شغلت مسألة الهوية عقل العرب في السنوات الأخيرة عما سواها، فصارت تساؤلات من قبيل «من نحن؟» تتقدم كثيراً على نظيراتها من قبيل «ماذا نريد؟». لا يعني هذا بالطبع أن الإجابة على السؤال الأول ليست مهمة، لكن ما سبق يشدد على أن الاستغراق في جدل حول الهوية بما يؤدي إلى الإجحاف بقضايا أخرى مهمة يبدو أمراً غير مستساغ. فالسير على التوازي في حل المعضلات الفكرية والاجتماعية هو الأمر الطبيعي، الذي يفرضه الواقع المعاش، إذاً لا يمكن في اللحظة التاريخية الواحدة أن يتم التعامل مع تلك المعضلات تعاملاً رأسياً، بحيث نبدي اهتماماً مبالغاً فيه بإحداها ونهمل البقية، تحت ذرائع عدة، لا تمثل في نهاية المطاف سوى مصالح ومشارب فئة بعينها. هنا تبرز أهمية أن يكون لكل مجتمع «قائمة أولويات» تفرضها المصلحة، ليست الآنية فقط، بل المستقبلية أيضاً، وتشارك في صنعها شرائحه الاجتماعية والفكرية والسياسية كافة، من خلال الحوار اليومي الطبيعي الذي يتم بوسائل عدة، من ناحية، والتضاغط الذي يجعل الفئات الأقوى نفوذاً لا تهمل ما تطرحه الأضعف منها شأناً، من ناحية ثانية. ويتطلب بناء هذه الأولويات وجود إطار متماسك يحددها ويبرر وجودها ويصنع لها غاياتها المرجوة، وآفاقها المأمولة. وهنا تظهر حاجة ماسة إلى الأيديولوجيا، إذ أنها القادرة نسبياً على تحقيق كافة هذه الأهداف. لكن أية أيديولوجيا؟ ومن يصنعها؟ وكيف يمكن تطبيقها؟ وهل يسلم تبني أي أيديولوجية من الوقوع في فخها، حيث التعمية على الحقائق وتبرير الوضع القائم من دون مسوغات حقيقية وملاحقة الخصوم الذين لا يعتقدون في النهج ذاته، الأمر الذي يسد الشرايين الاجتماعية فلا تتدفق دماء جديدة، تواكب ظروفاً جديدة، وتكون أكثر نجاعة في التعامل معها. وهل من الممكن الحديث عن الأيديولوجيا دون أدنى اعتبار للأدبيات الكثيرة التي تحدثت عن «موت الأيديولوجيا»، أو نهاية عهدها؟، أو تلك الانتقادات العميقة والجراحات المتواصلة التي تمت لأطروحات سياسية وفكرية شغلت ذهن العالم عقوداً طويلة؟. وأي رؤية لإصلاح سياسي عربي لا يمكن أن تتم بمعزل عما دار ويدور من أفكار وسلوكيات وأحداث في سياق أوسع، قد يمتد ليشمل المعمورة بأسرها. فالنخب السياسية والفكرية العربية لا تعمل في فراغ، بل تستمد بعض وجودها وتوجه جزءاً من خطابها إلى نخب أخرى تتواجد في بلاد شتى. والتحركات السياسية والديبلوماسية للعرب لا تتجه إلى مجهول وإنما لأمم وشعوب أخرى. والتطور السياسي والاجتماعي الذاتي لا يعتمد على العناصر المحلية فقط، بل يتأثر بما يجري في المحيط الأكبر. وإذا كان بعض الناس قد شغلتهم «عولمة» الأشياء في الوقت الراهن، فإن الأفكار والمعتقدات كانت «معولمة» منذ زمن طويل. فالإسلام مثلاً دين عالمي، نزل للبشرية جمعاء، ولم يقتصر على قوم بعينهم، كحالة الأديان السماوية الأخرى، أو الأديان الوضعية التي انتشرت في بقع جغرافية وأوساط اجتماعية محددة. لذا نجد أتباع هذا الدين منتشرين في كافة الأنحاء، بعد