اعتبر وزير الخارجية أحمد أبو الغيط الادعاءات الإسرائيلية عن حصول «حزب الله» على صواريخ «سكود» من سورية، «كذبة كبرى لا معنى لها ومن يعرف هذا الصاروخ يعلم أنه لا يمكن إخفاؤه وتسريبه وإني أعلم عما أتحدث». وجاءت تصريحات أبو الغيط، بعد لقاءاته في بيروت مع رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري ووزير الخارجية علي الشامي، في وقت وضع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك مسألة حصول «حزب الله» على صواريخ «سكود» في مقابلة تلفزيونية في خانة «الافتراض» إذ قال:»نحن نفترض أن هناك نشاطاً متصلاً بتسليم أسلحة متطورة، سكود وأشياء أخرى». وأشار الى أن «دخول أسلحة الى لبنان تعطل التوازن أمر يهدد الاستقرار»، لكنه نفى «أن تكون لدينا نيات لشن حرب في الشمال» على لبنان. وفرض موضوع التهديدات الإسرائيلية المبطنة بشن حرب على لبنان نتيجة الأحاديث الإسرائيلية المتفاوتة عن تسليم سورية «حزب الله» صواريخ «سكود» نفسه على المواقف اللبنانية الرسمية ومحادثات الموفدين الى بيروت. وفيما قال رئيس الجمهورية ميشال سليمان من البرازيل حيث يقوم بزيارة رسمية ان «الجيش وقوى الأمن يقومون بواجباتهم وأصبحت إسرائيل تحسب حساباً للبنان، واللبنانيون سيواجهون متحدين، الجيش والشعب والمقاومة»، قال الحريري أثناء تفقده طائرات «بوما» تلقاها لبنان هبة من دولة الإمارات العربية المتحدة، إن «الوحدة الوطنية كافية لصد أي هجوم» على لبنان. وأكد الحريري «أننا نضع كامل ثقتنا بقائد الجيش والجيش وسنسعى لتأمين كامل متطلبات الجيش وتزويده أفضل العتاد»، مشيراً الى «الكثير من التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان». وأعلن أن 6 طائرات جديدة ستصل للجيش شاكراً لدولة الإمارات المساعدة التي تقدمها. وكان الوزير أبو الغيط بدأ زيارته لبنان صباح أمس. وقال في تصريحات عدة عن صواريخ «سكود»، ان لا تفسير لديه لإثارة هذا الموضوع من جانب إسرائيل «أكثر من الاستفزاز»، وأضاف: «عندما أقول إن هذا الصاروخ لا يمكن أن يتسرب بقطع أو في كتلة متكاملة فإني أعلم عما أتحدث»، في إشارة منه الى ما قيل عن صعوبة نقل الصواريخ من دون أن تتمكن الأجهزة الاستخبارية والصور بالأقمار الاصطناعية من كشفها. وقلّل أبو الغيط من احتمال عدوان إسرائيلي على لبنان قائلاً: «فليهدد من يهدد»، وأمل ب «ألا يكون هناك مثل هذه الأعمال التي تعقد الوضع ولا داعي لها ونرفضها ونتصدى لها». وإذ قال «إننا نسعى الى التعرف الى الرؤية اللبنانية ومواقف القادة اللبنانيين»، فإن العلاقات المصرية – السورية واقتراب المصالحة بين الرئيسين حسني مبارك وبشار الأسد أخذت حيزاً من محادثات الوزير المصري في بيروت. وقال أبو الغيط في تصريحاته إنه تحدث في الأمر مع بري والحريري وكرر مرات عدة أن «الرئيس الأسد مرحب به دائماً في مصر». كما التقى ابو الغيط، قبل مغادرته بيروت ليلاً كلاً من النائب وليد جنبلاط والرئيس السابق امين الجميل ورئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي. وعلمت «الحياة» أن أبو الغيط شجع على خطوات التقارب السوري – اللبناني وإجراءات الانفتاح، وذكّر بري بموقفه الداعي الى المصالحة السورية – السعودية وانعكاساتها على لبنان، وقالت مصادر بري أن الأخير «أضاف على كلام أبو الغيط أنه مثلما اعتبرنا المصالحة العربية السعودية – السورية مفيدة لمصلحة لبنان فأنا أكرر القول إن التقارب المصري – السوري مهم جداً وأساسي