مع تنامي شبكة الإنترنت في وظائفها وحجمها واستخداماتها شهد العالم تغيراً مذهلاً في طبيعة التهديدات ومستوى النشاط الهجومي الموجه الى هذه الشبكة والأنظمة المتصلة بها. فمن المعروف اليوم أن الإنترنت دخلت إلى قطاعات متعددة من الأنشطة الحياتية المعاصرة مثل الصناعة والاتصالات ووسائل الإعلام والخدمات الحكومية وغيرها، ومع هذه الأهمية البالغة لتكنولوجيا المعلومات دولياً (بجوانبها الإيجابية المختلفة) جاء ظهور التهديد بالاستخدام السلبي لتلك المعطيات التكنولوجية بأشكال كثيرة كإمكانية استخدام تلك المعطيات في تنفيذ أعمال إرهابية. وفي هذا الصدد ظهرت مسميات عدة تعبر في مجملها عن استخدامات غير سلمية للفضاء الإلكتروني على نحو يؤثر في طبيعته ووظائفه ودوره، ومن ضمن تلك المسميات وأشهرها مفهوم «الإرهاب الإلكتروني» الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الفكرية والأكاديمية العالمية، (مثلما أثار من قبل – وما يزالُ – مفهومُ الإرهاب التقليدي) حتى أصبح تحديد المقصود بهذا المصطلح في حد ذاته عملية في غاية الصعوبة. من دون الدخول في تلك الإشكاليات المفاهيمية وتشعباتها يمكن القول إن الإرهاب الإلكتروني قد يعني «العدوان أو التخويف أو التهديد مادياً أو معنوياً باستخدام الوسائل الإلكترونية الصادر من الدول أو الجماعات أو الأفراد عبر الفضاء الإلكتروني، أو أن يكون هدفاً لذلك العدوان بما يؤثر على الاستخدام السلمي له». أي أن هذا النوع من الإرهاب يتلخص في كونه عبارة عن عدوان مادي أو معنوي يتم باستخدام الوسائل الإلكترونية في شكل أساسي، ويوجه ضد أجهزة الكومبيوتر أو البيانات الموجودة فيها، في شكل يؤثر على عملها ويحدث فيها خللاً أو اضطراباً. ونظراً الى الطبيعة المعقدة لهذا النوع من الإرهاب، بسبب ما يشتمله من استخدام للفضاء الإلكتروني بصورة سلبية (تختلف باختلاف الفاعلين ودوافعهم)، وعدم توافر درجة عالية من الدقة واليقين في شأن مستخدميه، فإن الأمر يتطلب تعاوناً دولياً مشتركاً لمكافحة هذا النوع من الإرهاب، ومواجهته من النواحي القانونية والمعلوماتية وغيرهما، والعمل على توفير بيئة دولية آمنة للاستخدام السلمي للفضاء الإلكتروني.