أن بذلت «الدعوة» في الإسلام، جهداً متواصلاً في سبيل تحقيق هذا الهدف. والمسيحية، وعبر حركة مستمرة من «التبشير» جمعت حولها المؤمنين بها في شتى الأصقاع. وفي عالمنا المعاصر، وبالنسبة للمذاهب الإنسانية، نجد أن الشيوعية لم تقتصر على الدولة التي شهدت أول ثورة من أجلها، وهي روسيا القيصرية، بل امتدت إلى أقطار أخرى، فأخذت بها أنظمتها السياسية، أو اعتقدت فيها جماعات بدول لم تتبن أنظمتها الشيوعية مذهباً سياسياً، فحدثت بين الجانبين مواجهات ومصادمات، تركت بصمتها على التطور السياسي والاجتماعي. والليبرالية لم تظل حبيسة أوروبا، التي شهدت ولادتها، بل انتشرت لتصبح غاية لمجتمعات عدة في أرجاء الأرض. ووصل الاعتقاد ببعض أتباعها إلى اعتبارها النموذج الأصلح لأي مجتمع في أي مكان من الآن فصاعداً. وإذا كانت تلك الرؤية تنطبق حتى على الدين، بجلاله السماوي وتجذره العميق في الأنفس وانتشاره العريض بين البشر، فإنها من باب أولى يجب أن تمثل عنصراً أساسياً في التعامل مع الطروحات البشرية المتماسكة نسبياً، من فلسفات ومذاهب، بحيث لا نقبل أن يدعي أحد واضعيها أو من يؤمنون بها أن لها مقومات تجعلها قابلة للتطبيق بحذافيرها في الأمكنة كافة، أو أن التاريخ البشري ذاهب إليها حتماً، كما تطرح الشيوعية، أو أن هذا التاريخ تجمد عندها كما يدعي فرانسيس فوكاياما بالنسبة لليبرالية، المجسدة في الديموقراطية سياسياً والرأسمالية اقتصادياً. فالحديث الواثق عن حتميات يسير التاريخ البشري إليها أو تتابع خطاه وفق ما تنطوي عليه من أبنية وغايات، لا يختلف في عنصريته ونرجسيته وأخطائه عن الحديث عن «حتميات بيولوجية» تقوم على العرق والدم وتهمل الروافد الحضارية كافة. وحين تطرح الأديان نهاية لتاريخ البشر على الأرض فإنها تبني ذلك على قيم عظيمة من الحق والخير والعدل والجمال، وتنتصر لكل من ينحاز لهذه القيم، وليس لعنصر ما أو فكرة ما، مصابة بعورات عدة مهما حاول طارحها أن يقدمها في صورة متكاملة، وهو ما أظهره النقد البناء والمتواصل لكل الطروحات التي عرفتها الإنسانية. وعلى النقيض من «حتمية» بعض الطروحات الفكرية كانت السياسة أو بمعنى عام، التفاعل مع القضايا المجتمعية، يسير وفق منطق نسبي ينحاز أكثر إلى «إجراءات التفاوض» التي تقوم على أنه في ظل تعارض الإرادات والمصالح يكون من الصعب حسم الأمور الجوهرية، ولذا يجد المتفاوضون أنفسهم يبذلون جهداً بالغاً من أجل التوصل إلى حل وسط، لا يحقق للجميع كافة ما يصبون إليه من أهداف، بل يوفر لكل طرف جزءاً من غاياته. ويتبسط هذا الوضع أو يتعقد حسب كل حالة تفاوض أو مناقشة أو حتى جدل حول قضايا أساسية، يؤكد الجميع أنها تمس «عصب» وجوده واستمراره، بخاصة إذا كانت لها جذور تاريخية، وتتجلى بصيغ معينة في الواقع المعاش، ويتوقع أن تكون لها انعكاسات في المستقبل المنظور. وبقدر شطح الفكر إلى المثال من دون وضع إجراءات تطبيقية في الواقع، ووفق درجة ارتماء الممارسة في أحضان