حذر الرئيس محمود عباس اسرائيل أمس من ان الفلسطينيين سيطالبون بحل الدولة الثنائية القومية في حال اصرارها على مواصلة الاستيطان وتخريب حل الدولتين، معلناً رفضه اقتراحاًَ اسرائيلياً عرض عليه أخيراً باقامة دولة فلسطينية ذات حدود موقتة. وقال انه يمد يده الى حركة «حماس» لتحقيق المصالحة، متعهداً اطلاق حوار وطني شامل ورعايته في حال موافقتها على الورقة المصرية. وأعلن عباس في خطاب مطوّل امام المجلس الثوري لحركة «فتح» الذي بدأ أعمال دورته الجديدة امس في رام الله: «أحذِّر، فالدولة الواحدة (ثنائية القومية) بدأت تتسرب لأن الأمل بتحقيق حل الدولتين يتضاءل شيئاً فشيئاً، والسؤال لاسرائيل: هل تريدون حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967؟ نحن جاهزون. لكن اذا كنتم لا تريدون، فأنتم مسؤولون عما يجري، اما نحن فما زلنا متمسكين بهذا الخيار (حل الدولتين)». وقال انه رفض عرضاً لاقامة دولة ذات حدود موقتة، موضحاً: «أما الدولة ذات الحدود الموقتة التي تطرح هذه الايام، فأقول لهم إنسوها». واضاف: «يريدون دولة على حدود 40 في المئة او 50 في المئة، ثم يقولون بنشوف»، أي سنرى بعد ذلك ما يمكن عمله. وتابع: «قلنا لهم نريد الضفة الغربية كاملة كما هي، هناك تعديلات حدودية طفيفة نوافق عليها، لكن نريدها كاملة، وإلا عودوا الى الشرعية الدولية». وزاد ان «اسرائيل تطالبنا الاعتراف بيهوديتها استناداً الى قرار التقسيم، ونحن نقول لهم: اذا اردتم قرار التقسيم، فنحن نريده ايضا»، مشيراً الى أن القرار المذكور ينص على اعطاء الفلسطينيين دولة وفق خط الهدنة عام 1948، أي ضمن مساحة اكبر بكثير من مساحة الضفة وغزة. ودعا الرئيس الفلسطيني الحكومة الاسرائيلية الى وقف كل أشكال الاستيطان في الاراضي الفلسطينية، خصوصا في القدس، ليصار الى بدء عملية سلام جدية لمدة سنتين تحت اشراف اميركي ورعاية دولية وعربية. وفي تطور لافت، دعا عباس الفلسطينيين الى حوار مفتوح مع كل مكونات المجتمع الاسرائيلي على اساس حل الدولتين، وقال: «ادعو الى حوار مفتوح مع القوى والاحزاب الاسرائيلية المختلفة. نحن مستعدون للحوار مع أي زعيم اسرائيلي ومن دون استثناء على اساس حل الدولين، لأن مسؤولية القرارات الصعبة تقع على عاتق الجانبين». وقال مقربون من الرئيس انه يراهن على تغيير في المجتمع والرأي العام الاسرائيلي ليشكل ضغطاً على حكومة بنيامين نتانياهو المتمسكة بالاستيطان على حساب السلام. وقال عباس ان غالبية الشعب الاسرائيلي مع السلام، مشيراً الى استطلاع للرأي العام بيّن ان 84 في المئة من الاسرائيليين يؤديون التوصل الى حل سلمي بين الجانبين. وأعلن عباس دعمه النضال الشعبي السلمي، رافضاً العنف. وقال ان القمة العربية الاخيرة التي عقدت في سرت في ليبيا شهدت دعوات الى الاعلان عن دعم الكفاح المسلح الفلسطيني، لكنه طالب بنص آخر يقوم على «دعم نضال الشعبي الفلسطيني من أجل انهاء الاحتلال». كما دعا الادارة الاميركية الى الضغط على اسرائيل من أجل وقف الاستيطان ليصار الى استئناف المفاوضات، مذكّراً القادة الاميركيين بأقوالهم عن أهمية خلق دولة فلسطينية تشكل، وفق قول العديد منهم، مصلحة استراتيجية اميركية. وطالب «حماس» بالتوقيع على الورقة المصرية، متعهداً اطلاق حوار وطني فلسطيني شامل ورعايته يناقش تحفظات «حماس» على الورقة. لكنه قال ان السبب في عدم اقدام «حماس» على توقيع الورقة المصرية يعود الى مصالح قوى اقليمية لديها أولويات تتناقض مع المصالحة. ورأى انه «في الوقت الذي انتهى فيه نظام الفصل العنصري في انحاء العالم، فان هذا النظام العنصري يتكرس في الاراضي الفلسطينية»، مشيراً الى الاستيطان والى القرار الاسرائيلي الاخير الذي يعتبر الفلسطينيين من غير سكان الضفة المقيمين فيها انهم «متسللون» يجب ابعادهم. وتساءل: «هل يمكن للانسان ان يعتبر متسللاً في وطنه؟». في غضون ذلك، ذكر تقرير لمكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا) أن السلطات الإسرائيلية ما زالت مستمرة في إبعاد الفلسطينيين من منازلهم وهدم او إخلاء عدد آخر من المنازل. وأشار التقرير الذي وزعه المركز الإعلامي للأمم المتحدة في القاهرة أمس إلى أن السلطات الإسرائيلية أبعدت فلسطينياً إلى قطاع غزة فور خروجه من السجن في 21 نيسان (أبريل) الجاري بعد أن قضى فترة العقوبة التي بلغت تسع سنوات، موضحاً أن الفلسطيني المبعد كان يعيش قبل سجنه في الضفة مع زوجته وطفليه الذين ما زالوا يعيشون هناك، فيما يقيم الرجل حالياً في خيمة احتجاجية قرب معبر «إيريز». وأضاف التقرير أن الإدارة المدنية الإسرائيلية هدمت في الفترة من 14 إلى 21 نيسان ثمانية مبان يملكها الفلسطينيون في قرى حارس في سلفيت والخضر وبيت ساحور في بيت لحم، وكلها يقع في المنطقة «ج» في الضفة، بحجة عدم حصولها على تراخيص للبناء، فيما سلمت 7 أوامر بوقف البناء بحق خمسة مبان فلسطينية في قرية حلحول في الخليل والنبي إلياس في قلقيلية. وتعتبر أوامر وقف البناء إجراء إدارياً يسبق إصدار أمر بالهدم.