لم يكن أمام أمل السعيدان المتخصصة في رياض الأطفال ومديرة مدرسة في حي المروج (شمال الرياض) إلا فتح فصول دراسية خاصة لتعليم الطلاب المصابين بالتوحد على حساب المدرسة الخاص، بعدما لاحظت ظهور أعراض مرض التوحد. على عدد من الطلاب والطالبات المسجلين في المجمع بمراحله المختلفة، وهو ما تجهله الكثير من الأمهات عند تسجيل أبنائهن. تقول السعيدان التي عمدت أخيراً إلى استحداث فصول لتأهيل مرضى التوحد ل "الحياة": «مرض التوحد لا يستطيع ملاحظته وتمييزه إلا متخصص في صعوبات التعلم، وهو ما اكتشفته عند الكثير من الطلاب والطالبات المستجدين خلال فترة عملي في المدرسة منذ عشرة أعوام، ولاحظت أن بعض الطلاب لديهم سلوك عدواني وضعف في عملية التواصل البصري والاجتماعي». وتضيف: «أسر هؤلاء الطالبات ألحقوهن بمراكز خاصة لا تناسب حالاتهم أو بالمراكز التي تعالج مرض "متلازمة داون"، فالخطأ في التشخيص هو الذي يعرقل عملية اكتشاف الطفل المصاب بالتوحد ومن ثم صعوبة تأهيلهم من جديد». وأوضحت السعيدان أن الكشف المبكر للطفل التوحدي يعجل بشفائه بنسبة 90 في المئة. وعن تجربة فتح فصول للتوحديين، قالت: "قمت بحصر وجمع الأطفال المصابين وبعد إجراء اختبارات عليهم تم افتتاح ثلاثة فصول دراسية مجهزة تشتمل على عدد من الوسائل السمعية والبصرية، إضافة إلى توفير فريق عمل من اختصاصيتين نفسية واجتماعية ومعلمة لصعوبات النطق». وذكرت أن جميع هذه الفصول تكفلنا بتأمين حاجاتها شخصياً بالتعاون مع أسر الطلاب، مشيرة إلى أنه تم اعتماد برنامج تأهيلي بمساعدة إدارة المدرسة يركز على متابعة الطفل التوحدي وإعداد برنامج خاص لكل طفل بحسب معاناته، إضافة إلى تعليمه الاعتماد على النفس في السلوك اليومي عن طريق أركان انفرادية لتعليم الطفل بشكل فردي ومنظم. واكدت أنه بعد فتح فصول علاج التوحد قدم أكثر من 30 طفلاً طلباً للالتحاق بها ولا تزال هناك قائمة كبيرة تنتظر دورها للالتحاق بفصول التوحد. وطالبت السعيدان وزارة الشؤون الاجتماعية بضرورة دعم المراكز الأهلية بالأكاديميين. لافتة إلى أن السعودية تملك الكوادر التأهيلية والتعليمية المتخصصة بمرض التوحد التي تغني عن السفر للخارج ودفع المبالغ الطائلة التي تتجاوز 60 ألف ريال، فلو استثمرت لخرج لنا فريق علاجي يقوم بمهامه على أكمل وجه مع محدودية مراكز التوحد. وزادت: «عدد التوحديين تجاوز 200 ألف حالة في السعودية، تم علاج مئة حالة فقط، وقالت ان نسبة إصابة الذكور في المدرسة أكثر من الإناث»، مشددة على وجود جهل مجتمعي من الأسر عن حقيقة المرض لأنهم يخشون زيارة الطبيب النفسي. وأشارت إلى أن الفصول تحتوي على ورش لتعليم الرسم لأن بعض الأطفال لديهم مواهب كبيرة وكامنة، إضافة إلى إعداد جلسات التعديل السلوكي والتعليم بالرسم واللمس والتعرف على الأشياء عن طريق الصور، كاشفة عن وجود تنسيق مع الشؤون الاجتماعية لصرف إعانات للأسر الفقيرة التي يوجد بها طفل توحدي، وسيتم العمل فيها بشكل رسمي في شهر شوال المقبل.