البراغماتية البحتة، تتسع الفجوة بين ما يجب أن يكون وما هو كائن. وهذه هي إحدى المشكلات الجوهرية التي واجهت الأيديولوجيات. وهنا نجد أنفسنا أمام نهجين الأول يقوم على استقراء الظروف الاجتماعية والسياسية ومنها يتم وضع الأفكار التي تصبو إلى التقدم بالواقع وتطوير الأحوال، والثاني هو الإتيان بأفكار وضعت خارج الواقع المراد تغييره تدريجياً أو المحافظة عليه أو حتى تفجيره رغبة في إعادة تشكيله على أسس جديدة ثم استعمالها على أنها تمثل رؤية اجتماعية، أو إطار فكري للحركة السياسية. وأصحاب كلا النهجين قد لا يتفقان في كثير من الأحيان، فالأول يتهم الثاني بالاغتراب والثاني يتهم الأول بضيق الأفق وغياب المرجعية المتماسكة، وتدني الطموح، أو الالتصاق بالأرض، في سكون وتكاسل ورضى بما هو قائم. وفي مواجهة هاتين الرؤيتين المتناقضتين تتبلور رؤية ثالثة تقوم على بناء إطار فكري ينبع من واقع معين، ويهدف لتغييره إلى شكل اجتماعي أفضل، لكنه في الوقت ذاته لا يستبعد الاستفادة من تجارب وفلسفات مجتمعات مغايرة، من منطلق الاعتقاد في أن ما لدى الآخرين ليس من عند أنفسهم فقط إنما هو كذلك نتاج لحضارات مختلفة، سادت ثم تراجعت، لتفسح الطريق أمام غيرها، طيلة مسيرة التاريخ البشري. ويبرز تيار توفيقي يتحمس للمزاوجة بين «التراث» و «الحداثة» أو بين «الأصالة» و «المعاصرة»، منطلقاً من اقتناع مفاده أنه إذا كان من الصعب تجاهل العطاء الاجتماعي والسياسي للحضارة الغربية في تفوقها الراهن، فإنه من الخطأ إهمال ما يكمن في تراثنا العربي الإسلامي من قيم إنسانية ورؤى اجتماعية. ويستند أنصار هذا التيار إلى داعمين: الأول يرتبط بحركة المجتمع، ليس على مستوى كل فرد على حدة لكن على مستوى الكتلة الرئيسية أو الغالبية الأعم، حيث يسير التمسك بقيم اجتماعية أصيلة بالتوازي مع تبني قيم حديثة ينتمي بعضها إلى الغرب، من دون أن يكون هناك شعور بالانفصام الاجتماعي، يعوق مسيرة الحياة اليومية. أما الثاني فيتعلق باقتناع تام بأن باب الاجتهاد لا يغلق أبداً من الناحية الشرعية، وأن الناس أعلم بشؤون دنياهم، وأن ما يوجد الآن، يختلف كلية عما كان بالأمس، ولذا لا بد من أن تكون هناك استجابة قوية وشافية للتحديات التي يفرضها الواقع الحالي. ولأن هذه التحديات عصرية الطابع، وهي من نتاج حركة التحديث، فإن التعامل معها بأدوات قديمة لن يمكننا من مواجهتها، ولذا لا بد من آليات عصرية يتم استخدامها بوعي، من دون افتئات على الخصوصيات. لكن هناك من يرى أن الزج بالخصوصيات أو التمسك بها يبدو وهماً، والأنجع هو التفاعل مع المعطى العصري المطروح من دون قيود، لأن تيار العولمة سيجرف أمامه كل أولئك الذين يدعون أن ما في تقاليدهم ومورثاتهم أفضل مما هو متاح حالياً. واستقراء خريطة الطروحات السابقة يشي بأن هناك حالة من التعددية في تصور ما يجب فعله لنغذي الحداثة الفكرية، ونفتح الباب أمام حركة التحديث المادي في شتى ضروب المعيشة. وهذه التعددية محمودة