أعبر عن تقدير مصر واعتزازها بمدى الإنجاز البارز الذي تم تحقيقه مع دولة الصين في زمن قياسي لتطوير التعاون الثنائي الاقتصادي والعسكري إلى مستويات غير مسبوقة، ولعل ما تم توقيعه اليوم من اتفاقات ومذكرات تفاهم، فضلاً عن مشاريع جديدة، خير دليل على عزم البلدين على الارتقاء بمستويات التعاون لتكون نموذجاً يحتذى به في مجال التعاون بين الدول». وشكر رئيس الصين لدعوته إلى حضور قمة دول العشرين المنتظر عقدها في الصين في أيلول (سبتمبر) المقبل. وقال جينبينغ في المؤتمر إن «الهدف الرئيس للزيارة مواصلة التخطيط لمستقبل العلاقات بين البلدين وتعميق التعاون في المجالات كافة والارتقاء بالعلاقات إلى مستوى جديد». وأضاف: «أجرينا محادثات مثمرة واتفقنا على أن أساس العلاقات بين البلدين متين وأن لها آفاقاً رحبة وأن التوطيد والارتقاء يمثلان خياراً استراتيجياً للبلدين ويتفقان مع المصلحة الاستراتيجية طويلة الأمد للشعبين، وفي هذا السياق اتفقنا على انتهاز فرصة الذكرى الستين لإطلاق العلاقات بين البلدين لتكون هناك انطلاقة جديدة للعلاقات وتعزيز الثقة المتبادلة». وقال: «إن الصين مستعدة لتحقيق الالتقاء بين استراتيجية التنمية الخاصة بمبادرة الحزام والطريق ومشروع تنمية المحور الاقتصادي لقناة السويس في مصر». وأشار إلى أن «الجانبين توصلا إلى اتفاق على التعاون في 15 مشروعاً تشمل مجالات عدة في الكهرباء والمواصلات والبنية التحتية من المتوقع أن تبلغ استثماراتها الإجمالية 15 بليون دولار. هذه المشاريع ستضفي قوة جديدة على التنمية الاقتصادية في مصر. حققنا توافقاً مهماً واسع النطاق ويمكن القول إن الزيارة حققت نتائج مثمرة وتكللت بالنجاح التام». وكان الرئيس الصيني كرّم شخصيات عربية عدة في حفل أقيم في قصر عابدين الرئاسي، وزار مقر البرلمان أمس، كما زار الجامعة العربية وألقى كلمة في حضور السفراء العرب لدى الجامعة.