بالنسبة الى المصالحة الفلسطينية». وإذ وجه أبو الغيط دعوة الى بري لزيارة القاهرة ممتدحاً دوره ونهجه السياسي في لبنان، ذكرت مصادر لبنانية أن وزير الخارجية المصري أكد أن القمة المصرية – السورية ستعقد قريباً وأن تأخرها كان سببه العملية الجراحية التي أجريت للرئيس المصري وفترة النقاهة من بعدها. وعلمت «الحياة» أن أبو الغيط شرح أسباب استبعاده المبدئي لاحتمال قيام إسرائيل بحرب على لبنان، معتبراً أنها لا تستطيع أن تكرر حرب 2006 التي فشلت فيها. وفي مداولاته مع المسؤولين اللبنانيين حول مهمة الموفد الرئاسي الأميركي جورج ميتشل لاستئناف المفاوضات على المسار الفلسطيني نقلت مصادر لبنانية رسمية عن أبو الغيط عدم ثقة القاهرة بإمكان تقديم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو تنازلات تتيح إحداث تقدم، وشكوك في قدرة الإدارة الأميركية على ممارسة ضغوط على الحكومة الإسرائيلية وأن مصر تراقب ما يجرى على هذا الصعيد. وتناول أبو الغيط هذا الموضوع وغيره خلال المحادثات التي جرت مع الحريري واستكملت الى مائدة الغداء، ونُقل عنه قوله أيضاً إن الجانب الفلسطيني تلقى تطمينات من الجانب الأميركي، لاستئناف المفاوضات غير المباشرة، لكنه اعتبرها غير كافية ولفظية. وعلم أن الحريري شدد أمام أبو الغيط على أن الأحاديث الإسرائيلية عن نقل صواريخ سكود الى «حزب الله» لا تستند الى أي وقائع وهدفها إثارة حملة سياسية وإعلامية ضد لبنان. ونفى أبو الغيط في تصريحاته أن يكون في نيته لقاء أي من مسؤولي «حزب الله». وقال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بعد لقائه الحريري «أن أكثر ما يريح الأجواء اللبنانية في حال فرضت مواجهة معينة على لبنان لا سمح الله هو أن يكون القرار الاستراتيجي في يد الحكومة اللبنانية». واعتبر جعجع أنه «عندها الجميع يكون ممثلاً في القرار الاستراتيجي ويشارك فيه ولا يعتبر أن هناك طرفاً لبنانياً منفرداً يأخذ القرار وحده». وعلّق على تصريحات لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اعتبر فيه أن جعجع «لم يتعلم من تجربة الماضي» بالقول: «العلاقة ليست متوترة على الإطلاق ولكن ضرب الحبيب زبيب، ولوليد بك اعتباراته». وشدد على الحفاظ على أجواء التعايش في الجبل. وتردد أن جعجع حضر جانباً من الغداء الذي أقامه الحريري على شرف أبو الغيط. وعلى الصعيد الداخلي أيضاً رد زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون أمس على دعوة الرئيس بري مجدداً الى المباشرة بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، بطريقة غير مباشرة. ودعا عون كل اللبنانيين لنبذ المذهبية بكل طائفة على الأقل، مشيراً الى أن أحداً لا يمكنه أن يتكلم عن إلغاء الطائفية السياسية إذا لم يتمّ اعتماد الكفاءة في كل طائفة. وأشار عون في كلمة له خلال حفلة إطلاق توصيات «التيار الوطني الحر» لتطوير عمل البلديات والإنماء البلدي، الى أن توقيت تنظيم الانتخابات البلدية كان سيئاً جداً «لكن فريقنا كان دائماً يربح المعارك الصعبة، وربما تكون الانتخابات معركة صعبة ونحن معتادون على المعارك الصعبة». وأضاف:»نحن ملزمون أن نؤمن وصول أكبر عدد ممكن من المحازبين في التيار والمناصرين، ونريد الدخول الى كل زاوية وكل شخص من التيار في أي بلدية سيمنع وقوع الخطأ قبل أن يقع، وجودنا حتى مع أناس فاسدين يمكن أن يصلح الخطأ... وملزمون عندما نريد أن نصلح أن ننزل الى الساحة، الى المزبلة التي فيها شوك».