إذا كانت قائمة على قاعدة من التسامح والرغبة الصادقة في الحوار والانفتاح، لكنها مذمومة إذا غلبها التعصب وادعاء الصواب وصولاً إلى الزعم باحتكار الحقيقة. والتسامح والحوار لا يعني النزول عما هو معتقد فيه أو يظن أصحابه أنه الأفضل، فلن يضير المجتمع أن تخلص كل فئة لأفكارها، أو كل حزب سياسي لبرنامجه المعلن، ما دام هناك استعداد لسماع الآخر، وهناك قواعد سياسية واجتماعية مرعية تسمح بتنصيب من لديه شرعية ديموقراطية، أو حتى شرعية تقليدية، حظيت ببيعة عامة أو موافقة، مثل الحال في كثير من المجتمعات، التي لم تقطع شوطاً ملموساً على درب التحديث السياسي، شريطة أن تكون هناك نزاهة وشفافية، وإجراءات مستمرة نحو صيغة أكثر ديموقراطية. وهنا تظهر الحالة السيئة التي عليها العرب. ففي المبتدأ لا يوجد تنظير سياسي حقيقي، بقدر ما هو نقل مشوه، يصل أحياناً إلى حد الاجترار الأعمى، لما أنتجته قرائح أخرى. وفي الخبر لا توجد ممارسة تقوم على الحوار والتسامح والإيمان بتلاقح الأفكار ووجود نقاط التقاء بين التيارات الاجتماعية، تفرضها التحديات والقضايا المشتركة، ناهيك عن المعين والمصير المتشابه، أو الواحد كما يعتقد البعض. ويغذي التاريخ هذه الانغلاقية، فمن قبائل متناحرة تدعي كل منها أنها الأكثر شرفاً ومهابة وأحقية في السيادة، إلى فرق متقاتلة تزعم كل منها أنها «الناجية»، وصولاً إلى أحزاب شكلية ليس بينها حوار سياسي حقيقي والتزام بقواعد ممارسة عادلة وشريفة، وسلطة مستبدة تحتكر توزيع الأشياء المادية والمعنوية. لا يعني هذا أن الصورة قاتمة على الدوام، فهناك فترات انقطاع في التاريخ العربي الإسلامي، ساد فيها العدل والإيمان بالاجتهاد، وعلى الدوام ظل المجتمع حياً في رفضه لتردي الأحوال وسعيه للاستيقاظ من حالة السبات، مدفوعاً بما في النص الديني من دعوة للأخذ بأسباب القوة، والتكافل الاجتماعي، ومقاومة السلطان الجائر، وانتهاج الحكمة والموعظة الحسنة سبيلاً لجذب الأتباع وتجنيد الأنصار. لكن هذا التيار بقي دائماً في حالة انكماش لم يتمدد إلا بالقدر الذي يحافظ، إلى حد ما، على نواة الرغبة في الخروج من نفق التاريخ إلى براح التقدم والرقي، سواء بإصلاح ديني واجتماعي، أو باستلهام فترة المنعة والقوة التي مر بها العالم الإسلامي. واستمر هذا الانكماش قروناً حتى وجد العرب أنفسهم موزعين في القرن العشرين على أيديولوجيات شتى. فهناك حركة «الإحياء الديني» التي شملت نسيجاً عريضاً يمتد من الصوفي الانكفائي إلى الراديكالي الذي يتخذ العنف سبيلاً لتغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية السائدة. وهناك حركة «اليسار» حيث المعتنقين للاشتراكية بمختلف ألوانها، ابتداء من الماركسية إلى الاشتراكية الاعتدالية. وهناك تيار «اليمين» الذي تحمس لليبرالية بشكلها الغربي. وأفرزت البيئة العربية أيديولوجيات خاصة بها، في مقدمها «الناصرية» و «البعثية». ولم تقف حدود جامدة بين هذه الأيديولوجيات، إنما كانت، ولا تزال، هناك حالة من التفاعل والتلاقي بينها، لكن هذا يتم على استحياء وعبر فئات وجهات محدودة. وقد أفرز هذا التفاعل، الذي لم يخل من تلفيق، رؤى مثل «اليسار الإسلامي» أو «الإسلام الليبرالي»، وتقابل أغلب الطروحات عند نقطة «التيار القومي»، في حوار بين العروبة والإسلام، من جهة، وفكرة «الاشتراكية العربية» من جهة ثانية. لكن هل بات الطريق مفتوحاً أمام إمكانية الخروج من الدائرة المفرغة؟.. أم أن العرب سيظلون، إلى حين، يجترون المسائل نفسها، ويعيدون الأمور إلى نقطة الصفر؟ إن الإجابة على هذا السؤال ليست يسيرة بأي حال من الأحوال، فهي عصية بقدر تعقد موضوعها وتشعبه، وتداخله مع بنيات فكرية وممارسات حياتية موزعة على أنماط اجتماعية وإنسانية عدة، تصل العلاقة بين بعضها إلى حد التنافر إن لم يكن النبذ والصراع. وهذا الوضع يجعل الوصول إلى حلول شافية لمعضلات من قبيل بناء إطار فكري عام للحركة السياسية العربية، أو تقديم إجابات كافية حول تساؤلات عن الأيديولوجيا التي من الممكن أن تنتشل العرب من غياب مشاريع فكرية قادرة على النهوض بواقعهم المتردي، أمراً صعباً. إلا أنه من الضروري الولوج إلى مثل هذه المناطق الوعرة، مع غياب أي بديل آخر. فمن الصعب، بل من المستحيل، تصور حياة اجتماعية تعمل في فراغ، أو ممارسة سياسية منبتة الصلة عن توجهات فكرية ما، حتى لدى أكثر الأنظمة براغماتية. هذا يعيدنا إلى إجابة على التساؤل المطروح سلفاً مفادها، أن الدرب ليس مفتوحاً لكن من الواجب تعبيده من أجل التقدم باستمرار إلى وضع أفضل. فمثلاً ليس من المتصور فض الاشتباك تماماً بين كافة الثنائيات المتقابلة المذكورة، لكن من الطبيعي أن نبحث عما يجعلها لا تلعب دوراً معوقاً لمسيرة «الأمة» نحو الأمام، وأن نخفف من وطأتها بما لا يراكم ثنائيات جديدة يفرضها التطور العالمي، مثل العولمة/ الخصوصية. فهذه قضية لم تكن مطروحة قبل سنوات قليلة، لكنها صارت حالياً تشكل جزءاً لا يستهان به من الجدل الفكري العربي، وإذا ظل العرب في وضع «المتلقي» أو «القابل» من دون أن يحاولوا لعب دور «الفاعل» فإن الزمن سيراكم عليهم معضلات أخرى تثقل كاهلهم، وتجعل خروجهم من «نفق التاريخ» أمراً أكثر صعوبة. لكن كيف يتم هذا الخروج: هل بالتبعية للآخر؟ أم البحث عن «نموذج اجتماعي» ثبت نجاحه في مجتمع معين واتباع خطاه، بإرادة حرة كاملة، ومن دون ضغط من أي طرف؟ أم ابتداع طريقة خاصة بنا تنبع من ثقافتنا وقيمنا العامة؟ أم نترك الأمور تسير على عواهنها من دون تحديد إطار نتقيد به؟.. إن الصلات بين هذه الخيارات ليست منبتة تماماً، لكن الحضور القوي لإحداها على حساب الاثنين الآخرين، يحدد إلى أي طريقة في الحياة الاجتماعية نتبع، وأي نهج نتلمس خطاه في ظل اعتقادنا أنه سبيل للتقدم بوجودنا. واختلافنا حول هذه الأساليب يؤكد ضرورتها، إذ أن أي مجتمع لا يمكن أن يجّد سيراً على درب التطور من دون أن يتجاوز العشوائية ويحدد إطاراً عاماً لمسلكه. * كاتب مصري